خام برنت يصعد 1.3% ويصل إلى 75.17 دولار للبرميل    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    6 فرق تتنافس على لقب بطل «نهائي الرياض»    ناتشو: كنا على ثقة أننا سنفوز على النصر    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    وفد طلابي من جامعة الملك خالد يزور جمعية الأمل للإعاقة السمعية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    استقالة مارتينو مدرب إنتر ميامي بعد توديع تصفيات الدوري الأمريكي    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    دوري روشن: التعادل الايجابي يحسم مواجهة الشباب والاخدود    الهلال يفقد خدمات مالكوم امام الخليج    منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العصيل: أعداء الإسلام استغلوا «بلاهتنا» ... والدول لا تحتاج للديموقراطية!
نشر في الحياة يوم 21 - 12 - 2010

مجتمع الأحساء متجانس ومتفاهم تنتصر فيه العقلانية على الجهل، وتتعايش فيه الطوائف من دون طائفية، هكذا يحدثنا ضيفنا أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالرحمن العصيل الذي يرى أن السلام يقتل إسرائيل وهي تبحث عن الحروب والصدامات لأنها تحييها وتنعشها، ويعتقد أنه على دول الخليج التحلي بالصبر لأنه خيارها الوحيد، ولا بد أن تعتمد على قوتها الداخلية وقدراتها الذاتية وليس على قوى خارجية.
ويرى أن الحل في الإسلام وليس الديموقراطية، والدول الإسلامية تحولت إلى وهم وغثاء بابتعادها عن الإسلام، ويشير إلى أن حرية الفكر هي الحليف الاستراتيجي لأنظمة السياسيين، وعلى المفكر ألا يعرض نفسه للبيع والشراء، ويؤمن بأن صناديق الاقتراع مارست التزييف وخداع الأمة، ولو أنها أجريت لأنبياء الله في أزمانهم ما حصلوا على نسبة 99.99 في المئة .. فإلى تفاصيل الحوار...
ما الذي تعلمته في الأحساء ولم تستطع الجامعات والكتب تعليمك إياه؟
- الحديث عن الأحساء يطول ويتشعب ويتفرع، والذي تعلمته في الأحساء لم أجد له مثيلاً في كل الجامعات التي درست وتعلمت فيها. وقبل أن أتحدث عن الأحساء يجب أن أبيّن حقيقة يعرفها الكثير ولكن قد تغيب عن البعض وهي أن الأحساء ليست رقعة جغرافية تحتل مكانها ومكانتها في شرق الجزيرة وعلى خليجنا العربي، وليست منطقة عادية كمعظم مناطق العالم.
إنها قلعة حضارية، إنها مدرسة علم أنجبت العلماء وعلّمت القاصي والداني، أهلها أكرم أهل الأرض وألينهم عريكة، لا يعرفون الصدام ولا يتأخر أهلها عن نجدة الملهوف ولا يتردد أبناؤها عن نصرة المظلوم.
مجالس أهلها مفتوحة على مصراعيها، وقلوب أهلها أكثر اتساعاً من مجالسهم الكبيرة والعامرة، الذي تعلمته كثير ولكن أهمه: أن الحس الحضاري متوغل في أعماق قلوب أبنائها، لذا تجد أن ابن الأحساء يعرف كيف يحب أخاه الإنسان، ويعرف أكثر كيف يقبل الآخر مهما كانت درجة الاختلاف معه، لا يعرف الإقصاء، أو النبذ، أو النظرة الدونية للآخر، لقد وجدت في مجتمعي الأحسائي أنه قلما تجد مجتمعاً متجانساً ومتفاهماً كالمجتمع الأحسائي، حيث تنتصر فيه العقلانية على الجهل، وتتعايش فيه الطوائف من دون طائفية، لهذا أطلق على أمي الحبيبة الأحساء لقب «شمس الجزيرة».
