إهمال اللغة العربية واللهث وراء كل ما هو غربي من أبرز سمات هذا العصر، إذ باتت لغة الفرانكو آراب أي الكتابة بالحروف اللاتينية هي الوسيلة الأفضل للتعبير عما يجول في خاطر الشباب، ما يهدد الهوية العربية ويشوه اللغة الجميلة بعد تخلي كثيرين عنها لتحل محلها اللغات الأجنبية. “تي شيرت” يحمل عبارة مكتوبة باللغة الإنكليزية، تعليق على موقع «فيسبوك» بالفرانكو آراب أو أخطاء لغوية في الكتب والمطبوعات الصحافية هي بعض من صور تراجع الاهتمام بلغتنا الأم التي تمثل جزءاً من شخصية كل فرد. في المقابل هناك مبادرات فردية تحاول تصحيح هذا الوضع تتمثل في عدد من المشاريع القائمة على إحياء اللغة العربية بطريقة غير تقليدية. “ضمة” هي أحد تلك المبادرات التي أسسها الكاتب الشاب محمد طاهر لتكون أول مجموعة للتدقيق والمراجعة اللغوية في مصر والوطن العربي. بدأ الأمر من موقف شخصي عندما أراد إصدار كتابه الثاني تحت عنوان «تسابيح» وقرر أن يظهره بشكل مختلف ومميز من طريق وضع علامات تشكيل للنصوص التي يحتوي عليها الكتاب. لفت انتباهه أنه على رغم انتشار دور النشر إلا أن اهتمامها ينصب على اختيار الأعمال وإصدارها فحسب، مع إغفال بعضها لأهمية التدقيق الإملائي والنحوي لتلك الأعمال لذلك أخذ على عاتقه تطبيق الفكرة ، فأسس مجموعة للمراجعة اللغوية والنحوية بالتعاون مع الكاتبة الجزائرية آمال حاجي التي تحمست للمشروع بهدف تقديم هذه الخدمات لدور النشر والكتاب . وبالفعل تمكن في فترة وجيزة من ضم عدد من الدارسين والمهتمين باللغة العربية ليشاركوه العمل ويحملون رسالة الحفاظ على اللغة العربية كما تعاون مع مجموعة من دور النشر منها book house، ولكنه ما زال يواجه عدم تفهم الفكرة من قبَل دور النشر الكبرى الأمر الذي يحاول تجاوزه مع مرور الوقت. الكتابة بالعربية على الملابس وقطع الديكور طريقة مختلفة اتبعتها أميرة بشادي إحدى عاشقات اللغة العربية وخريجة كلية الفنون الجميلة، جذبها الخط العربي خلال عملها في ترميم الآثار الإسلامية فتعلمت واطلعت على أنواع الخطوط ولم تكتف بذلك وإنما أرادت أن تشيع جماليات الخط العربي بين الأفراد العاديين من أجل عودة الاهتمام بلغتنا ولفت الأنظار إليها من جديد. ومن خلال مشروعها «شكسته» تستخدم الخطوط الفارسية التي تميل إليها في الكتابة على ملابس السهرة، فلم يعد غريباً أن تجد أحدى الفتيات ترتدي فستاناً مكتوباً عليه بالخط العربي، ولمزيد من إلقاء الضوء على اللغة العربية، تفضل الاستعانة بكتابة بعض أبيات الشعر أو عبارات نستخدمها في حياتنا اليومية وتطور الأمر إلى أن أصبحت تتبع الطريقة نفسها على الحقائب والأوشحة وربطات العنق الرجالي بالإضافة إلى زخرفة بعض قطع الديكور مثل الوسادات والمفارش بالخط العربي. تجربة أخرى قامت بها رحاب صوفي لإحياء اللغة العربية بعد أن استفزها انتشار منتجات تجارية تروج لثقافات أجنبية فنظمت مهرجاناً تحت عنوان “عربي أنا” للحفاظ على هويتنا ومواجهة التيارات الغربية. واهتم المهرجان الذي أطلقته للمرة الأولى العام الماضي بطرح أفكار جديدة لمنتجات تحمل الهوية العربية بشكل عام خصوصاً الثقافة المصرية من أجل عرضها على الجمهور لتوجيه أنظاره إلى أهمية اللغة العربية التي حصدت نصيب الأسد من المعروضات التي حرص على اقتنائها مصريون وأجانب على حد سواء.