منظر مؤسف ذاك الذي رأيناه في مباراة النصر والتعاون، سقوط مخز لمبدأ التنافس وتقبل النتيجة برحابة صدر وروح رياضية، والمتهم الأول كالعادة ليس إلا الحكام، أشفقت كثيراً على حالهم وهم في قلب العاصفة وقد ادلهم الخطب وزاد الكرب وبلغت القلوب الحناجر. ليس أبشع من أن تسقط هيبة الحكام وترتعد فرائصهم خوفاً مما ينتظرهم، لا يدرون من أين يأتي الخطر، ومن الذي أوقد شرارة البدء هل من رئيس النادي الذي وجدوه أمامهم وجهاً لوجه يزبد ويرعد على أخطاء من صنع الخيال أم من أحذية الجماهير التي توالت كالمطر على أرضية الملعب أو من اللاعبين الذين أقسموا جهد أيمانهم أن الحكم كان يقصد هزيمتهم عمداً وإيقافهم قسراً وأنه خطط لذلك قبل بدء اللقاء (هذا مع العلم أنهم لم يهزموا)، ولا أعلم أي مآل كان ينتظرهم لو أن الفريق خسر. أترك لكم توقع السيناريو المنتظر، لكني أجزم أنهم ما كانوا ليغادروا أرض الملعب إلا على نقالة. حكامنا السعوديون تهان كرامتهم ويخاض في أعراضهم ويسترجع تاريخ أهليهم الرياضي وماذا كانوا يعملون وإلى أي فريق ينتمون حتى يصلوا إلى الجد السادس عشر ليحاكموا على تلكم التهمة وبقسوة... بالعربي صاروا «ملطشة لكل من هب ودب»... كل ذلك لأجل الكرة، هل يمكن لأي حكم أن يبيع ذمته وأمانته وضميره ليرضي فلاناً أو ينتصر لفريقه، مستحيل أن يحدث ذلك، ولاسيما هنا في السعودية من أبناء البلد الذين تأنف نفوسهم وتأبى كرامتهم، وقبل ذلك ذممهم قبول الرشوة لكنهم وجدوا للأسف أنفسهم في قفص اتهام، وكلٌ يلوح لهم بالنقود وهناك من صرح علانية بأنهم مرتشون. هل يتجرأ أولئك على أن يتفوهوا بتلك البذاءات على الحكام الأجانب أو أن يحاصروهم في الملعب أو أن تمطر السماء عليهم أحذية وغتر وعقل؟ لا أظن، لأنهم يخشون إعلام دولهم وما يمكن أن يقال عن تخلف أو همجية في التعامل من لدنّا ممّا قد يتسبب في إحجام أي دولة عن التعاون مع الاتحاد السعودي عند طلب حكام للمباريات المهمة. لماذا يكون ابن البلد جداراً قصيراً كلٌّ يتسلقه متى أراد وعليه يرمي بكل إخفاقاته؟ لمَ كل من فشل في الميدان وعجز لاعبوه عن الفوز لا يجد غير الحكم السعودي يمتص به غضب الجماهير ويؤججها ليداري فشله؟ يفترض من الحكام الآن بعد مهزلة الأربعاء أن يرفعوا احتجاجاً رسمياً للمسؤول عن الرياضة السعودية الأمير سلطان بن فهد لرد اعتبارهم وهيبتهم وكرامتهم التي أهدرت كثيراً. [email protected]