مبتعث من شركة الزيت وتتخصص في السياسة، أليس في ذلك قصة لم تُرْوَ بعد؟
- عندما التحقت بشركة الزيت اليابانية في الخفجي بعد إنهاء المرحلة الثانوية، كانت تلك الصراعات والانقلابات العسكرية تحتل حيزاً كبيراً في تفكيري، وكنت أذهب إلى الكويت بشكل مستمر، وكنت أشتري الكثير من الصحف والمجلات والكتب وأتابع وأتناقش مع بعض المثقفين من موظفي الشركة وبخاصة الإخوة الفلسطينيين، هذا الواقع جعلني لا أميل إلى شيء آخر غير السياسة، وقررت الشركة ابتعاثي.
وبحكم كوني أعمل في دائرة إنتاج الزيت فقد قررت من دون استشارتي أن أدرس الهندسة الكيماوية، وقد قبلت لأن الشركة تنظر إلى حاجتها، ولا تولي اهتماماً لرغبات أحد وميوله، ولكن عندما بدأت الدراسة زارنا أحد المسؤولين (عبدالله العلولا - رحمه الله) وأبديت رغبتي في تغيير التخصص للعلوم السياسية، فوافق على تغيير التخصص ولكن من الهندسة الكيماوية للاقتصاد، كنت أسجل مواد الاقتصاد المطلوبة والبقية تقريباً علوم سياسية وعلاقات دولية، لقد لفت نظر المسؤولين تركيزي على العلوم السياسية والعلاقات الدولية لكن فضل الله كبير، فعندما انتهت الفترة الممنوحة لي لإنهاء البكالوريوس في الاقتصاد كنت قد أنهيت البكالوريوس في العلوم السياسية والماجستير في العلاقات الدولية.
كيف تقوّم الخطط الدراسية لأقسام السياسة في جامعاتنا؟
- لا توجد في جامعاتنا العربية دراسة واضحة للسياسة، المناهج إما مترجمة أو مقتبسة نصاً من مناهج غربية، الطالب في جامعاتنا بحاجة إلى أن يعرف كيف يحلل الأحداث، وكيف يقترب من القضايا من دون خوف، والسياسة بالنسبة إلى معظم شبابنا العربي خط أحمر أو أنها من المحرمات، أو أن الخوض فيها يعتبر مغامرة قد تفضي إلى ما لا تحمد عقباه، وهذا خطأ، السياسة خط أخضر لكن بحاجة إلى عقلانية للتعاطي معها.
أميركا هل تحبنا لأجل البترول فقط؟
- أميركا لا تقيم علاقتها مع الآخرين على علاقة المحبة والكراهية، أو على قاعدة الصداقة والعداوة، ولكن على قاعدة المصلحة، والمصلحة فقط، ونظراً إلى أن البترول هو أعظم وأهم سلعة استراتيجية تهم الغرب، لأنها المحرك لصناعته والوقود لمصانعه، لهذا هي تغرد معنا في ما يخص هذا الجانب، أما الجوانب الأخرى فلها مواقف معروفة للجميع.
السياسة الشرعية هل تقف حاجزاً أمام السياسة الدولية؟
- السياسة علم وفن ودراية وخبرة، ومعرفة متجددة بما يدور على الساحة، والسياسة الشرعية في الإسلام على سبيل المثال هي مجال واسع وميدان فسيح تحتاج لبحث عميق يقوم به ذوو الأفق الواسع، الإسلام دين شمولي تسير السياسة الشرعية فيه على مبادئ الشريعة العامة وقواعدها الكلية، والمقصود بذلك أن نحقق مقاصدها من ناحية ولا نصطدم بشيء من أحكامها الجزئية، ويجب أن نعرف أن السياسة الشرعية في الإسلام يتجلى في نظامها ما هو أصل وقواعد، وما هو تجربة تطبيقية، فلو نظرنا إلى النظام العظيم الذي أنشأه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين إذا قيس بمقاييس السياسة في عصرنا الحاضر لوصف ب «النظام السياسي – العقدي»، لأن الإسلام ليس كبقية العقائد، فهو دين ودولة، إن النظرة الفكرية الإسلامية للحكومة الشرعية والسياسة الشرعية تتجسّد في أن الحكومة - أي حكومة - هي حكومة الأمة، هي حكومة المواطنين - هم الذين ينتخبونها بحرية مطلقة ويختارونها بمحض إرادتهم من دون أي ضغوط تحت مظلة مبدأ الشورى ورأي أهل الحل والعقد، وللمواطنين الحق- كل الحق- في المشاركة فيها بحسب كفاءاتهم وبما يناسب قدراتهم.
