نعم حق لها وحق للأخرى التي غابت عن الصورة، ولم تطالب بعد بمثل ما طالبت به عهود، ولمن يسأل من هي عهود؟ أقول عهود إنسانة وُلدت قبل 35 عاماً وسلّمت لأسرة ليست أسرتها، وعاشت معها، وعانت كثيراً بسبب اختلاف لون البشرة، ولم تكتشف أنها ليست ابنة هذه الأسرة التي تسلمتها إلا بعد أن شاهدتها إحدى السيدات المسنات، وأخبرتها بأنها تعرف أسرة تشبهها، هذه كانت الشرارة التي جعلتها تهب من غفلتها، وتبحث حتى حصلت على ما يؤكد لها ظنونها، وعندما طالبت بحقها في التعويض، وحكمت لها المحكمة بمبلغ زهيد لا يساوي الحيرة والدهشة واختلاط الأنساب، اعترضت وزارة الصحة رسمياً على ذلك، فإن لم يكن خطأ وزارة الصحة، وخطأ المستشفى الذي ولدت فيه، وخطأ الفريق الطبي الذي سلمها لأسرتها، من دون أن يتأكد من صحة التسليم، فخطأ من يكون يا ترى؟ هل خطؤها هي أنها لم تهب من نومتها فور هبوطها إلى أرض الدنيا، ولم تفتح عينيها جيداً لتتأكد أن من تحتضنها هي والدتها التي أخرجت للتو من أحشائها ولم تتكلم، لتسألها هل أنت أمي فعلاً؟ هل خطؤها أنها عاشت 35 عاماً في منزل ليس بمنزلها ومع أسرة ليست أسرتها؟ هل خطؤها أم خطأ الأسرة التي اعتقدت أن الأطفال المولودين في مأمن، وأنهم ينامون بسلام داخل الحضانات في المستشفيات حتى يحين موعد تسليمهم إلى أسرهم؟ الحقيقة أنني شاهدت بعيني وفي أكثر من مستشفى أكثر من طفل مولود حالياً يرقد مع ثلاثة آخرين على سرير واحد، وفي الحقيقة الأخرى أن الاحترازات كانت وما زالت ضعيفة للغاية، فالكثير من العوائل تذهب لتشاهد الطفل المولود، وأحياناً تتسلمه وتحضره إلى الأم الوالدة فقط (بكلمات بسيطة: أنا خالته، أنا عمته، أنا جدته)، كثير من الأمهات صدمن من ذلك وصمتن، لأن لا أحد يسمع ولا أحد يريد أن يسمع، ولا أدري متى يسمع المسؤولون وجوب تدريب وتأهيل كادر التمريض، خصوصاً في قسم الولادة وما يتبعها، لأن الخطأ العفوي غير المقصود الناتج من الإهمال، أو من عدم التدريب يكلّف الأسر الكثير من الألم، ويغيّر حياة أفراد، فماذا اتخذنا من إجراءات احترازية لمنع تكرار الخطأ؟ في اعتقادي الشخصي أن عدم الاعتراف بوجود مشكلة، يعرقل كثيراً من التفكير في خطوات العلاج، فبعد الطفلين السعودي والتركي ومأساة استبدالهما، وما ترتب على ذلك من آثار ما زالت تثار، وربما آخرها كما قرأت أخيراً توقف المساعدات المالية لوالديهما، وكأن سنة من الزمان كافية لإعادة التأهيل وإدماج الطفلين مع عائلتيهما الأصليتين، كافية للدخول لقلب أمهاتهما، ووضع طفل بدل آخر، كافية لحل اختلاف اللغة والثقافة والبيئة. وها هي تتكرر في طفل المدينة، فماذا فعلنا ونحن نرى الوزارة المسؤولة ترفض تعويضاً بسيطاً قد يسهم في تحسين حياة إنسانة عانت. نعم من حق عهود المطالبة ب 35 مليون ريال، بحيث يكون التعويض كل سنة بعيداً عن أسرتها الأصلية بمبلغ مليون، وهو مبلغ زهيد جداً قد يجعل الوزارة المسؤولة تعيد النظر في الأساور الأمنية، وفي التعاقد مع الكوادر المدربة ودرس أسباب الخطأ، ومن أين الخلل حتى تلد كل أنثى وهي مطمئنة أن من ستلقمه صدرها هو من حملته في أحشائها فعلاً وليس شخصاً آخر قد يصادف أو لا يصادف سيدة مسنة، لتخبره يوماً ما بأنه يشبه عائلة فلان ابن فلان ونحن على أعتاب 2011. [email protected]