اتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من وصفهم ب «الأشقاء» بدعم الإرهاب وتمويله ابتغاء «أوهام الهيمنة والسيطرة وأحلام الزعامة الكاذبة»، وربط بين «التصدي للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة ونهاية حقيقية لظاهرة الإرهاب»، بعدما كان تعهد «عدم التسامح» مع الدول التي دعمت الإرهاب في مصر. وجدد دعوته إلى «تصويب الفهم الديني» واعتبر أن «التنمية الحقيقية الشاملة تحتاج إلى مناخ ملائم لها وخطاب ديني وفكري وثقافي متطور». وشن الرئيس المصري هجوماً لافتاً على قطر، من دون أن يسميها، في كلمته على هامش حضوره أمس احتفالاً نظمته وزارة الأوقاف المصرية لمناسبة ليلة القدر في القاهرة، وقال: «اسمحوا لي أن أتحدث إليكم بصراحة، فبينما نبذل نحن حكومة وشعباً أقصى الجهد لمكافحة الإرهاب والتصدي له نجد أشقاء لنا وغير أشقاء، للأسف أشقاء، يقومون بدعم الإرهاب وتمويله ورعايته». وأضاف: «نجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب، وفكره، المنابر الإعلامية والثقافية، ينفقون عليها مليارات الدولارات سنوياً ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامي المدمر، يستغلون التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته الحضارة الإنسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من أمان». ولفت إلى أن كل ذلك «ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة». وتساءل الرئيس المصري: «هل أصبحت مقدرات الشعوب لُعبةً سياسية؟ هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة؟ هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة؟». ودعا العالم إلى «وضع حد لهذا الأمر، فالتصدي للدول الراعية للإرهاب بكل حسم وقوة أصبح فرضاً واجباً إذا ما أردنا نهاية حقيقية لظاهرة الإرهاب»، وشدد على أن استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تسير على «أقدام ثابتة وليست مرتعشة، والقضاء على خطر الإرهاب لا يمكن أن يتم من دون تدمير بنيته التحتية، سواء المالية أو الفكرية»، قبل أن يوجه الدعوة إلى هذه الدول قائلاً: «كفاكم تمادياً وتَعالَوْا إلى كلمةٍ سواء نجتمع فيها على التعاون والخير والبناء لما فيه صالح شعوبنا»، قبل أن يخاطب المصريين، مشدداً على أن «أمن مصر القومي هو خط أحمر لا تهاون فيه. مصر ستنتصر على الإرهاب». وذكر الرئيس المصري في احتفال أمس أنه «خرجت من بيننا جماعات وأفراد أساؤوا فهم الدين، وفي أحيان أخرى كثيرة تعمدوا إساءة فهم الدين واستغلاله لتحقيق أهداف سياسية» ولفت إلى أن «هذه الإساءة المتعمدة لفهم الدين، وهذا الخطاب المتشدد الإقصائي، لم يساهما فقط في توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف، ولكن قاما كذلك بتسميم مُجمل نواحي الحياة، بعيداً من المبادئ التي أرستها الديانات المختلفة». وشدد السيسي مجدداً على أن تصويب الفهم الديني، وتجديد مجمل الخطاب الديني، «هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة»، قبل أن يشيد ب «دور الأزهر الشريف، مؤسستنا العملاقة التي نفتخر بها، والتي كانت على مدار أكثر من ألف عام، ومازالت، وستظل أهلاً للافتخار والثقة»، لكنه ألقى بمسؤولية تجديد الخطاب الديني على «عاتق المجتمع بأسره، الذي يتعين عليه أن يقف وقفةً صادقة مع ذاته، يقرر فيها أنه آن الأوان للنظر إلى المستقبل وبنائه بدلاً من التعلق بأهداب الماضي. آن أوان نبذ التطرف والإقصاء والانغلاق والتشدد، والانفتاح على الدنيا بثقة وحب وتسامح». ونبه السيسي في كلمته إلى أن التنمية الحقيقية الشاملة التي تنقلنا من حال إلى حال، «تحتاج لكي يتوافر المناخ الملائم لها، إلى خطاب ديني وفكري وثقافي متطور، ومجتمع ودولة خاليين من الإرهاب بصوره المختلفة، فمن دون ثورة فكرية شاملة نغير بها طريقة نظرنا للأمور، ونوثق اتصالنا بالعالم الحديث، وروحه العصرية المنطلقة، لا يمكن تحقيق التنمية التي نصبو إليها، فالتنمية لا تقوم على الأساس المادي فقط، بل تستلزم أساساً فكرياً ومعنوياً وروحياً». وأضاف السيسي «نحتاج إلى غنى الفكر وثرائه وتجديده وانفتاحه ومرونته، نحتاج بجانب ما نحققه من إنجازات تنموية تتزايد يوماً بعد يوم، إلى تجديد منهج فكرنا، ومواجهة الإرهاب وإضعافه وصولاً للقضاء عليه نهائياً، وبحيث تنطلق التنمية بسرعة أكبر ووسط ظروف أكثر ملاءمة». ولفت السيسي إلى أن الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي ارتفع إلى معدلات غير مسبوقة منذ العام 2011، ورأى أن هذه «مجرد بداية لما نرجو الوصول إليه، وأن الاحتياطي النقدي المتزايد، والصادرات التي يرتفع حجمها، والنمو المضطرد في الناتج المحلي الإجمالي، كل هذه مؤشرات تطمئن قلوبنا على أننا على الطريق الصحيح، وأننا برغم ما نتكبده من عناءٍ ومشقة في طريق الإصلاح الاقتصادي، إلا أننا عاقدون العزم على الاستمرار حتى نحصد ثمارَ صبرنا». وطالب السيسي المصريين والجهات الأمنية ب»الانتباه وتوخي الحذر في هذه الفترة، التي تستهدف فيها قوى الشر النيل من استقرار مصر وأمنها، على كل المصريين أن ينتبهوا لحماية دور العبادة والمنشآت الحيوية في مختلف أنحاء الدولة، كونوا متيقظين ومستنفرين للدفاع عن مقدراتنا.. فقوى الشر تسعى إلى قتلنا وتدميرنا». وكان السيسي تعهد أول من أمس، على هامش حضوره إفطاراً نظمته الرئاسة، ب»عدم التسامح» مع الدول التي ترعى وتدعم الإرهاب في مصر، مشدداً على أن موقف بلاده «ثابت بضرورة وقفة حاسمة تجاه الدول التي ترعي الإرهاب وتدعمه»، مشيراً إلى أنه «يتم إنفاق المليارات سنوياً لتمويل الجماعات الإرهابية»، واستنكر أن «تنفق هذه الأمة أموالها لهدم بلادها. كان لا بد من وقفة. وموقفنا ثابت ولن نتخلى عنه .. من دعم وأنفق لهدم بلادنا لن ننساهم ولن نتسامح معهم». وأعلن السيسي خلال كلمته أول من أمس حزمة إجراءات لزيادة الدعم للطبقات الفقيرة والموظفين.