الوجه الأول لحالتنا الثقافية والفكرية يبدو شديد البياض من خلال تكاثر الجامعات، ونمو التعليم، والتطور الكبير في نظام الابتعاث.. والوجه الثاني يبدو شديد السواد من خلال طغيان الدجل والشعوذة وأنشطة السحر ومن خلال انتشار ظاهرة الرقية (غير الشرعية) التي تستعين بالصعق الكهربائي، وتطور ظاهرة تفسير الأحلام، حتى بدا المجتمع وكأنه مغيب عن الوعي.. إلى أين المصير في رأيك؟! - نحن نسير مع أمم الدنيا.. هذا لاشك فيه.. ولكننا نتخلف عنها بمسافات بعيدة.. ولا نسير بالسرعة نفسها.. المصير هو باتجاه الفتوحات العلمية والتطور.. ولكن النقاش ينبغي أن ينحصر في الوقت، إذ لا يمكن أن تنتصر تيارات الدجل والشعوذة والجهل والظلام ويغيب العقل، ونهرب للخرافة، نعم حالتنا الثقافية والفكرية تعيش حالة تناقض كبير، واعتقد أن من أسباب بقاء سطوة الدجل والتخلف استثمار أصحاب المعتقدات الدينية الخاطئة للمصاعب والأمراض والعجز عن تحقيق الطموحات بخلق أوهام ترفع اللوم والتقصير عن الذات وتتعلق بأهداب المعجزات، والمشكلة الآن مستفحلة بدلالة أنه حتى بعض علماء النفس يدعون لإقامة دور نظامية للرقية، لكن مع كونها كذلك فليس هناك إلا مصير واحد باتجاه العلم والدين الواعي القويم ونبذ الخرافة، واعتقد أن مؤسستنا الدينية تتحمل مسؤولية كبيرة عما يحدث الآن، لأن بعض أجهزتها تسهم من دون أن تدري في تعظيم الخرافة والدجل في نفوس الناس والإيحاء بوجود الأثر الفاعل القوي لها في حين أن المفروض أن يحصل العكس، وأظن أن هذا هو ما سيحدث لاحقاً، ولذا فالمسألة مسألة وقت.