رام الله - أ ف ب - شدّدت منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضاتها مع إسرائيل على أن حل قضية اللاجئين يجب أن «يحقق العدالة الحقيقية» لهم، وأن دولة فلسطينية قابلة للحياة لا يمكن أن تقوم من دون أن تكون القدس عاصمة لها. جاء هذا الموقف في وثائق رسمية قدمتها منظمة التحرير في حزيران (يونيو) عام 2010 في إطار المفاوضات مع إسرائيل، وسلمها مسؤول فلسطيني كبير لوكالة «فرانس برس» أخيراً. ويأتي الإفصاح عنها بعد قيام قناة «الجزيرة» القطرية بنشر مئات الوثائق السرية المتعلقة بالمفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية والتي تتهم المفاوضين الفلسطينيين بتقديم تنازلات كبيرة لإسرائيل، خصوصاً في ما يتعلق بالقدس واللاجئين. والوثائق التي حصلت عليها الوكالة «معدة لغرض النقاش فقط ولا يتم الاتفاق على شيء حتى يجرى الاتفاق على كل شيء». وبحسب المسؤول الفلسطيني: «تضم هذه الوثائق الأصلية الرؤية الفلسطينية للحل في شأن قضايا اللاجئين والقدس والأمن والحدود والمياه والاستيطان والأسرى ورفات الشهداء المحتجزة لدى إسرائيل». وقال «إنها قدمت رسمياً إلى الولاياتالمتحدة باعتبارها الوسيط والراعي للمفاوضات، كما تم تسليمها إلى الأمين العام للجامعة العربية (عمرو موسى)، وإلى رئيس لجنة المتابعة العربية الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر، وإلى كل من مصر والأردن». وبحسب الوثيقة التي تتطرق للاجئين، فإن منظمة التحرير تعتبر أن «اعتراف إسرائيل بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم يجب أن يشكل نقطة انطلاق لعملية تفضي إلى خلق واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي لا يقوم على أساس الاضطهاد والقمع وحرمان الناس من حقوقهم والتمييز بينهم». وتضيف أن «هذا الاعتراف لن يخلق أزمة دائمة بالنسبة إلى إسرائيل، ومن الأهمية بمكان ألا يوفر الحل المرتقب لقضية اللاجئين مجرد تسوية سياسية رفيعة المستوى، بل يتوجب أن يكفل هذا الحل العدالة الحقيقية للاجئين أنفسهم لأنهم يحتاجون إلى عقود للتعافي من التجربة المريرة التي خاضوها». وحذرت منظمة التحرير في الوثيقة من أن «من غير المحتمل أن تكتب الاستدامة لأي اتفاق سلام يعجز عن معالجة قضية اللاجئين لأن من شأن ذلك أن ينزع الصفة الشرعية عن أية جهود تبذل في سبيل التوصل إلى السلام أو التسوية المنشودة، فلا يمكن أن نصل إلى السلام على حساب الضحايا». وفي محاولة لطمأنة إسرائيل، أكدت الوثيقة أن اعتراف الدولة العبرية بحق اللاجئين بالعودة «لن تتمخض عنه إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط بين عشية وضحاها، ولن تترتب عليه حال وضعه موضع التنفيذ إعادة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الشرق الأوسط إلى ما كانت عليه قبل ستين سنة»، أي قبل قيام إسرائيل. وأوضحت أن المنظمة تسعى إلى التوصل «إلى حل عادل متفق عليه لقضية اللاجئين بموجب القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المستند إلى مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى حل عادل متفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين». وترى القيادة الفلسطينية أن «اعتراف إسرائيل بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم سيفتح الطريق للتفاوض على طريقة تنفيذ هذا الحق ويعتبر الاختيار عنصراً محورياً في هذه العملية، إذ يتعين السماح للاجئين الفلسطينيين باختيار كيفية إنفاذ حقوقهم وتسوية أوضاعهم». وتابعت: «يجب أن تنحصر الخيارات المتاحة للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى إسرائيل أو إعادة التوطين في الدولة الفلسطينية العتيدة أو دمجهم في الدول المضيفة أو إعادة توطينهم في دول أخرى». كما تتطرق الوثيقة إلى قيام إسرائيل ب «جبر الضرر» الذي وقع باللاجئين من خلال الاعتراف بمسؤوليتها عن مأساتهم ورد أملاكهم أو تعويضهم، إضافة إلى تعويضهم عن الضرر المعنوي الذي لحق بهم. وفي ما يتعلق بموقف الوفد الفلسطيني من القدس، وبحسب هذه الوثائق، فإن المفاوضين الفلسطينيين يطالبون بأن تكون «القدسالشرقية بموجب حدودها البلدية التي كانت قائمة قبل احتلالها عام 1967 عاصمة دولة فلسطين، وتكون القدسالغربية عاصمة دولة إسرائيل». وبحسب ما ذكرت الوثيقة التي تعبر عن الرؤية الفلسطينية للحل النهائي: «يتمتع المواطنون الفلسطينيون المقدسيون بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية كافة التي اكتسبوها وهم خاضعون للاحتلال الإسرائيلي». وجاء في الوثيقة أن «الاعتراف بالقدسالشرقية بصفتها عاصمة لدولة فلسطين أمر لا غنى عنه، فلن تقوم من دون هذا الاعتراف دولة فلسطينية قابلة للحياة». وجاء أيضاً في الوثائق أن المفاوضين الفلسطينيين وافقوا على تبادل «طفيف» للأراضي في حال توقيع أي اتفاق سلام مع إسرائيل، شرط «أن يكون في المنطقة الجغرافية ذاتها للأراضي المتفق على التبادل فيها وبالنسبة نفسها».