لست لاعب كرة قدم، ولا أجيد حتى دحرجة «الكرة» أو ركلها أو حتى مداعبتها كما يفعل أقل اللاعبين موهبة وحظاً. مثلي مثل أي مشجّع سعودي يعشق بلاده، وتحرّكه عاطفة وطنية وانتماء لكل ما هو سعودي. مشاهد يكره هزيمة منتخب بلاده، حتى وإن قيل إن الكرة «عالم اللا منطق». في البطولة الآسيوية المقامة في الدوحة، حضر منتخب سعودي رديء. منتخب هزيل بل هزيل جداً. منتخب لا حول له ولا قوة. لاعبون يغنون على «سكة التائهين». منتخب مهزوم سلفاً، وقيل «مغرور» سلفاً. منتخب يلعب بلا روح، لا تنقذه خططه حتى وإن جلبت سفينة نوح. منتخب في السنوات الأخيرة أشبه ب «قطيع» متقطع القوى. منتخب يحتاج إلى غربلة تاريخية وهيكلة تنظيمية كبيرة. لاعبون يمثّلون المملكة العربية السعودية ويلبسون شعارها، وهم لا يكترثون بجمهور «وفيّ» يقف معهم، ويساندهم ويشجعهم، ويطير خلفهم من بلد إلى بلد. لاعبون يخسرون في الدوحة بالواحد والاثنين والخمسة، وكادت تعود إلى الذاكرة «ثمانية الألمان». لاعبون يخرجون من كل مباراة خاسرين، ثم يضحكون ويتحدثون إلى القنوات التلفزيونية للتبرير من دون الاعتذار، وكأنهم يريدون التجريح بالتصريح. منتخب فقد شخصيته القوية. وتنازل عن هيبته الإقليمية والقارية والدولية. منتخب إن كانت له ميزة فهي سقم لاعبيه، وضعف أداء إدارييه ومدربيه، حتى أضحى استراحة ومحطة سهلة للمنتخبات الأخرى، حتى إن فرقاً صغيرة تجرّأت عليه، ولقّنته دروساً مجانية في فنون الكرة والحماسة الرياضية. من شاهدناهم في الدوحة لاعبون لا يستحقون الاحترام، بل يستحقون خرم الآذان، حتى يفيقوا من «غفوة» أضعفت تاريخ «أسياد آسيا» الأوائل، ودحرجت مكانته بالهزائم من بطولة إلى بطولة، وحرمتنا الحماسة وروح المنافسة. لم نرَ في الدوحة، ياسراً ولا تيسيراً ولا وليداً ولا نايفاً ولا كاملاً ولا ناصراً، بل رأينا عاسراً وهايفاً وناقصاً وخاسراً. مرة أخرى، لست لاعب كرة ولا خبيراً رياضياً، ولا أعرف إلا عدداً قليلاً من أهل الرياضة، لكنني أعشق منتخب بلادي، وأحب فانيلة «خضراء» كما يحبها السعوديون بكل مشاربهم ومشارقهم ومغاربهم. للأسف اكتظت المقاهي وتعطّلت الحركة، وامتلأت المدرّجات بجماهير سعودية وأخرى عربية لمساندة منتخب سعودي، كانت صفته «سيد آسيا»، ولم تجد أخضر حماسياً له زئير أسد، أو حتى هزيز ريح. ربما نتعلم من درس الدوحة «المجاني»، لكنني أخشى ألا نتعلم مثلما لم نتعلم من دروس كروية «مجانية» سابقة. [email protected]