كما أن للمواطنين الحق في مراقبة صناع القرار وتصرفاتهم مراقبة ذات فاعلية. إذاً الحكومة الشرعية في نظر الإسلام هي المجموعة المتكاملة من النظم السياسية والنظم الاجتماعية وغيرها التي تحكمها القيم والمعايير الإسلامية.
لكن للأسف لقد طرأت على الساحة الدولية متغيرات كبيرة تركت تأثيراتها القوية في الساحة الدولية بما في ذلك معظم الحكومات الشرعية وسياساتها الشرعية، إن تلك المتغيرات تركت آثارها الواضحة في العلاقات الدولية التي بدورها سارت في دوائر متداخلة، أدت إلى الكثير من المتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية.
إذ بدأت السياسة الدولية تحاول احتواء الحكومات الشرعية والسياسات الشرعية، وأفرزت تلك المتغيرات تداعيات في السياسات الدولية والإقليمية والمحلية، ظهرت فكرة النظام العالمي الجديد، وبرزت الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة تدير العالم، وحل الصراعات في العالم بما يتلاءم مع نظرتها الاستراتيجية المصلحية، وبما يضمن سيطرتها على العالم، السياسة الشرعية بحاجة للاعتصام بالله ثم بقوتها الداخلية في مواجهة السياسة الدولية.
النظرية السياسية متى تكتب بحبر وفكر سعودي؟
- النظرية السياسية مهمة جداً لكن تسبقها نظريات: النظرية التربوية والتعليمية، النظرية الثقافية، النظرية الاجتماعية وغيرها. عندما تكتب هذه النظريات بحبر وفكر سعودي - وهي في الطريق إلى ذلك - عندها ستكتب النظرية السياسية... هناك أولويات.
التيارات الإسلامية في المملكة
التيارات الإسلامية في المملكة هل لها طموحات سياسية؟
- هناك تيار إسلامي واحد يتبنى أفراده أفكاراً مختلفة ضمن الدائرة الإسلامية، أفراده يلتقون في الكثير من التفسيرات وقد يختلفون، ولكن اختلافهم لا يجب أن يؤدي أبداً للاقتتال أو سفك الدماء أو التكفير، ولكن قد يخرج من هذا التيار من ينقلب عليه خصوصاً من صغار السن، لكن لا أتصور أن لأولئك الخارجين طموحات سياسية، وأدعو وبقوة إلى دراسة متأنية وعلمية عن الخارجين على تيار المجتمع.
لماذا الشعوب الخليجية الأقل اهتماماً بالسياسة الدولية؟
- الشعوب الخليجية ليست الأقل اهتماماً بالسياسة الدولية، إنهم يتناولونها باهتمام شديد، لكن ينقصهم فهم آليات التحليل السياسي ومعرفة المدارس السياسية المختلفة والفروق بينها، إن كان هناك حذر عند الخليجي فهو الخوض بعمق في السياسة الداخلية لبلده.
هل الوعي السياسي للمجتمعات يهدد الحكومات بشيء؟
- الوعي السياسي للمجتمعات ضمانة أكيدة للحكومات، الذي يهدد الحكومات هو التجهيل والتهميش والاستبداد من خلال وضع الرقابة والوصاية على كل شيء خصوصاً العقول ومصادرة الحريات، وتكميم الأفواه.
