طالب عضو المجمع الفقهي الإسلامي الدكتور ناصر الميمان بإجهاض الجنين إذا تبين أنه توأم سيامي في بطن أمه، وقال: «أرى في حال تم اكتشاف التصاق التوائم في بطن الأم السماح لها بالإجهاض، لأن في ولادة التوأم السيامي خسائر معنوية ونفسية ومالية على التوأم وعلى ذويه». وعلى رغم تخصيص مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يوم أمس بأكمله لمناقشة موضوع التوائم المتلاصقة، ما لم يتوافر لبقية المواضيع التي تناقش ضمن جلستين يومياً في دورة المجلس ال20 المنعقدة حالياً في جدة، إلا أن الجلسة لم تصدر توصياتها، وتم عرض البحوث والمداخلات على لجنة صياغة التوصيات التي ستتخذ قرارها حول الأحكام والتوصيات لاحقاً. وناقش أعضاء المجلس في جلستهم الثانية أمس (الأحد) بحثاً طبياً أعده وزير الصحة السعودي الدكتور عبدالله الربيعة استعرضه نيابة عنه عضو الفريق الطبي المساعد للربيعة في عمليات فصل التوائم الدكتور محمد الزمخشري. وشهدت جلسة التوائم المتلاصقة ثورةً في جلسات المجمع الفقهي إذ استعرض بحث طبي عرضت فيه صور تلفزيونية، وشارك عدد من الفقهاء الباحثين بعرض صور متنوعة لأنواع التوائم والتفريق بينهما. وأكد الربيعة ريادة السعودية وتفوقها على دول العالم في علميات فصل التوائم السيامية، إضافة إلى امتلاكها أكبر خبرة عالمية، إذ يستطيع الأطباء السعوديون تشخيص الحالات وتحديد أنواعها أثناء فترة الحمل. وأبرز الدكتور الربيعة في بحثه أن فصل التوائم المتلاصقة بدأ في المملكة قبل 30 عاماً، إذ تم التعامل مع 62 حالة من 16 دولة، تم فصل 28 منها بنجاح، بينما قرر الفريق الطبي عدم فصل 34 حالة لأسباب طبية من أهمها اشتراك التوأمين في مخ واحد أو قلب واحد، مبيناً أن جميع الحالات التي تم فصلها كان فيها لكل من التوأمين المتلاصقين قلب ومخ خاص به. وخلال استعراضه للبحث، عرض الدكتور الزمخشري صوراً تلفزيونية تفحصها أعضاء المجمع الفقهي، تتضمن حالات مختلفة لأوضاع التوائم المتلاصقة. وقدم البحث شرحاً عن نشوء التوائم السيامية، إذ تنشأ من بويضة ومشيمة واحدة، وتعد متشابهة ومتطابقة لم يكتمل انفصالها، وتولد متصلة في منطقة أو أكثر من الجسد، وهي متطابقة الجنس والصفات الوراثية. وأثار البحث الطبي عدداً من التساؤلات، تاركاً الإجابة الشرعية للعلماء والفقهاء في المجمع الذين ناقشوها في بحوثهم، ومن أهمها هل التوأم السيامي شخص أم اثنان؟، وحكم التضحية بتوأم ليعيش الآخر، وحكم الإرث للتوائم، وحكم الإقرار بالعملية الجراحية، وحكم الزواج، والقصاص، وأحكام الأعضاء التناسلية المشتركة، وحكم الإجهاض للتوائم السيامية. وناقش أعضاء المجمع ما ورد في بحث الدكتور الربيعة من خلال محورين، هما «أحكام فصل التوأم المتلاصق»، و«إرث التوأم المتلاصق ونكاحه وجنايته»، واستعرض الدكتور عبدالفتاح محمود إدريس بحثاً بعنوان «فصل التوأم المتلاصق وموقف الفقهاء منه»، وقدم الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد بحثاً بعنوان «التوأم المتلاصق السيامي وحكم فصله»، وفي محور إرث التوأم المتلاصق ونكاحه وجنايته، تناول الفقهاء خمسة بحوث عن التوأم السيامي المتلاصق، ونوازله والأحكام المتعلقة بفصلها وميراثها وزواجها، وأحكام التوأم المتلاصق في الفقه الإسلامي، والأحكام الفقهية المتعلقة بالتوائم المتلاصقة، واشترك في محور التوأم المتلاصق «نكاحه وجنايته وإرثه»، كل من الدكتور سعد الشثري، والدكتور ناصر الميمان، والدكتور فيصل بالعمش، والدكتور عبدالناصر أبو البصل، والشيخ محمد برهان الدين السنبهلي. وأوضح الدكتور سعد الشثري في بحثه أنه يستدل بمعرفة التوأم المتلاصق كونه شخصاً أو شخصين باعتبار اختلاف الحس، «إذ إن الحكم على التوأم المتلاصق بالوحدة أو التعدد المبني على النظر في تعدد روحه، وتعدد الروح أمر خفي لخفاء الروح، لكن يستدل على الروح بالإحساس فتعرف أن الشخص به روح إذا كان لديه إحساس ومن هنا فإننا نستدل على تعدد الروح باختلاف الإحساس». وأكد الباحثون أن الغرض من بحث هذه المسائل هو تنمية الملكة الفقهية، وليس الوصول إلى الحكم فقط، ولتفتيق الأذهان للبحث والتفكير، ونص الباحثون على حرص فقهاء المسلمين وعلمائهم على مر العصور على فقه النوازل، ومحاولتهم الجادة للحكم فيها، بل وفي صور لم تحدث في عصرهم لكنهم استبقوها فتصوروها وأفتوا فيها، وسعة الشريعة الإسلامية وسماحة الدين، إذ يسر كثيراً من العبادات والتكاليف الشرعية على من تشق عليه.