ما تراه اليرقة نهاية الحياة، تراه الفراشة البداية... يقول الكاتب الأرمني آراميان: «خرجت من منزلي ذات يوم متكئاً على عكازي، كنت أسير في الشارع وأفكر في تلك الريح التي محت خطواتي فوق الرمل، هل يمكن أن تُعيد المآسي بناء الحياة من جديد؟ سمعت صراخ طفلة صغيرة: لا تدس على الرسم يا عماه». توقفت ونظرت إلى الأسفل، ورأيت فتاة صغيرة ترسم الشمس بألوان الطيف على الرصيف، جلست بالقرب من الطفلة وسألتها هل الشمس تحرق؟ هتفت بحماسة نعم إنها تحرق، انظر وضعت يدها على الشمس وسحبتها بسرعة. أخذت يدها في راحتي ونظرت إلى أصابعها البارزة والملونة بأصباغ مختلفة، آهٍ هذا حرق خطر، سحبت يدها بسرعة وضحكت بمرح، لقد كذبت عليك يا عم وعادت إلى الرسم، مرّ مجموعة من الناس بلا مبالاة في المكان الذي تجلس فيه الفتاة، وحاولت أن تمنعهم، صرخت بقوة وتنحت جانباً خائفة، داس المارة على الرسم، وتابعوا السير، نظرت إلى الفتاة مبتسمة لا بأس يا عماه سأرسم الشمس من جديد! ضغطت على عكازي بقوة وغرقت في التفكير، حدثت نفسي كثيراً... يمكن رسمها من جديد، وستنمو نباتات الربيع على الأرض التي دفنا فيها موتانا، وسيبني اليتامى والأطفال والأرامل والعجائز المدينة من جديد. يقول الله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمراتٍ مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عبادة العلماء»، تجديد وتغاير بين الثمار والأشجار والجبال والناس والدواب والأنعام. أما ونحن بدأنا عاماً جديداً، لماذا لا تهز هذه الكلمة أعماقنا وتوقظ وجداننا، فنهرع إلى الجدّة والتجديد في أمور حياتنا وطرائق تفكيرنا إلى الأفضل؟ لماذا لا نجدد بتجديد العام، ونغير بتغير الزمان؟ فنحن من يتجدد وليس العام! ابدأ بكتابة خطتك الشخصية لهذا العام الجديد 1432ه (2011)، ف 3 في المئة فقط من الناس هم الذين يخططون لحياتهم، فهل أنت منهم؟ إن لم تكن من هؤلاء الناس فقد حان الوقت للتغيير ورسم خريطة الطريق لعامك الجديد... لا تكن شخصاً عادياً يمشي بالبركة، كما يقولون، بل كن مميزاً مدركاً لما تقوم به من عمل، فهناك جوانب مختلفة في الحياة، هناك الجانب الإيماني، الاجتماعي، الصحي، الفكري العلمي، العملي، النفسي، الترفيهي، المالي المادي، التطوعي/ العطائي، فحدد أهدافاً في كل جانب من هذه الجوانب، واكتب خطواتك للارتقاء بكل جانب من هذه الجوانب، وراجعها من وقت لآخر، وأهمس في أذنك متسائلة: ألا تستحق حياتك خطة؟! فالحياة فرصة، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، فأين من يغتنم ذلك؟! إن الشخص الذي لا رسالة ولا رؤية له معرض لهزات اجتماعية، ونكبات مالية، واضطرابات نفسية، معظم الذين لا رؤية ولا رسالة لهم يدركون هذا الكلام متأخراً، إن قبطان السفينة الواضح في اتجاهه ومقصده، يكون الوقت لمصلحته، لأنه كلما مر الوقت قرب من هدفه وحقق رسالته، فلا تطوي أشرعة سفينتك في الحياة فتتوقف حيث هي، وامنح نفسك بداية جديدة. شريفة عبدالله السويد – الرياض [email protected]