تنتظر عائلات مسيحية عراقية نزحت من المناطق التي تشهد أعمال عنف إلى إقليم كردستان العراق، إتمام إجراءات إعادة توطينها في دول غربية عبر منظمة الهجرة الدولية، فيما تبحث عائلات أخرى عن طرق للهجرة غير الشرعية، ويفضل آخرون البقاء في كردستان. ويقول أبو سارة (رفض كشف اسمه الحقيقي)، الذي يعيش موقتاً في أربيل بعد نزوحه من بغداد، إنه ينتظر رداً من المنظمة، بعدما أنهى إجراءات تقديم طلب للهجرة إلى الولاياتالمتحدة «لأنها الدولة الوحيدة التي أبدت استعداداً لاستقبال لاجئين عراقيين». ويضيف: «سيتوقف الحكم على المعطيات وقناعة المسؤولين في المنظمة وأسباب طلب الهجرة، والوضع في العراق ليس خافياً على أحد». أما سمير الخوري، الذي فر من بغداد أيضاً، فأعد العدة لهجرته المتوقعة إلى الولاياتالمتحدة. ويقول: «يجب أن يكفلك شخص ما هناك، ونحن لدينا أقارب بما يكفي ليكفلونا، وسنلتحق بهم. لا توجد تكاليف للسفر، وحتى تذكرة الطيران تدفعها منظمة الهجرة، على أن يكتب طالب اللجوء تعهداً بسداد ثمنها». ويوضح أسباب مغادرته إقليم كردستان العراق قائلاً: «الوضع هنا آمن والحياة مستقرة، لكننا لا نجيد اللغة الكردية، ويلزمنا وقت طويل كي نتمكن من إجادتها، إضافة إلى أن فرص العمل لا تدر دخلاً كافياً، والأهم من ذلك، نريد أن نشهد استقراراً نهائياً في حياتنا في بلد بعيد من العراق... تعِبْنا من الكر والفر والسفر والانتقال المستمر». غير أن آخرين لم يطيقوا الانتظار للبت في طلبات هجرتهم، وقرروا اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية. ومن هؤلاء هيفاء دانيال، التي تخطط للسفر إلى ألمانيا بعدما هاجر ابناها إلى هناك قبل أكثر من عام. تقول هيفاء إن ابنيها «حصلا على الإقامة بعد وصولهما، لأن ألمانيا تمنح تراخيص إقامة للاجئين من الأقليات العراقية بسرعة». وتضيف: «الآن ليس عندي ما يشدني هنا، عائلتي موجودة في ألمانيا، وأنتظر أن يردني خبر في أي وقت لالتحق بهما. اتفقنا مع سمسار يعرف هذه الطرق والبلدان التي سنمر بها وصولاً إلى ألمانيا، ولم تبق سوى الترتيبات الأخيرة لتكتمل المجموعة التي تضم مواطنين عراقيين وأجانب من جميع الأديان والقوميات، وتبدأ رحلتنا». وتتحمل العائلات التي تهاجر بطرق غير شرعية تكاليف باهظة للرحلة تصل إلى 15 ألف دولار لكل شخص، لذا فإن الراغبين في السفر بهذه الطريقة هم قلة، نظراً إلى عدم تمكن غالبية العائلات من السفر دفعة واحدة وتحمُّل التكاليف كلها، ويكتفي بعضها بإرسال شخص أو شخصين، على أن تُستكمَل لاحقاً إجراءات اللحاق بهم بطرق لجوء رسمية. لكن بعض المسيحيين اختاروا البقاء في إقليم كردستان ورتبوا أوضاعهم لسكن دائم. يقول علاء توما، الذي قَدِمَ مع عائلته من بغداد ويسكن مدينة أربيل حالياً، إن «الظروف مناسبة جداً للعيش والإقامة، فالإقليم جزء من العراق، والمواطن هنا في موطنه معزز وليس مهاجراً يتصدق عليه الآخرون». وأشار إلى أن «إقليم كردستان العراق يشهد أوضاعاً أمنية مستقرة. صحيح أن هناك غلاء في أسعار الإيجارات والأسواق، لكن هذا هو حال جميع المواطنين. العائلات التي قدمت مثلنا من مناطق أخرى يجب أن تبذل جهداً أكبر لإتقان اللغة الكردية، أو على الأقل فهمها، والبحث عن فرص عمل مناسبة. أنا لي في أربيل الكثير من الأقارب والأصدقاء الذين كنت أعرفهم في بغداد، أضف إلى ذلك أنك مازلت في العراق، لذا أنا مطمئن ومرتاح». واستقبل إقليم كردستان العراق أكثر من ألف عائلة مسيحية نزحت إليه منذ الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في بغداد نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، الذي راح ضحيته نحو 60 قتيلاً، فيما تقدر إحصاءات غير رسمية تراجع عدد المسيحيين في العراق من نحو مليون ونصف المليون إلى أقل من 750 ألفاً منذ الغزو الأميركي العام 2003. وأوعز رئيس الإقليم مسعود بارزاني بتشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية لاستقبال المواطنين المسيحيين المهجرين من مناطق العراق الأخرى، فيما ناشدت حكومة الإقليم البلدان المهتمة دعمها في تأمين مستلزمات حياة هذه العائلات.