يَجني مزارعو البلدان الفقيرة للمرة الأولى، ثمار معاهدةٍ دولية مُلزمة لصَون أصنافٍٍ محصولية وإكثارها يمكن أن تُشكل عماداً للأمن الغذائي الدولي في العقود المقبلة. فمن خلال برنامج للتشارُك في الفوائد، يُعلن عن تنفيذه في إطار المعاهدة الدولية للموارد الوراثية النباتية لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، ينتظر أن تتدفق تبرّعات من حكومات كثيرة تدعم خمسة مشروعات من هذا النموذج لمصلحة مُزارعي الُبلدان الفقيرة. وفي اجتماع يعقِده الجهاز التنفيذي للمعاهدة الدولية للموارد الوراثية النباتية في مجال الأغذية والزراعة، في مدينة تونس بين الأول من حزيران (يونيو) الجاري والخامس منه، ُيزاح السِتار عن هذه البرامج التي تشكِّل حصيلةً لنحو 300 طلب قدمتها منظمات المُزارعين وهيئات البحوث والمُزارعون أنفسهم لهذا الغرض عبر بلدان في قارات أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وتُرسي هذه البرامج أول سابقةٍ لتحويل الفوائد المالية، بموجب المعاهدة التي وقِّعت أولاً عام 2004، لإنشاء رصيدٍ عالمي مشترك يشمل ما يتجاوز مليون عيّنة من الموارد الوراثية النباتية المكوِّنة لنحو 64 محصولاً غذائياً رئيساً في العالم اليوم. ونقل موقع «فاو» الإلكتروني، أن المعاهدة الدولية تُنص على أن تطوير أي مُنتج تجاريّ من هذا الرصيد الوراثي وتسجيله ببراءةٍ جديدة، شرط تسديد 1.1 في المئة من قيمة مبيعاته إلى صندوق التشارُك في الفوائد. وتَرِد الدُفعة الأولى من التبرُّعات لمشروعات التشارُك في الفوائد المالية إلى رصيد المعاهدة، بقيمة 250 ألف دولار كتبرّعاتٍ من النرويج وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا لتوفير رأس مالٍ تأسيسي لخطّة التشارُك في الفوائد بموجب المعاهدة. نموٌ بطيء وقد يستغرق النمو النباتي عشر سنوات أو أكثر لتسجيل مُنتَجٍ واحد مُستَجَد، ما دفع الحكومات المعنيّة، إلى دعم خطّة مشروعات التشارُك في الفوائد المالية لغرض توفير دعمٍ مالي. وفي النرويج ُأعلِن عن تحصيل ضريبة صغيرة على بيع البذور في السوق المحلية لتمويل هذه التبرّعات. على أن المشروعات المستهدَفة المُختارة للتمويل لا بد من أن تؤمن معايير لدعم المُزارعين الفقراء، الذين يصونون أصنافاًٍ مختلفة من البذور من شأنها أن تساعِد على الحدّ من الجوع على الصعيد الدولي. وتعتمد البُلدان كافة على رصيد التنوّع الوراثي النباتي للمحاصيل من بلدانٍ ومناطق أخرى، إذ ما من بلدٍ يؤمن اكتفاءً ذاتياً من تلك الموارد. لذا تبرُز أهمية التعاون الدولي والتبادل الحرّ للموارد الوراثية كركنٍ ضروري للأمن الغذائي. ويُستخدَم حالياً نحو 150 محصولاً، كأساسٍ لتلبية الاحتياجات الغذائية لمعظم سكان الأرض، ويوفِّر أقل من 12 محصولاً منها نحو 80 في المئة من الطاقة الغذائية المُستَمدة من النباتات، من ضِمنها أربعة محاصيل فقط هي الرز والقمح والذرة الصفراء والبطاطس وتؤمن نحو 60 في المئة من مجموع احتياجات الطاقة الغذائية. غير أن أصنافاً نباتية جديدة، غير مستغلّة تتواجد في أصعب المناطق الجغرافية في البلدان الفقيرة، دَرَج المزارعون المحليّون على زرعها بأساليبٍ تقليدية ولم تُسوّق قَط تجارياً. ويحوم القلق حول إمكان فقدان مثل هذه الأصناف المحصوليّة التي نجحت في تطوير مُقاومة ذاتية لحرارة الصيف وبرودة الشتاء ولفترات الجفاف المطوّلة. ويدرس المندوبون إلى اجتماع تونس، الاتفاق على سُبُل الإسراع بوتيرة التشارُك في الفوائد المترتّبة على جوانب المعاهدة الدولية للموارد الوراثية النباتية. وقد يتضمن نداءً يُوجّهه الجهاز التنفيذي للمعاهدة إلى الحكومات والأطراف المتبرِّعة لتعبئة 116 مليون دولار بهدف تدعيم أنشطة المعاهدة في العمل على مساعدة البُلدان النامية للنهوض بزراعة المحاصيل.