يسعى بعض الأساتذة الأفاضل بسبب دخلهم المادي المحدود ومعاناتهم كغيرهم من المواطنين اللبنانيين من الأوضاع الاقتصادية المزرية الضاغطة والخانقة إلى زيادة دخلهم المادي من خلال مزاولة التجارة بمختلف أنواعها وأصنافها، جاعلين من أماكن عملهم أي المدارس الرسمية التي عينوا فيها مدرسين رسميين لأداء رسالة التعليم والتربية المقدستين دكاكين تجارية، لعرض ما لديهم من بضائع محلية ومستوردة خلال ساعات الدوام الرسمي التي هي ساعات عمل وبذل وعطاء وجهد وتفانٍ، لتزويد تلامذتنا الأبرياء بالعلم والمعرفة لا لتبديدها وتسخيرها لمنافع ذاتية ومصالح شخصية بحتة، وذلك في المكان والزمان غير المناسبين. هل يعقل أن يصبح الأستاذ الفاضل الذي «كاد أن يكون رسولاً» تاجر شنطة (وفق تعبير إخوتنا المصريين) جوالاً داخل حرم المدرسة لزيادة دخله المادي بطريقة بشعة ومؤذية ومهينة لسمو مقامه وللعلم والتعليم والتربية، وأن تتحول ساحات وباحات وفصول وغرف النظار واستراحة المعلمين في المدارس الرسمية والمهنية وغيرها من المعاهد العلمية العليا إلى دكاكين بقالة وسمانة، وإلى أسواق شعبية تضاهي أسواق النبطية وبنت جبيل وغيرها من أسواق قرى جبل عامل الشعبية التراثية المشهورة بعراقتها وقدمها، وتنافسها في بيع شتى أصناف البضائع من زيت وزيتون وعسل وتنباك ومنسوجات وأحذية وعطورات وخضروات وفاكهة وغيرها مما لذ وطاب ؟! وهذا يحدث تحت مرآى ومسمع المدراء المؤتمنين على حسن إدارة هذه المراكز التربوية. فهم يغضون النظر عن هذه الممارسات غير اللائقة والمسيئة لمهنة التربية ولرسالة التعليم المقدسة بحجة قطع الأرزاق من قطع الأعناق، وعملاً بالقول المأثور إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. حرصاً منا على مقام الأستاذ وموقعه وشأنه المهمين في المجتمع، وعلى قدسية رسالة التربية والتعليم ونزاهتها وشفافيتها، نناشد المسؤولين المعنيين في وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم المؤتمن الأول على المستقبل العلمي لفلذات أكبادنا وزير التربية والتعليم الدكتور حسن منيمنة، وضع حد لهذه الممارسات المشينة وغير اللائقة والمسيئة جداً لسمعة التربية والتعليم في لبنان، منارة العلم ومهد الحضارة والثقافة.