لم يتوقف السجال الداخلي اللبناني في شأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتقاذف التهم في شأن تعطيل مجلس الوزراء، على خلفية ملف شهود الزور في انتظار ما سيسفر عنه المسعى السوري - السعودي. وإذ فضل امس، وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي تسليط الضوء على القضيتين الفلسطينية والعراقية، على «الضجيج السياسي الذي يدور في لبنان حيث لغة الأحقاد والاستعلاء والاستقواء والتهديد»، آملاً ب «الخروج من هذه الحال». اما وزير العمل بطرس حرب الذي زار الرئيس السابق للحكومة سليم الحص مطمئناً الى صحته، فتوقف عند «المساعي الجارية لإيجاد مخارج للأزمات في لبنان»، وقال انه وضع الرئيس الحص «في هذه الاجواء، وأعطيت وجهة نظري في كل ما يحصل، وكنا متفقين بصورة اكيدة على ضرورة العودة الى الاصالة في الممارسة السياسية، وبالتالي الى احترام مبادئ وقواعد الحوار التي تقوم على الاحترام المتبادل بين المتحاورين ولو مختلفين في الرأي». وأكد «ان الحوار هو احد المسالك الاساسية للحفاظ على وحدة المجتمع اللبناني، فلا اهانات ولا تخوين ولا هذا النوع من الممارسات الطاغي هذه الايام». وعن المبادرة التي طرحها في خصوص شهود الزور، قال حرب: «المؤسف ان بعضهم تعاطى معها على اساس انها احد عناصر الخلاف»، موضحاً انه من موقعه المسؤول كسياسي وكوزير وجد ان من المناسب ان يساعد في التفتيش عن مخرج، «فإذا توافقنا على المبادرة التي اطلقتها فذلك جيد، اما اذا لم نتوافق فسأسعى مجدداً مع الآخرين لإيجاد حل آخر»، مشيراً الى «ان اي مبادرة للحل يجب ان تحظى بالتوافق». وعن توقعه لحلحلة قريبة، قال: «على رغم كل المساعي الطيبة والأخوية التي يقوم بها السوريون والسعوديون، هناك جزء كبير من المسؤولية يقع على اللبنانيين في المساعدة على ايجاد المخارج». وعن تعطيل مجلس الوزراء، قال حرب: «نتفهم الموقف الذي اتخذته قوى 8 آذار في مجلس الوزراء الاخير، ولكن اذا استمر هذا الامر وقبل ان نجد حلاً لشهود الزور، فإن مجلس الوزراء سيبقى كما هي الحال عليه، مع العلم ان هناك مساعي يقوم بها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء لإيجاد مخرج قد يساعدنا على ايجاد مسلك ما يرضي الاطراف المعنيين بهذا الامر ويعيد فتح ابواب مجلس الوزراء ويفعّل عمله، هذا ما نتمناه وسنعمل عليه». عفيش: دور سليمان الحلحلة وجددت وزيرة الدولة منى عفيش التأكيد في حديث الى اذاعة «صوت لبنان - صوت الحرية والكرامة»، ان «رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومنذ بدء الأزمة يقوم بحوار جدي مع كل الفرقاء اللبنانيين لبلورة كل الأفكار المطروحة»، مشيرة الى «انه يحلحل كل العقبات التي تعترض طريق الحل». وأكدت ان الرئيس سليمان «لا يزال يعمل جاهداً حتى اليوم داخلياً وخارجياً ولديه كل المعطيات التي تمكّنه من الوصول الى حل معين يواكب ما يجري في الخارج»، معلنة «انها لم تتبلغ بعد بأي موعد لعقد جلسة لمجلس الوزراء». الحاج حسن: المحكمة مسيّسة بالكامل وإعتبر وزير الزراعة حسين الحاج حسن، أن «المحكمة الدولية مسيّسة بالكامل، وأي قرار اتهامي صادر عن المدعي العام يتهم المقاومة بجريمة الاغتيال لا يعنيها وهو باطل وستتصرف معه كأنه لم يصدر». وأشار في مناسبة ل «حزب الله» إلى أن «المقاومة عندما تدعو الى معالجة القرار الظني