تتوسع الإجراءات الأمنية يوماً بعد آخر في شكل لافت في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية، مع افتتاح الأجهزة الأمنية مقرات جديدة في أحياء المنطقة المهملة، مهمتها خفض معدلات التجنيد المتزايدة في صفوف «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» من مراهقي المنطقة وشبانها الذين يعاني معظمهم أوضاعاً اجتماعية واقتصادية خانقة. وباتت أحياء «الجبل» و «لاغلاسيير» و «النخيل» و «جسر قسنطينة» و «باش جراح» في الضاحية الجنوبية للعاصمة، أشبه بمعاقل أمنية بعد ثلاث سنوات من أول تفجير انتحاري في العاصمة، إذ ظهرت المقرات الأمنية في قلب أحياء صفيح نمت خلال السنوات الماضية على أطراف هذه الأحياء الفقيرة أصلاً. وتعزز هذا الحضور الأمني المكثف بعد تقارير شبه رسمية كشفت أن استقطاب مئات العناصر إلى «القاعدة» بدأ في بعض مساجد الأحياء الشعبية في العاصمة. ويقول وليد الذي يقطن المنطقة ويعرف نفسه باسمه الأول فقط، إن تواجد أجهزة الأمن بات ملحوظاً بكثافة. وأضاف: «أصبحت تحركات أبناء الحي مدروسة بعد وقوع كثيرين لم يكونوا على علم بانتماء أصدقاء لهم إلى جماعات مسلحة». ويشير إلى بنايات سكنية في اتجاه حي الجبل في عمق «باش جراح»، قائلاً: «نسمع يومياً عن اعتقالات في صفوف شباب يشتبه بتعلّقهم بالخطاب الجهادي». ورغم أن مركز حي «باش جراح» يتوسطه مسجد كبير شيّدت أمامه بنايات حديثة ومراكز تجارية ومقاه، فإن الوجه الحقيقي الأكثر بؤساً للحي يظهر بمجرد الابتعاد من الشارع الرئيس حيث تتكتل بنايات من الصفيح وأسواق شعبية من دون رقيب، وحيث استفحل أيضاً نشاط الخلايا التي تدعم «القاعدة» في العامين الماضيين. ففي عمق الحي، تضيق مسالك المارة وتتقارب أسوار البنايات ثم تلتحم في ما بينها بمجرد الوصول إلى أكواخ الصفيح التي تتناثر في شكل عشوائي وفوضوي. هنا، تمر فرق متنقلة من الشرطة القضائية يقول السكان إن عملها لا يكاد ينقطع، بهدف مراقبة تجار المخدرات واللصوص والمحسوبين على التيارات «السلفية الجهادية». وتسجل التقارير أن التواجد الأمني المكثف أدى فعلاً إلى تقليل أعداد «جهاديي العراق» الآتين من الأحياء الشعبية، الذين يجنّدهم التنظيم بدعوى الذهاب إلى العراق للقتال «إلى جانب المقاومة»، قبل أن يضمّهم إلى معسكراته في شرق البلاد. وتراجعت كذلك أعداد المجنّدين لعمليات انتحارية من هذه المناطق، إذ غابت أسماء أبناء الضواحي من بيانات التنظيم المسلح وحل محلها آتون من الجنوب الجزائري. من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة أن عملية التمشيط التي تقوم بها وحدات عسكرية بين ولايتي باتنة وبسكرة في الجنوب الشرقي للعاصمة، تعقباً لآثار مجموعة كانت قتلت تسعة مظليين في الجيش الجزائري، أسفرت عن «مقتل عنصر ليبي عُلم أنه مسؤول معسكر الغرباء (الأجانب) في المنطقة الشرقية الخامسة للقاعدة المغاربية، كما قُتل عنصران آخران، أحدهما أمير سرية والثاني من الجند».