طالبت منظمات محلية تونسية بسحب مشروع قانون لزجر الاعتداءات ضد القوات المسلحة لتضمنه تهديداً واضحاً لحرية التعبير، فيما أعاد البرلمان النقاش بخصوص مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية الذي تعارضه قوى سياسية ومدنية وشبابية عدة. وحذرت منظمات المجتمع المدني مما اعتبرته «عودة العقوبات السالبة للحرية في مجال الصحافة التي تصل إلى السجن 10 سنوات بتهم فضفاضة مثل كشف أسرار الأمن الوطني»، داعيةً الى سحب مشروع القانون الذي يؤسس لعودة النظام البوليسي الدكتاتوري. وطالبت المنظمات، في بيان مشترك أصدرته أمس، بسحب مشروع القانون من أروقة مجلس النواب، معتبرةً أن عرض مشروع قانون زجر الاعتداء على قوات الشرطة والجيش فيه «استهداف لحرية الصحافة وحرية التعبير والتظاهر ويجعل المؤسستين الامنية والعسكرية فوق كل نقد ومساءلة». في المقابل، صرح وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني بأن مشروع القانون «وضِع لسد فراغ قانوني وبعض البلدان الديموقراطية قامت بسن هذا النوع من التشريعات لحماية قواتها الأمنية»، مشدداً على ضرورة بعث رسائل طمأنة للأمنيين والعسكريين من خلال مشروع قانون زجر الاعتداء عليهم. وأكد الحرشاني أن مشروع القانون يتضمن التزاماً بحماية حقوق الإنسان والنواميس الدولية المتعلقة بدولة القانون. وأضاف: «لن يكون هناك تأثير سلبي على منظومة حقوق الإنسان نظراً إلى وجود ضوابط وقيود تحمي الحريات إضافة الى الجوانب الوقائية والتوعوية والزجرية». وأوضح الحرشاني، في كلمة ألقاها أمام لجنة برلمانية مساء أول من أمس، أن «هذا المشروع سيحمي العسكريين في تعاملهم مع وضعيات دعم السلطات المدنية وحماية المنشآت العسكرية الموجودة داخل المدن كالإدارات والثكنات لاسيما وأن القوات العسكرية وفي بعض الوضعيات تكون غير محمية». ويتضمن مشروع قانون «زجر الاعتداء على الأمنيين والعسكريين» فصولاً تشدد العقوبات على المتظاهرين والصحافيين الذين يوثقون الاشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين تصل إلى السجن 10 سنوات، كما يمنح هذا المشروع حصانة لقوات الشرطة أثناء تأديتها مهماتها. في سياق متصل، صادقت لجنة التشريع العام البرلمانية على 6 فصول من أصل 12 فصلاً من مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية المقدم من قبل رئاسة الجمهورية، والذي يهدف إلى المصالحة مع موظفين ورجال أعمال مقربين من نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وتوافق غالبية اعضاء اللجنة بخصوص المصادقة على الجزء المتعلق بالموظفين العامين، بينما سُحب الجزء الثاني من مشروع القانون الخاص بالتهرب الضريبي من قبل رئاسة الجمهورية. ويُنتظر أن يشمل هذا المشروع آلاف الموظفين ورجال الأعمال الذين يواجهون تهماً تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والحصول على امتيازات غير قانونية. وتزامناً مع انطلاق المصادقة على مشروع قانون المصالحة، دعت كتل نيابية معارضة (الجبهة الشعبية والتيار الديموقراطي وحركة الشعب) إلى سحب مشروع القانون الذي لا يتماشى مع سياسة مكافحة الفساد ووقف الفاسدين التي أطلقتها الحكومة منذ شهرين. وتدعو كتل الغالبية النيابية الى ادخال تعديلات على مشروع القانون حتى يتلاءم مع الدستور ومسار العدالة الانتقالية الذي بدأ منذ 3 سنوات، فيما تدعو المعارضة اليسارية والقوى الشبابية الى إسقاط مشروع القانون مهددةً بتصعيد التظاهرات.