دنت العبارة المجازية التي تقول إن «الأفكار ملقاة على الطريق تبحث عمن يلتقطها» من الواقع حديثاً في مصر. فبفضل مجموعات شبابية لا صلة بينها سوى الرغبة في رفع الوعي بأهمية القراءة ومواجهة الارتفاع المضطرد في أسعار الكتب، يمكن أن يستقبلك الكتاب في الطريق من دون أي أعباء مالية، أو يصل الى بيتك. المشروع الأول «مكتبة الشارع» يهدف الى إتاحة الكتب بالمجان للمارة، في أجواء تشجع على القراءة في شارع 250 في ضاحية المعادي (جنوبالقاهرة)، حيث تبرع أحد الشبان بقطعة أرض، فيما تبنت التنفيذ شركة «ملاذ» المتخصصة في مجال التسويق في إطار المسؤولية المجتمعية، علماً أن الفكرة كانت بالأساس لمجموعة من الأصدقاء خططوا لها قبل 4 سنوات وتبرعوا بكتبهم الخاصة لمصلحته. تجمع «مكتبة الشارع» بين البساطة والجاذبية والشعور بالراحة، فالمقاعد قطنية أقرب إلى صالونات المنازل. أما المكتبة نفسها فعبارة عن مجموعة أقفاص خشبية مفرغة (تستخدم لحمل الخضراوات والفاكهة في الغالب) صفت فوق بعضها بعضاً بتنسيق، ورتبت الكتب داخلها. يضم كل ذلك خيمة من القماش بلا باب، علقت عليها لافتة «مكتبة الشارع» وأخرى «المعرفة مجاناً»، وفي الداخل تستقبلك لوحة خُط عليها «... نسعى جاهدين نحو جيل يقرأ». تضم المكتبة مجموعة ضخمة ومتنوعة من الكتب في المجالات كافة، منها المجموعة الكاملة لنجيب محفوظ، وروايات أجنبية، عدا الكتب التي تتبنى آراء صريحة في «الدين أو السياسة» منعاً للجدل، إضافة الى القرآن والإنجيل. المشروع الثاني أطلقه طالبان هما محمود أيمن من محافظة أسيوط (جنوب مصر) وهدير أشرف من القاهرة تحت اسم «الشارع بوك ستور»، ويهدف الى توفير الكتب للقراء بأسعار تصل إلى نصف ثمنها المتداول في السوق، مع توصيلها مجاناً من دون أي مصاريف شحن. يقول أيمن: «عانيت شخصياً من ارتفاع أسعار الكتب، ودفعني ذلك إلى التفكير في مشروع يوفر الكتب بتخفيضات تصل إلى 50 في المئة بناءً على اتفاقات مع بعض المتاجر ودور النشر، كما يمكن أن نوفر للقارئ كتباً قديمة تقل أسعارها عن الجديدة، فالهدف إيصال محتوى الكتاب إلى الطبقات كافة». يسعى المشروع كذلك، وفق مؤسسه، إلى إيصال الكتب الى القرى والنجوع البعيدة التي لا توجد فيها أي منافذ لبيع الكتب أو مكتبات عامة. ويشمل نشاط المشروع الآن كلاً من أسيوط (إقليم جنوب الصعيد) ويمتد شمالاً نحو محافظتي المنيا وبني سويف (إقليم شمال الصعيد)، إضافة إلى العاصمة والمحلة الكبرى (قلب الدلتا).