فذلك لا خشية منه ولا خوفاً على نفسها، بل لكونها ترى في ذلك خيراً للبلد ولأنها تسعى الى منع استغلاله من أميركا وإسرائيل عبر الفتنة الطائفية والمذهبية في لبنان». وقال: «من هنا نرى أن من واجبنا أن نكشف التجاوزات التي ارتكبتها هذه المحكمة والتحقيق الدولي خلال السنوات الماضية بدءاً بعشرات التعديلات لأنظمة المحكمة الإجرائية على رغم أن عمرها لم يتجاوز السنتين، كل ذلك يتم بإملاءات واضحة ولأهداف محددة، مروراً بالتسريبات اليومية لمجريات التحقيق الذي يقال انه مهني وسرّي إلى صحف معروفة وديبلوماسيين وسياسيين». وانتقد الذين «يجتمعون باستمرار من أجل إصدار البيانات وإطلاق المواقف ضد من هم في الخط السياسي الآخر»، متمنياً «لو أنهم يظهرون بعضاً من هذه الحماسة عندما يتعلق الأمر بإدانة الخروق الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية، ما يشير بوضوح إلى الانتقائية لديهم في تحديد مصدر الخطر على لبنان». نواب وتمنى النائب ميشال الحلو في حديث الى «صوت لبنان»، «ألا تطول فترة التعطيل، لأن الوضع المعيشي موضوع ضاغط، ويهم المواطنين والقوى السياسية»، معتبراً «أن الهاجس الأمني له الأولوية ويتفوق على كل الهواجس الباقية». وقال ان قوى الثامن من آذار تترقب نتائج المساعي السورية - السعودية، وتمنى «أن تقترن هذه المساعي بالنتائج الايجابية التي ستنعكس هدوءاً وارتياحاً على الاوضاع اللبنانية المعقدة». وعبّر عن خشيته من المماطلة لأنها تؤثر سلباً في الاجواء الامنية والسياسية، متهماً الولاياتالمتحدة بوضع العراقيل أمام المساعي العربية، ومتخوفاً من أن «تكون التسوية عملية محاصصة سياسية وطائفية». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية زياد القادري ان «حزب الله قد يكون يعرف اتجاه القرار الاتهامي، ولكن هناك الكثير من اللبنانيين لا يعرفون، ونحن منهم، فلننتظر القرار وعليه يبنى على الشيء مقتضاه». ورأى القادري في حديث إلى قناة «أخبار المستقبل» أن «الربط والحل في أيدي اللبنانيين، أمّا المساعي العربية فهي مساع مساعدة، في حين يشلّ الفريق الآخر المؤسسات وطاولة الحوار، وإذا استمر في إغلاق أبواب الالتقاء بين اللبنانيين فستستمر الأزمة»، لافتاً إلى أن «الفريق الآخر يأخذ البلد رهينة حتى يتحقق ما يريد، في حين أنّ الرئيس سعد الحريري اتّخذ خطوات متقدّمة تجاه سورية وأسقط الاتهام السياسي نهائياً، كما انَّه في العلاقة مع «حزب الله» حاول ارساء معادلة الاستقرار والعدالة، لكنه لم يلقَ أيدي ممدودة بالإضافة إلى أنه حاول احتواء الحملات ولم يجد أيدي ممدودة من جانب الطرف الآخر». وأكد عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا في حديث الى اذاعة «لبنان الحر»، أن «زيارة رئيس حزب القوات سمير جعجع للرياض، ليست لطلب وساطة سعودية مع دمشق، كما يشيع بعضهم، لأن العلاقة الوحيدة مع دمشق، بالنسبة الينا، هي عبر الدولة اللبنانية ومؤسساتها وما نرفضه عند الآخرين لا نسعى اليه نحن، وبالتالي فالاجتماعات مع المسؤولين السعوديين كانت لتقويم الوضع القائم في لبنان والشرق الأوسط، وكلنا نعرف اهمية المملكة العربية السعودية على الصعيد الإقليمي وارتباطها بلبنان، واهتمامها بالاستقرار فيه والتزامها بما نلتزم به نحن، وهو مشروع الدولة ومرجعيتها، ولذلك فإن التواصل مع قيادات المملكة هو شيء