عادة ما تأخذ بعض أجهزة الدولة منذ قرار إنشائها حتى انطلاق عملها وقتاً طويلاً تعمل فيه على تجهيز مكاتبها وتحديد آلية عملها وتعيين موظفيها، فبعضها يبدأ العمل بخطوات خجولة كهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأخرى تخرج إلى العلن بحماسة شديدة كهيئة الترفيه. «هيئة الترفية» التي مرّ على يوم إعلان إنشائها عام كامل سمع بنشاطها الجميع، في الوقت نفسه لم يسمع الغالبية ببدء عمل هيئة الثقافة مع أن قرار إنشائهما كان في اليوم نفسه. وعلى رغم الأوامر الملكية المهمة الصادرة في ذلك اليوم، إلا أن قرار إنشاء الهيئة كان الحدث الأكثر تداولاً وجدلاً، فشرعت أقلام الكتاب وتدوينات المغردين في الحديث عن آمالهم وطلباتهم الكبيرة في أن تسهم في ضخ الفرح بالمدن السعودية طوال العام وتنظم العمل في الأنشطة ذات العلاقة، والعمل على ثني السياح الذين يغادرون بالملايين في كل عام عن السفر وإعادتهم إلى الداخل من جديد، إضافة إلى إعادة اكتشاف المواهب المحلية وإتاحة الفرصة للشبان في تقديم أنفسهم بالشكل الجيد من خلال الفعاليات التي تناسبهم. مضت «الهيئة» في طريقها بسرعة وثبات، بدأت بالترخيص للشركات الراغبة في العمل بالنشاط، وقدمت لهم الدعم اللوجستي والمادي، إضافة إلى التوجيه والنصح لإخراج المناسبات بالشكل الأفضل، مراعية في ذلك الأنظمة المعمول بها في المملكة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وإشرافها على عمل المنظمين ومتابعتها للتأكد من توافقها مع الأنظمة والقوانين. إذ تقوم بتطويرها بشكل مستمر بما يتوافق مع بناء هذه الصناعة الجديدة على المملكة العربية السعودية. كما أسهمت من خلال منصة روزنامة الترفيه في الترويج للفعاليات في مدن المملكة المختلفة، وإبلاغ المهتمين بالحضور بوقت كافٍ للسفر والحجز إن أرادوا. ويؤكد مصدر مطلع من داخل «الهيئة» على أن المؤسسة الوليدة تسعى إلى تقديم كل الدعم للشركات العاملة في النشاط، مشدداً: «نحرص على أن تحقق الشركات عوائد مجزية، لكي نصنع سوقاً ترفيهية كبيرة تستطيع فيها الشركات الوطنية المنافسة مع الشركات الكبرى التي قد تلتهم الكعكة بإمكانياتها عندما تحضر إلينا من خارج المملكة». ويشير المصدر إلى أن «الإقبال الكبير من مختلف شرائح المجتمع لم يكن مفاجئاً، فهم متعطشون إلى الترفيه، لكن المفاجأة كانت في حجم الإقبال من طالبي تنظيم الفعاليات، وهذه دلالة أكبر على أن السوق السعودية جذابة ومغرية وفرص النجاح فيها عالية». يقول أحمد الشهري، وهو من الذين يحرصون على استغلال عطلة نهاية الأسبوع في الذهاب إلى الفعاليات المختلفة في الرياض: «كانت عطلة نهاية الأسبوع بالنسبة لي كابوساً في كيفية العثور على نشاط لترفيه أسرتي، أما اليوم فأنا في كابوس آخر هو كيف أستطيع أن أحضر الفعاليات كافة في ثلاثة أيام فقط (يقولها ضاحكاً)». ولعل من أبرز ما قامت به هيئة الترفيه وأحدث ضجة داخلياً وخارجياً هو إسهامها في جذب فعاليات عالمية ك«آي لومينيت» و«كوميك كون» و«عرض الأكروبات الإسباني»، إضافة إلى دعم حفلة تتويج بطل دوري جميل، ودعمها مهرجان جدة التاريخي «أتاريك»، إضافة إلى عروض الشاحنات الضخمة «مونستر جام»، وفعاليات تعليمية بالترفيه، مثل «نورني»، التي أقيمت في جامعة الملك سعود في الرياض. ولعل السؤال الأكبر الذي مايزال يشغل طالبي الترفيه هو متى سترخص الهيئة لإقامة دور السينما في السعودية؟ جواب هذا السؤال جاء من رئيس الهيئة أحمد الخطيب، إذ أكد ضمنياً في معرض حوار أجراه مع صحيفة واشنطن بوست أخيراً، أن السينما قادمة من دون أن يحدد التفاصيل. القطاع الترفيهي ينتج ما يعادل مرتين مما ينفق عليه مالياً ساهم القطاع الترفيهي المدعوم من الهيئة العامة للترفيه في توليد 2.05 ريال مقابل كل ريال ينفق في إقامة كل نشاط ترفيهي، حيث أسهمت الفعاليات التي يصل عددها إلى أكثر من 106 فعالية أقيمت في 21 مدينة سعودية خلال فترة أقل من سنة في تدوير الملايين من الريالات على قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية بدلاً من صرفها في الخارج. وقالت الهيئة في بيان لها إنها ستمضي قدماً في برامجها لتعزيز صناعة الترفيه وفق النهج العام الذي تنتهجه المملكة وستسعى إلى أن يكون هذا القطاع وبالشراكة مع القطاع الخاص أحد القطاعات المساهمة في خلق الوظائف للشباب السعوديين، مشيرة إلى أن الهيئة وفرت حوالى 20 ألف فرصة عمل حتى الآن في هذا القطاع بعد سبعة أشهر فقط، وأنها قد تتجاوز ذلك في وقت قريب، كما أنها دعمت إلى الآن نحو 106 فعالية، حضرها أكثر من 2.3 مليون شخص. وأوضحت الهيئة أنها تنوي دعم أكثر من 3 آلاف فعالية تندرج تحت سبع فئات رئيسة للترفيه بالتعاون مع جهات حكومية أخرى، وهي المدن الترفيهية وعروض الفنون الاستعراضية والثقافة والفنون والطبيعة وزيارة المعالم والترفيه الرقمي والترفيه الرياضي.