قطعت السعودية ومصر والإماراتوالبحرين واليمن علاقاتها بقطر أمس واتهمتها بدعم «الإرهاب»، وذلك في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، وقرر بعضها وقف رحلات الطيران وطلب من مواطنيه عدم السفر إلى الدوحة، وأقفل المعابر الحدودية، وأمر القطريين بمغادرة أراضيه، في سابقة لم تشهدها المنطقة من قبل. وقال مصدر مسؤول في الرياض إن «حكومة المملكة العربية السعودية انطلاقاً من ممارسة حقوقها السيادية التي كفلها القانون الدولي، وحماية لأمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف، فإنها قررت قطع العلاقات الديبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر، كما قررت إغلاق كل المنافذ البرية والبحرية والجوية، ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية، والبدء بالإجراءات القانونية الفورية للتفاهم مع الدول الشقيقة والصديقة والشركات الدولية لتطبيق الإجراء ذاته بأسرع وقت ممكن وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني السعودي». وأضاف: «اتخذت المملكة العربية السعودية قرارها الحاسم هذا نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي تمارسها السلطات في الدوحة، سراً وعلناً، طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف الداخلي السعودي، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم، ودعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية، وفي مملكة البحرين الشقيقة وتمويل وتبني وإيواء المتطرفين الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن في الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التي تسعى إلى تأجيج الفتنة داخلياً كما اتضح للمملكة العربية السعودية الدعم والمساندة من قبل السلطات في الدوحة لميليشيات الحوثي الانقلابية حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية في اليمن. كما أنها اتخذت هذا القرار تضامناً مع مملكة البحرين الشقيقة التي تتعرض لحملات وعمليات إرهابية مدعومة من السلطات في الدوحة. ومنذ عام 1995 بذلت المملكة العربية السعودية وأشقاؤها جهوداً مضنية ومتواصلة لحث السلطات في الدوحة على الالتزام بتعهداتها، والتقيد بالاتفاقيات، إلا أن هذه السلطات دأبت على نكث التزاماتها الدولية، وخرق الاتفاقات التي وقعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتوقف عن الأعمال العدائية ضد المملكة، والوقوف ضد الجماعات والنشاطات الإرهابية، وكان آخر ذلك عدم تنفيذها اتفاق الرياض. وإنفاذاً لقرار قطع العلاقات الديبلوماسية والقنصلية، يمنع على المواطنين السعوديين السفر إلى دولة قطر، أو الإقامة فيها، أو المرور عبرها، وعلى المقيمين والزائرين منهم سرعة المغادرة خلال مدة لا تتجاوز 14 يوماً، كما تمنع، بكل أسف، لأسباب أمنية احترازية دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى المملكة العربية السعودية، وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة؛ مؤكدة التزامها وحرصها على توفير كل التسهيلات والخدمات للحجاج والمعتمرين القطريين». في القاهرة، جاء في بيان لوزارة الخارجية أن «حكومة جمهورية مصر العربية قررت قطع العلاقات الديبلوماسية مع دولة قطر في ظل إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل كل المحاولات لثنيه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكاماً قضائية في عمليات إرهابية استهدفت أمن مصر وسلامتها، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيمَي القاعدة وداعش، ودعم العمليات الإرهابية في سيناء، فضلاً عن إصرار قطر على التدخل في الشؤون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومي العربي وتعزز بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية وفق مخطط مدروس يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها». وأضاف البيان أن «مصر تعلن غلق أجوائها وموانئها البحرية أمام جميع وسائل النقل القطرية حرصاً على الأمن القومي المصري، وستتقدم بالإجراءات اللازمة لمخاطبة الدول الصديقة والشقيقة والشركات العربية والدولية للعمل بذات الإجراء الخاص بوسائل نقلهم المتجهة إلى الدوحة». وصدر البيان المصري غداة محادثات أجرها وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسعودي عادل الجبير في القاهرة مساء أول من أمس، تناولت سبل التعامل مع الخلاف مع دولة قطر. ولوحظ أن مصر لم تحذ حذو دول خليجية في الطلب من القطريين مغادرتها أو الطلب من مواطنيها في قطر العودة، ربما مراعاة لوجود أعداد كبيرة من مواطنيها في هذه الدولة يعملون في قطاعات مختلفة. في أبوظبي، أصدرت الحكومة بياناً مؤيداً لقرار البحرين والعربية السعودية جاء فيه: «تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها التام ودعمها الكامل لمنظومة مجلس التعاون الخليجي والمحافظة على أمن الدول الأعضاء واستقرارها. وفي هذا الإطار، وبناء على استمرار السلطات القطرية في سياستها التي تزعزع أمن المنطقة واستقرارها والتلاعب والتهرب من الالتزامات والاتفاقيات، فقد تقرر اتخاذ الإجراءات الضرورية لما فيه مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي عامة والشعب القطري الشقيق خاصة، وتأييداً للبيان الصادر عن مملكة البحرين الشقيقة والبيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة قررت قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الديبلوماسية وإمهال البعثة القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد. كما تقرر منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى الدولة وتمهل المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة وذلك لأسباب أمنية واحترازية كما تمنع المواطنين الإماراتيين من السفر إلى دولة قطر أوالإقامة فيها أو المرور عبرها». وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن قرار الدول الخمس قطع العلاقات مع قطر تم التوصل إليه خلال اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في جدة . وأعلنت الإمارات أن التسريبات التي تمت نتيجة قرصنة البريد الإلكتروني لسفيرها في واشنطن «صحيحة» وأنها تعتز بيوسف العتيبة وبمواقفه التي تم التعبير عنها في الرسائل المسربة، مؤكدة أن ما جاء فيها يعبر عن الموقف الذي تتم بلورته واتخاذه في أبوظبي. وهي بعكس تصريحات أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، التي تسيء إلى دول الخليج، وخصوصاً الإمارات والسعودية. إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) بأن الحكومة «قطعت العلاقات مع قطر» واتهمتها ب «التعامل مع جماعة الحوثي المعادية المتحالفة مع إيران». وأضافت أن القرار صدر «بعد اتضاح ممارسات الدوحة وتعاملها مع الميليشيات الانقلابية ودعمها الجماعات المتطرفة في اليمن». وقال محمد الدايري، وزير الخارجية في حكومة شرق ليبيا، إن الحكومة «حذت حذو حلفاء إقليميين وقررت قطع العلاقات الديبلوماسية مع قطر». وردت الدوحة على هذه القرارات في بيان لوزارة الخارجية جاء فيه: «لقد تعرضت دولة قطر لحملة تحريض تقوم على افتراءات وصلت حد الفبركة الكاملة، ما يدل على نوايا مبيتة». وأفادت قناة «الجزيرة» بأن الخارجية «أعربت عن أسفها للقرار»، واعتبرت «الإجراءات غير مبررة، ولن تؤثر في سير الحياة الطبيعي للمواطنين والمقيمين». وقالت سفارة قطر في أبوظبي على وسائل التواصل الاجتماعي إنها طلبت من رعاياها مغادرة الإمارات العربية المتحدة خلال 14 يوماً، التزاماً بقرار أبو ظبي قطع العلاقات الديبلوماسية مع الدوحة.