حذر وزير التعاون الإقليمي (الخارجية) في حكومة جنوب السودان دينق ألور من أن قضية أبيي المنطقة الغنية بالنفط المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، قد تشعل الحرب مجدداً بين الطرفين. وقلل من اتفاق لوقف النار وقعته حكومته مع الجنرال المتمرد جورج أطور لتهيئة الأجواء لاستفتاء تقرير مصير الجنوب المقرر الأحد المقبل، معتبراً أن المشكلة لن تحل «طالما لم ينضم إلى صفوفنا». وأكد ألور خلال لقاء مع عدد محدود من الصحافيين حضرته «الحياة» في مكتبه في جوبا أمس، أن «الانفصال سيكون انفجاراً كبيراً وصدمة للكثيرين في الشمال ممن لا يقتنعون بأن الجنوب سينفصل، وسيبدأون طرح أسئلة عن سبب القتال في الجنوب من الأساس إذا كان مصيره الانفصال، وهذا ما بدأ في الفعل ويُستخدم في تعبئة الشارع ضد حكومة الشمال»، لكنه استطرد: «لا أقول إن هذا سيسقط النظام. لكن الطريقة الوحيدة لاستيعاب هذه الصدمة هو ترك الأمور كما لو كانت طبيعية». ورأى إمكان حل القضايا العالقة قبل نهاية الفترة الانتقالية بعد الاستفتاء في 9 تموز (يوليو) المقبل، مشيراً إلى «عدم وجود مشاكل كبيرة، لكن ابيي قضية مختلفة». وأضاف أن النزاع على هذه المنطقة التي يتحدر منها «قد يؤجج الحرب مجدداً. المسألة متعلقة بالأرض، وهي مهمة جداً. وقد تشعل قتالاً». وكشف أن قبيلته دينكا - نقوك التي تتنازع ملكية المنطقة مع قبيلة المسيرية العربية، قررت بعد مشاورات في جوبا أجرتها قبل أيام «منع المسيرية من الرعي في مناطقها، طالما أنها السبب في عرقلة استفتاء المنطقة» على الانضمام إلى الجنوب أو البقاء ضمن الشمال. وأقر بأن قبيلته تتشاور مع مكاتب محاماة في أوروبا والولايات المتحدة لإجراء الاستفتاء من طرف واحد. واتهم الجيش السوداني ب «تسليح المسيرية لزعزعة استقرار المنطقة حتى الآن. لكن الوضع تغير. الدينكا مسلحة الآن. والجيش الشعبي لتحرير السودان (المسيطر على الجنوب) قد يدعمها أيضاً. وإذا تدخل الجيشان لدعم القبيلتين، فستكون هذه حرباً». وأضاف أن «الدينكا منعت المسيرية من الرعي هذا الموسم في مناطقها... وإذا استمر هذا الوضع وحاول المسيرية الدخول بالقوة ستندلع الحرب». ورأى أن الرئيس السوداني عمر البشير اعتبر قضية ابيي «مسألة شخصية، وأبلغ كثيرين أنه وحده يمكنه حل هذه المسألة». واتهم الخرطوم بمواصلة «دعم وتسليح حركات تهدد الاستقرار في الجنوب». وقال إن «هناك مجموعات يمكنها خلق مشاكل خلال الاستفتاء. هذه المجموعات تدعمها الخرطوم، ونعرف ذلك والخرطوم تعرفه على رغم إنكارها مثل قوات جورج أطور على سبيل المثال». وحين سألته «الحياة» عن مصير اتفاق وقف النار الذي وقعه ممثلون عن أطور مع «الجيش الشعبي لتحرير السودان» مساء أول من أمس، قال إنه «يجب أن يصبح جزءاً منا». وأضاف أن هناك «أدلة دامغة تتحدث عن نفسها... على دعم الخرطوم لمتمردي جيش الرب للمقاومة الأوغندي حتى الآن، باعتراف بعض عناصره الموقوفين. جيش الرب يهدد الاستقرار في دول عدة وفي ولاية غرب الاستوائية في جنوب السودان. من أين يأتي بالدعم. مؤكد أنه لا يحصل عليه من السماء. والمتهم الوحيد هو الخرطوم». غير أنه لفت إلى أن حكومة الجنوب تريد علاقات جيدة مع الشمال في حال اختيار الانفصال، مشيراً إلى أن الجانبين «في بلد واحد منذ وقت طويل وطورا رغم الصعوبات السياسية علاقات اجتماعية واقتصادية جيدة، ولا بد أن تحافظ عليها الحكومتان». ورأى ضرورة «أن تبقى الحدود مرنة للسماح بحرية حركة الناس على الجانبين». وأكد أن حكومته ستسمح للشماليين بالحركة عبر الحدود، بما في ذلك في ابيي. وشدد على أن الجنوب «لا تطلعات له في حصة أحد من مياه النيل... وإذا أردنا استخدام النهر فسيكون ذلك من حصة السودان، وهذا ما سنناقشه بيننا. هذه الحصة خصصت للسودان كله، وإذا انقسمنا، فلنتقاسمها». وأكد أن حكومته ستسعى إلى «علاقات متوازنة مع جميع جيراننا والمجتمع الدولي لأننا في منطقة مليئة بالمشاكل. وأول ما سنسعى إليه هو الاعتراف وتعبئة العالم لدعمنا سياسياً، كما سنسعى إلى شراكات اقتصادية مع دول عدة».