تونس، باريس - أ ف ب، رويترز - شهدت تونس أمس يوماً هادئاً نسبياً، دعا السلطات الأمنية إلى تخفيف حظر التجول «بسبب تحسن الأوضاع الأمنية». واستمرت القوات الأمنية في ملاحقة أعوان الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ونجحت في اعتقال بعضهم، وعلى رأسهم الجنرال السرياطي المدير السابق لأمن بن علي وقيس بن علي ابن أخ الرئيس المخلوع. وشهد ليل أول من أمس تحليقاً لمروحيات الجيش التي استخدمت أضواءها الكاشفة بعد إنذارات بتحركات مشبوهة لسيارات يطلق ركابها النار على منازل. وتم صباح اليوم تخفيف الطوق الأمني حول وسط العاصمة ورفعت الحواجز التي نصبت ليلاً في الشوارع المؤدية إليه مع انتشار امني أقل وضوحاً. وبدت الشوارع الكبرى شبه مقفرة وانتشر الجيش في المناطق الحساسة من العاصمة وخصوصاً مطار تونسقرطاج الدولي ومقر التجمع الدستوري الديموقراطي حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وانتشر في بعض التقاطعات جنود وشرطيون بالزي. وذكر مصدر رسمي أمس انه تم توقيف الجنرال علي السرياطي، المدير السابق لأمن الرئيس المخلوع وعدد من مساعديه بتهمة «التآمر على الأمن الداخلي» في تونس. وأوضح المصدر أن السرياطي احد ابرز مساعدي بن علي ومن معه «تم توقيفهم في بنقردان» (550 كلم جنوبي العاصمة) حين كانوا يحاولون الفرار إلى ليبيا. وقال المصدر «كانوا يحاولون الذهاب إلى ليبيا حين ألقت قوات الجيش والأمن القبض عليهم». مضيفاً انه «تم عرضهم الأحد على النيابة». وفي أول تأكيد رسمي لوجود ميليشيات تخريب منظمة يقودها السرياطي اكد المصدر أن «شوارع العاصمة وضواحيها قد عرفت خلال الفترة الأخيرة تحركات مشبوهة لمليشيات عملت على إثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي لغاية التآمر على امن الدولة الداخلي». وأفاد شهود بأن الجيش التونسي اعتقل ليل السبت الأحد قيس بن علي ابن أخ الرئيس المخلوع زين في مدينة مساكن (130 كلم جنوب العاصمة). وقال هؤلاء الشهود إن قيس بن علي اعتقل مع عشرة أشخاص آخرين كانوا «يطلقون النار عشوائياً» من سيارات للشرطة. وذكر شاهدان أن احد أفراد هذه المجموعة المسلحة قتل خلال عملية الجيش، وأكدا انهما تعرفا إلى قيس بن علي ابن من بين المعتقلين. وكانت مجموعة من الشبان أبلغت قوات الشرطة بالأمر حين شاهدت ثلاث سيارات للشرطة تسير بسرعة كبيرة ويطلق منها مشبوهون النار في شكل عشوائي. كما اعتقلت الشرطة مسلحين يحملان جوازي سفر سويديين يشتبه بضلوعهما في حادث إطلاق النار خارج مقر «الحزب الديموقراطي التقدمي» المعارض في تونس. وكان «الحزب الديموقراطي التقدمي» المعارض أعلن في بيان أمس أن أعيرة نارية أطلقت خارج مقره في وسط العاصمة أمس. وقال البيان إن أفراد الشرطة والجيش أوقفوا شاحنة تقل مسلحين، بعضهم أجانب، وبعد ذلك أطلقت الأعيرة النارية. وأضاف أن قوات الأمن طاردت المسلحين إلى مبنى سكني قريب. وسمع دوي إطلاق نار كثيف بعد ظهر الأحد وسط العاصمة التونسية المقفرة تماماً إلا من قوات الجيش والأمن. وبدأ تبادل إطلاق نار في شكل متقطع ثم ازداد شيئاً فشيئاً بين أشخاص مختبئين في مبانٍ ورجال الشرطة قرب شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة مع اقتراب موعد حظر التجول. إلى ذلك، فرّق الجيش التونسي الأحد تظاهرة سلمية في مدينة الرقاب (وسط غربي) تطالب بتغيير سياسي حقيقي. ورفع نحو 1500 متظاهر في شوارع هذه البلدة التي يبلغ عدد سكانها ثمانية آلاف نسمة لافتات كتب عليها «الثورة لم تقم من اجل حكومة مستنسخة» و «مشاورات منقوصة تساوي ديموقراطية عرجاء» ورددوا هتافات بهذا المعنى. إلى ذلك، أعلن مصدر مسؤول تخفيف حظر التجول بداية من الأحد «نتيجة تحسن الأوضاع الأمنية». وأوضح المصدر أن ذلك يأتي «في نطاق تخفيف إجراءات حالة الطوارئ ونظراً إلى تحسن الأوضاع الأمنية». وتوفي صباح الأحد المصور الفرنسي لوكا مبروك دوليغا (32 سنة) العامل في وكالة «يو بي ايه» إثر إصابته الجمعة في العاصمة التونسية بإطلاق قنبلة مسيلة للدموع. وقال المسؤول في وكالة «يوروبيان برس فوتو» اوراسيو فيالوبوس «لقد توفي لوكا هذا الصباح». وكان دوليغا اصيب الجمعة في رأسه خلال تظاهرة في تونس بقنبلة مسيلة للدموع «اطلقها شرطي من مسافة قريبة» كما قال أحد زملائه جوليان موغيه. وخضع لعملية في المعهد الوطني لجراحة الأعصاب في تونس ووضع في غيبوبة اصطناعية. ووفاة المصور الفرنسي هي الأولى التي تسجل في صفوف الإعلاميين الأجانب الذي يقومون بتغطية الأزمة في تونس. إلى ذلك، أعلن مصدر طبي وفاة عماد الطرابلسي، ابن اخ ليلى بن علي، مساء الجمعة في المستشفى العسكري في العاصمة، متأثراً بجروحه بعد طعنه بسلاح ابيض. وذكر مصدر في المستشفى طلب عدم كشف هويته أن عماد الطرابلسي «مات الجمعة مطعوناً». وهو بذلك اول قتيل مؤكد من المقربين من الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. وأضاف المصدر أن عماد الطرابلسي «المدلل من ليلى تم طعنه في الأيام الأخيرة وأدخل قسم الطوارئ» بالمستشفى.