هل ما زالت هناك قناعات راسخة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بأن المفاوضات هي الطريق الوحيد لتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي؟ وهل ما زالت القناعات مستمرة بأن طريق التسوية هي الطريق الوحيد التي يمكن من خلالها الحصول على حقوق الشعب الفلسطيني المشرد وحماية ثوابته ومقدساته؟ الجواب بالطبع، لا. لماذا؟ لأن الثلوج ذابت تماماً عن جسد عملية التفاوض والتسوية الذي مات منذ سنوات طويلة عانت خلالها القضية الفلسطينية الأمرَّين. والغريب أن بعض العرب ومعهم فلسطينيون ما زالت أبصارهم شاخصة إلى واشنطن وعقولهم وأفئدتهم متوجهة إلى البيت الأبيض وما زالوا على قناعاتهم بأن الولاياتالمتحدة لديها أرواق ممكن أن تضغط بها على الاحتلال لوقف الاستيطان. لكننا نحن الفلسطينيين نؤكد أنه لا يمكن التعويل على الموقف الأميركي في دعم خيارات التسوية التي ماتت منذ زمن، ولا على أي موقف لا يستند إلى الإجماع الوطني الفلسطيني. إن الفرصة سانحة للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى حضن الشعب الفلسطيني، وإلى امتلاك أوراق القوة من جديد، بالتخلي عن مسيرة التسوية والعودة إلى دعم خيارات المقاومة والاصطفاف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي ما زال ملتفاً حول المقاومة وخيارها. ولا شك في أن إعلان الولاياتالمتحدة للسلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة عجزها عن وقف الاحتلال عن التمدد في الاستيطان، كان بمثابة لطمة قوية متوقعة لخيار التفاوض والتسوية، فنحن كفلسطينيين على يقين بأن الأميركيين لن يقدموا لنا شيئاً بهذا الخصوص، حيث أن الكلمة الأخيرة دائماً بالنسبة اليهم هي للكيان الإسرائيلي فقط وليس لغيره، وأنه لا يمكن الموافقة من طرفهم على أي خطوة من دون أن يوافق عليها الاحتلال نفسه، وبالطبع الاحتلال لن يوافق على أي خطوة إلا إذا كانت لمصلحته. إن التراجع عن الخطأ ليس بخطأ، بل هو جرأة محمودة، لذا ينبغي على السلطة الفلسطينية الإعلان عن فشل خيار التسوية والمفاوضات، لا سيما في ظل وصوله إلى طريق مسدود، وفي ظل تنصل كافة الأطراف من مسؤولياتها التي كانت تتغنى بها، والعودة السريعة إلى الشعب الفلسطيني وخياره على اعتبار أنها أقوى الأوراق التي يمكن أن نضغط بها جميعاً على الاحتلال.