يتماسك الانتعاش الاقتصادي في ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الأكبر في أوروبا، مع نمو الإنفاق الاستهلاكي وزيادة استثمارات الشركات. ويُقدَّر أن المبيعات بالتجزئة ازدادت بنسبة 1.5 في المئة خلال عام 2010، وفقاً لأرقام رسمية استندت إلى مجريات الشهور ال 11 الأولى من العام. وتُعد النسبة الأعلى من نوعها منذ عام 2004 حين بلغت اثنين في المئة. ونمت الصادرات بعد أخذ العطل والعوامل الموسمية في الحسبان، بنسبة 0.5 في المئة في تشرين الثاني (نوفمبر)، مقارنة بالشهر السابق. ويُرجّح البوندسبنك (المصرف المركزي) أن الاقتصاد نما بنسبة 3.6 في المئة عام 2010، وهي النسبة الأعلى منذ إعادة توحيد ألمانيا قبل عقدين من الزمن. وإذ عزز الطلب الأجنبي التشغيل، تراجع عدد العاطلين من العمل بواقع 262 ألف شخص، ما أنعش ثقة المستهلكين وثقة قطاع الأعمال. ولا يستبعد خبراء كثيرون أن يفاجئهم الاقتصاد الألماني عام 2011 أيضاً، ويرجحون نموه بنسبة 2.7 في المئة، فالاستهلاك يدعم النمو ويقدّم الاستثمار حوافز إيجابية، فيما تظل الصادرات ركناً أساسياً من أركان النمو. وعلى رغم أن نسبة نمو الصادرات بلغت نصف ما كان يتوقعه المحللون، فيما تراجع الإنتاج الصناعي في تشرين الثاني بنسبة 0.7 في المئة، وهي نسبة تفوق ما كانوا يتوقعونه، مع تراجع إنتاج قطاعي الطاقة والبناء، لا يزالون يرجّحون سنة إيجابية لقطاع التصنيع بفضل تدفق طلبات كثيرة عليه. فقد ارتفع عدد الطلبات الواصلة إلى المصانع الألمانية بنسبة فاقت المتوقع بخمسة أضعاف في تشرين الثاني، ومعظمها أتى من بلدان واقعة خارج منطقة اليورو، علماً أن الاقتصاد الألماني متهم بالاستفادة من مصاعب اقتصادات المنطقة المنكوبة بأزمة ديون سيادية إذ يراكم فوائض تجارية معها. وساهم الاقتصاد الألماني مساهمة كبيرة في نمو منطقة اليورو عام 2010، ما منع تحقق أسوأ التوقعات في شأنها. ويقدّر البوندسبنك أن تكون منطقة اليورو نمت عام 2010 بنسبة 3.5 في المئة، مقارنة ب 1.7 في المئة يتوقعها المصرف المركزي الأوروبي الذي يعقد مجلس حكامه جلسته الأولى في شأن أسعار الفائدة على اليورو الخميس من هذا الأسبوع. وقفزت الواردات الألمانية بنسبة 4.1 في المئة في تشرين الثاني، وهي أعلى نسبة منذ أيار (مايو). وتخطط "دريك روسمان"، ثالث أكبر سلسلة للمتاجر غير المتخصصة في ألمانيا، لفتح 110 فروع عام 2011، وتتوقع ازدياد مبيعاتها بنسبة 10 في المئة، بعدما ازدادت عائداتها بنسبة 13 في المئة عام 2010. وفيما تخفض حكومات منطقة اليورو، السوق الأولى للصادرات الألمانية، الإنفاق للجم حالات العجز في موازناتها، تبحث الشركات الألمانية عن أسواق في مناطق أسرع نمواً مثل آسيا. وازدادت المبيعات الألمانية في بلدان منطقة اليورو بنسبة 18 في المئة في تشرين الثاني عنها قبل سنة، فيما قفزت في دول خارج الاتحاد الأوروبي بنسبة 25 في المئة. وأعلنت "بايرسدورف" لتصنيع أدوات التجميل أن الاستثمار في الصين سيكون أولوية لها عام 2011. وتقلص الفائض التجاري الألماني إلى 12.9 بليون يورو في تشرين الثاني من 14.2 بليون الشهر السابق، فيما بلغ الفائض في الحساب الجاري، وهو مقياس للعمليات التجارية كلها، بما فيها تجارة الخدمات، 12 بليون يورو، مقارنة ب 12.1 بليون في تشرين الأول (أكتوبر). وأعلنت "فولكسفاغن"، أكبر شركة لتصنيع السيارات في أوروبا، أنها ستزيد نوبات العمل في مصنعها بمدينة ولفسبرغ الألمانية، خلال الربع الأول من عام 2011 لتلبية الطلب المتزايد على سياراتها. وتدعو نقابة عمال الشركة إلى زيادة بنسبة ستة في المئة على رواتب نحو مئة ألف عامل، وستبدأ المحادثات بين النقابة وإدارة الشركة الأربعاء من الأسبوع المقبل. لقد عادت الصادرات الألمانية إلى مستويات ما قبل الأزمة المالية العالمية، على رغم تباطؤ نموها في النصف الثاني من عام 2010، لكن هذا التباطؤ طبيعي بعد قفزتها في النصف الأول من العام. أما الزيادة الكبيرة في الواردات فتبيِّن أن الاقتصاد الألماني المحلي يواصل اكتساب القوة والديناميكية.