فتح باحثون أميركيون باباً للأمل بقرب إيجاد لقاح للأنفلونزا الموسمية، يعطي وقاية تستمر مدى الحياة، كما يقاوم فيروس الأنفلونزا بأنواعه كافة. وساهمت البحوث في وباء أنفلونزا الخنازير في هذا التقدم، ما يعني أن الهلع الكبير الذي رافقه لم يذهب هباء. وللتذكير أصاب هذا الوباء قرابة 60 مليون شخص. وفي خطوة متقدّمة، لاحظ بعض العلماء الأميركيين أن مناعة بعض من أصيبوا بفيروس «أتش1 آن1» المُسبب لأنفلونزا الخنازير، قد ارتفعت وصارت قادرة على مقاومة فيروسين آخرين: الإنفلونزا الموسمية ووباء الطيور. وترأس البروفسور رافي أحمد الفريق العلمي الأميركي الذي عمل في جامعة إموري في أتلانتا. ونُشِر البحث أخيراً في مجلة متخصصة في الطب التجريبي هي The journal of experimental medecine. وتكمن أهمية هذا المعطى العلمي في أنه يفتح الباب أمام صنع لقاح للأنفلونزا يدوم طيلة العمر، إضافة الى إمكان القضاء على الأوبئة المذكورة. والمعلوم ان الصعوبة الرئيسة في صنع لقاح دائم وثابت ضد فيروس الإنفلونزا الموسمية، تكمن في أن هذا الفيروس يغيّر تركيبته سنوياً. وإذ يتعرّف العلماء الى تركيب الفيروس الذي ينشر الأنفلونزا في سنة معينة، فإنهم يصنعون لقاحاً يقاوم هذا الفيروس تحديداً. ولأن الفيروس يغيّر تركيبته في السنة التالية، فإن اللقاح لا يعطي سوى مقاومة جزئية ونسبية ضد الفيروس الجديد. ومع كل سنة، تتكرر هذه الدورة. ووفق إحصاءات أوروبية رسمية، تزايدت إصابات الأنفلونزا الموسمية في السنوات الأخيرة، وصارت تصيب مرضى أصغر عمراً، ما يعني أن الأجيال الجديدة من الفيروسات باتت أكثر قوة وأشد فتكاً. وما زال العمل جارياً لمقارنة رد فعل نظام المناعة عند البشر على أنواع فيروسات الأنفلونزا المختلفة. ويتوقع الفريق المشار إليه ان يستغرق العمل ما يتراوح بين 5 و10 سنوات، مع إمكان حدوث اختراق علمي ما، بطريقة تقصّر هذه المُدّة. وتكلف الأنفلونزا ولقاحاتها أموالاً طائلة للنظام الصحي العالمي، إضافة إلى ضياع بلايين من ساعات العمل. وتُظهر عجز التقدم العلمي أمام الفيروس، احد اصغر الكائنات، الذي يبدو انه أخطأ مسار طريق تطوره في بداية الحياة فبقي يتربص بكل الكائنات المتطورة، وعلى رأسها الانسان. وفي المقابل، يُطوّر هذا الصراع نظام المناعة في الجسد البشري بطريقة طبيعية. ولأن البيئة تمثّل نظاماً متكاملاً، يؤدي تدهور التنوّع البيولوجي الى تقوية الفيروسات. وفي شكل عام، يعتقد أن انقراض الأنواع الضعيفة مرده إلى انتشار الفيروسات التي تحملها الكائنات الأكثر قوة، وبديهي أن الفيروسات الأخيرة هي أكثر قوة أيضاً. وبات بديهياً أيضاً القول ان العناصر التي تساعد على تدهور التنوّع البيولوجي وتعمّق ظاهرة انقراض الأنواع، تشمل التغيّر في المناخ، الانفجار الديموغرافي وزيادة التبادل التجاري العالمي والتربية المكثفة للأغنام والدواجن وغيرها.