طبيعي للتشاور في شكل دائم في كيفية الحفاظ على لبنان السيد الحر المستقل ونظامه الديموقراطي». ولفت الى ان «المسعى السعودي - السوري هو من اجل تأمين الاستقرار في لبنان، ولكن ليس على حساب العدالة». واعتبر عضو «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي نبيل نقولا أن تصريحات المدعي العام في المحكمة الدولية دانييال بلمار واعتباره أن من يتهم المحكمة بالتسييس قد يخاف من نتيجة القرار الذي سيصدر عنها، بأنها دليل على أن المحكمة مسيّسة. وقال في تصريح تلفزيوني: «إن المحكمة الدولية بنيت على باطل، وقبولنا بها في البداية كان، كأمر واقع، ولكن لاحقاً عندما بدأت التسريبات منها تظهر عن اتهام سورية وما تبعها من اعتقال الضباط الأربعة بناء على تدخلات جيفري فيلتمان وسيرج براميريتز أصبحنا متأكدين من أنها تسير نحو التسييس»، مشيراً الى أن «المحكمة هي التي أوقعت نفسها في السياسة عندما اعتبرت اعتقال الضباط الأربعة شأناً داخلياً لبنانياً وهي نفسها التي أطلقت سراحهم». وعن المساعي السورية - السعودية لحل الأزمة اللبنانية، ألمح نقولا الى «أن تكتل التغيير والاصلاح لا علم له بما يجري داخل نقاشات المسعى السوري - السعودي». ودعا عضو التكتل نفسه النائب سليم سلهب في حديث الى اذاعة «صوت لبنان - صوت الحرية والكرامة»، الى «ملء الوقت الضائع في فترة الأعياد»، مشدداً «على اهمية ان يكون الجو إيجابياً وحوارياً». وأعرب عن اسفه لأن «الحوار السعودي - السوري لا يحظى بمباركة بعض الأطراف الخارجيين»، معتبراً ان «العوائق يمكن ان تذلل ما يسهّل الحوار الداخلي ويعطيه فرصة حقيقية للنجاح». وعن مشاركة النائب ميشال عون في قداس عيد الميلاد في بكركي، والذي يترأسه البطريرك الماروني نصرالله صفير، قال ان أعضاء التكتل سيشاركون، لكن لا معلومات مؤكدة عن مشاركة النائب عون. وأكد النائب شانت جنجيان في حديث الى الاذاعة نفسها ان «فريق 14 آذار لا يستخدم المحكمة الدولية كوسيلة سياسية للضغط على فريق 8 آذار، لذلك لا إمكان للمساومة على المحكمة والعدالة». وأوضح «ان المساعي السورية - السعودية لا تعني المساومة على موضوع معين»، لافتاً الى «أن الجمود هو العنوان في الأسابيع المقبلة». ولفت مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري غطاس خوري إلى أن «الرئيس سعد الحريري قدَّم ثلاث مبادرات حقيقية، الأولى أزال فيها الاتهام السياسي عن سورية وفتح علاقات جديدة معها وذلك من أجل الاستقرار والهدوء في لبنان، والثانية حين قال إنَّ هناك شهود زور، والثالثة حين قال إنَّه مهما كانت النتائج فهو يرفض الفتنة ويرفض أن تتحول دماء رفيق الحريري إلى فتنة في البلد، لكن في المقابل لم تكن هناك أي مبادرة من الطرف الآخر». وقال ل «المؤسسة اللبنانية للإرسال»: «المطروح علينا ليس تسوية، بل إمَّا أن نُعلن هزيمتنا وإمَّا سيكون هناك تغيير على الأرض، ما يعني أنّ المطروح هزيمة أو هزيمة». وعن المسعى السعودي - السوري وما إذا كان يتعرض لضغط اميركي، قال خوري: «نحن نؤيد هذا المسعى العربي وندعمه بلا شك وبلا تحفظ، ولكن لماذا تبسيط الأمور؟ فهل السعودية تعمل منفردة وكأنَّها تعمل طبخة فقط مع السوريين؟». وشدد على أنّ «إنجاز تسوية بأقرب فرصة مفيد، ولكن الكلام بأن صدور القرار الاتهامي قبل الوصول الى تسوية سيؤدي الى مشكلة لا يفيد».