أحداث كثيرة يمكن لها أن تتصدر قائمة أهم حدث في العام الماضي 2010، هذا الحدث يكمن سواء في رحيل أحد رموز الأدب والثقافة، أو حصول كاتب على جائزة، أو صدور كتاب مهم. لكن لكل مثقف وكاتب رؤيته للحدث، الذي يعتقد أنه الأبرز عما عداه من أحداث. «الحياة» استطلعت آراء عدد من الكتّاب والمثقفين حول أبرز حدث ميّز العام الماضي، وكذلك أهم كتاب قرأه وعما يتحدث... فإلى ما أدلى به هؤلاء: حسين بافقيه: عام الحزن كانت قراءتي لأحد كتب التراث، وهو كتاب «الفهرست» لمحمد بن اسحاق النديم، الذي حققه المصري أيمن فؤاد سيد، وصدر عن مؤسسة الفرقان التي يرعاها أحمد زكي يماني، وظهر في 4 مجلدات، وبذل المحقق جهداً كبيراً في دراسة الكتاب وتوثيق أسانيده، ثم أبان عن مقدرة فذة في تتبع القضايا المهمة التي قدمها النديم، وهو كتاب أراه مهماً لمن أراد الاستفادة والتزوّد بالمعرفة، فهو بحق جوهرة نفيسة من جواهر التراث العربي، ولا أبالغ إن قلت ان الكتاب تحفة في الطباعة والإخراج والمادة التي قدمها المحقق، واستخدم فيها احدث وأيسر الطرق للباحثين والدارسين، وسهّل عليهم مهمة الكشف والدرس. أما العام الماضي، فأراه عام الحزن إن صح التعبير، إذ فقدنا فيه مثقفين وأدباء كثراً منهم أبو زيد والطاهر وطار ومحمد عفيفي مطر ومحمد عابد الجابري وكمال نشأة ومحمد عبده يماني وغازي القصيبي، فهولاء الأعلام قدموا الكثير للثقافة العربية، وأنجزوا في حياتهم العديد من المؤلفات المهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها. وأرى من خلال استقراء التاريخ أن القرن الجديد يريد أن يصنع رموزه، وهناك اضطراب في حركة الفكر والثقافة يذكّرني بالمخاض نفسه في بداية القرن الماضي، وهذا من الطبيعي، ولا بد من صدور اتجاهات مختلفة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً، لأن الأسئلة اليوم مختلفة، وتلعب فيها السياسة دوراً كبيراً. عبدالله الحكيم: تسريبات ال«ويكيليكس» الحدث الأهم يتمثل في تسريبات الويكيليكس، «شخصياً كنت من بين أوائل الصحافيين، الذين أشاروا من خلال تقديم قراءات بسيطة حول جوليان آسانج، من خلال الصحافة السعودية عبر مقالاتي في صحيفة «عكاظ». وللوهلة الأولى ربما استهجن آخرون فكر الويكيليكس، لأنه يندرج وفق أي صحافة ضوئية أخرى. الضربة الكبيرة ستكون فيماً لو وجد آسانج وسيلة لطباعة هذه الصحيفة ورقياً - التسريبات بورصة صحافية كبيرة، ستسهم في التغيير المقبل، لأنها الآن تمارس دوراً على هكذا نحو - الويكيليكس ستتلاعب بعلاقات الدول، وستؤثر في علاقة زعامات بأخرى. ستزكم أنوفنا، وربما يكون هناك تغيير إلى الأفضل - ربما إلى الأسوأ. المهم سيكون هناك تغيير يمس مصالح وعلاقات وأحداث واتفاقات على أكبر نطاق ممكن في العالم». ويضيف الحكيم: «بالنسبة للكتاب لا أدري تحديداً عن أي كتاب أتوقف، ولكن ربما كان كتاب «العالم بعد أميركا» لمؤلفه فريد زكريا، الذي يعتبر في الغرب من بين أهم 100 شخصية مهمة في العالم، ولكنه ليس الأهم. شخصياً أعتبر الكتاب مهماً، لأنه يمهد الطريق من نواح فكرية وبلغة ديبلوماسية وسلسة لأن يتقبل العالم مجيء قوى أخرى لاعبة إلى الساحة الدولية على حساب الكعكة الأميركية. والكتاب يستخدم عبارة صعود قوى أخرى، وهذا معناه أن أميركا في غضون الجيل المقبل لن تستمتع بتناول الكعكة وحدها. ومن نواح علمية هناك كتابان بروح واحدة هما فيزياء المستقبل وكتاب فيزياء المستحيل، وكلاهما حديث للدكتور ميتشيو كاكو، وهو عالم أميركي من أصل ياباني متخصص في الفيزياء النظرية، وتحديداً في نظرية الحقل الوتري - هذا الرجل هو أحد مؤسسي نظرية الأوتار التي سيترتب عليها مستقبلاً تأسيس الجملة أو العبارة الفيزيائية لما بعد نظرية آينشتاين. ودينياً في الغرب هناك كتاب Four views on Hell - للمؤلف وليام كريكيت وزاكاري هيز ومؤلف ثالث لهما بالزمالة. وهذا الكتاب مهم أيضاً لأنه يناقش أربعة معتقدات حول الجحيم في العهدين قديمه وجديده. وفي العنف هناك الموسوعة الوحيدة من نوعها في العالم بالانكليزية وتتناول حوالى 275 جماعة متطرفة في أميركا من الداخل. سهام مرضي: الخلاص النهائي أهم كتاب قرأته هذا العام هو كتاب «في الخلاص النهائي: مقال في وعود الإسلاميين والعلمانيين والليبراليين» للمفكر فهمي جدعان ويتحدث فيهِ عن الخلاص بوصفهِ مخرجاً أو فكرة نهائية لأيديولوجيات الخطاب الفكري لهذه التيارات الثلاثة، محاولاً بذلك تقريب وتحفيز وخلق أرضية مشتركة تنطلق منها كل الخطابات التي تتنازع الثقافة العربية للخروج بها من أزمة الفكر المتصلّب مع تركيزه على فكرة انه لم يقصد «التوفيق بين النظم الثلاثة، الإسلامية، العلمانية، الليبراليين»، إنما أراد «إبراز التناقض المنطقي داخل تلك التيارات الثلاثة، التي تقدم دعاوى محددة، ولكنها بعد ذلك لا تلتزم بها». وتضيف صاحبة رواية «مع سبق الإصرار والترصد»، أن أهم حدث ثقافي للعام 2010 بالنسبة لها هو فسح كتب الأسطورة غازي القصيبي، وفي هذا تضمين وبشارة بابتداء عهد ثقافي جديد يتمتع بسقف حرية عال، وأفق تنويري شامل. حامد بن عقيل: صحيفة جدار أبرز ما قرأت، ومحتواه: رواية «ذئب السهوب» لهيرمان هسة. تتحدث عن رجل في منتصف العمر، فهو برجوازي، كما أنه مستذئب أحياناً. إنها حكاية الصراع في داخل الفرد المثقف المنعزل الذي يحيا كرجل برجوازي متحضر، بين الذئب البري الذي يسكنه فيجعله منفرداً على رغم كل ما يحيط به، فلا يثق بأحد ولا يستطيع أن يتصالح مع حضارة مزعجة تحاول اقتحامه، وكلما زادت عليه كلما استذأب لا ليكون مؤذياً ولكن لينجو بنفسه. وأهم حدث ثقافي: على مستوى الوطن العربي فشل أدونيس في الحصول على نوبل، هذا الفشل المستحق يوضح بجلاء كيف يصنع إعلامنا لعربي فقاعاته ثم كيف يتباكى على انفجارها المحتوم. أيضاً، فضيحة جائزة الشيخ زايد للكتاب، أظنها ستكون عبرة للجوائز والمؤسسات العربية التي تضع ثقتها في أسماء بعضها لم يقرأ كتاباً منذ عقد من الزمن على الأقل. أما على مستوى العالم ففوز يوسا بجائزة نوبل كان الأبرز، منذ «حفلة التيس» وأنا أترقب متى تلتفت إليه نوبل، أقول ذلك على رغم تحفظي على بعض تصريحاته أخيراً. وعلى المستوى الشخصي انطلقت صحيفة جدار الإلكترونية الخاصة بدار جدار للثقافة والنشر. سالمة الموشي: النساء حريماً في القرن ال 21 تتعدد القراءات والكتب في كل عام وليس بالضرورة أن تكون إصدارات حديثة لأنه تظل هناك كتب مؤجلة يمنحنا الوقت فرصة الاطلاع عليها في وقت لاحق قرأت كتاباً رائعاً للكاتبة شيرين دقوري عنوانه «هل النساء مازلن حريماً في القرن ال 21؟» وهو كتاب يتهم نظرة الثقافة العربية إلى المرأة وتغييبها عن إعادة إنتاج القيم وعدم قدرتها على التغيير. إضافة إلى روايات جميلة مثل «طوق الحمام» لرجاء عالم «وترمي بشرر» لعبده خال و«الصبر» لجوستاين غاردر ورواية «مجهولات» لباتريك موديانو التي تتحدث عن نساء يبحثن عن معنى لوجودهن في الحياة. ويطغى اهتمامي بالنقد وبحقوق الإنسان على الكثير من قراءاتي، فقد اطلعت على كتاب «حركة التغريب في السعودية المرأة أنموذجاً» لمؤلفه عبدالعزيز البداح، وهو كتاب يستخدم المرأة ذريعة لتمرير الأفكار التي تخدم توجه الكاتب، أكثر مما تقدم للنساء شيئاً يغير من واقعهن ويمنحهن الحياة المضيئة وأصنفه ضمن الكتب التي تقرأ لمعرفة ما يفكر به الآخر سواء كان الكاتب أو التوجه. وبالنسبة لأهم الأحداث الثقافية 2010، كان عام 2010 عاماً حافلاً بالكثير من المتغيرات على كل المستويات لعل أهم حدث ثقافي على الصعيد الشخصي هو صدور الطبعة الثانية من كتابي «الحريم الثقافي» وصدور كتابي الجديد «نساء تحت العرش». أما على الصعيد العام، فعلى رغم قلة الفعاليات الثقافية إلا أن هناك ما يمكن ذكره مثل «معرض الرياض الدولي للكتاب» الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام كإحدى أكبر الفعاليات الثقافية، وكذلك افتتاح «اللّقاء التحضيري الأول للقمة الثقافية العربية» في 13 يوليو الذي كان بدعوة من مؤسّسة الفكر العربي والمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة، وكذلك حفلة 2010 ببداية بث قناة «الثقافية». وهو حدث ثقافي مهم كأول قناة سعودية تتناول الشأن الثقافي وتوجه إلى المثقف برامج خاصة تعبر عن رؤاه وتطلعاته وتمنحه منبراً للحضور الفعلي.