بين السياسة الداخلية والخارجية... أين تضيع الشعوب؟
- بين ضعف الداخل وتخاذله وسطوة الخارج واستئساده، بين سذاجة الداخل وغياب رؤيته ومكر الخارج ووضوح رؤيته، بين جهل الداخل بكل ما يدور حوله وحول خصمه، ومعرفة الخارج بكل ما يدور على الساحة، بين تهميش الداخل وعداء الخارج تضيع الشعوب.
التأثير السعودي في المنطقة... ألا تشعر أنه مجرد شعارات فقط؟
- التأثير السعودي له أبعاد: بعد خليجي، بعد عربي، بعد إسلامي، بعد عالمي، لم أسمع في حياتي أن ذلك التأثير مجرد شعارات، التأثير السعودي كبير ومؤثر يعرف ذلك العرب والمسلمون وزعماء الغرب.
كيف ترى التفاعل السعودي مع المتغيّرات السياسية؟
- التفاعل السعودي مع المتغيرات السياسية يتم بطريقة عقلانية، وبديبلوماسية هادئة، والأسلوب السعودي في عملية التفاعل يقوم على التفكير ثم الفعل وليس على الفعل ثم التفكير.
المبادرات السعودية ولم الشمل العربي ماذا عنها؟
- المبادرات السعودية أكثر من جيدة، بل وواقعية، لقد قامت المملكة بمبادرات لحل مشكلات تتعلق بالفلسطينيين، والأفغان، واللبنانيين وبعض دول الخليج، والآن تقوم بمبادرة للمّ الشمل العراقي، لكن مع الأسف الشديد التناقضات بين الأطراف المتنازعة أكبر من أن تحلها المبادرات والنوايا الحسنة، لكن يشكر للمملكة مبادراتها واهتماماتها سواء نجحت تلك المبادرات أو لم تنجح أو دامت أو لم تدم.
لو وقّعت المملكة اتفاق سلام مع إسرائيل... ماذا سيحدث للمنطقة؟
- أشكر الله أن المملكة وبعض الدول لم تعترف بإسرائيل، إسرائيل تستميت للحصول على اعتراف المملكة بها، لأن المملكة بوابة العالم الإسلامي كله، فلو اعترفت المملكة لن يبقى عذر لأي من الدول الإسلامية لعدم الاعتراف بإسرائيل، إن إسرائيل مدعومة بدول الغرب بخاصة الولايات المتحدة تحلم بابتلاع المنطقة: خصوصاً أن إسرائيل والغرب يمتلكون أسلحة العصر الخطيرة في الوقت الذي لا تزال فيه الدول العربية تتحرك داخل دائرة التخلف وخارج العصر. المملكة أكبر وأعظم من أن تعترف بجريمة العصر وهي إسرائيل. لكن هناك نقطة أود أن أضيفها وهي أن إسرائيل لا تبحث عن السلام، فالسلام يقتلها، الذي يحييها وينعشها هي الحروب والصدامات، وضعها الداخلي أكثر من مأزوم ولا ينقذها سوى صرف شعبها عن مشكلاته الداخلية بجلب انتباهه لمشكلاته الخارجية وهو الصراع مع العرب وبخاصة الفلسطينيين.
الصبر الخليجي على إيران هل تتوقع أن ينفد؟
- دول الخليج تتحلى بالصبر لأنه خيارها الوحيد، والصبور متى ما نفد صبره ودخل في مواجهة مع من هو متهور فالنتيجة أن الثمن الذي سيدفعه من خلال المواجهة أكبر بكثير من الثمن الذي يدفعه من خلال الصبر، الصبر الخليجي سواء نفد أم لم ينفد فالنتيجة واحدة، لكن إذا أراد الخليج أن يحسب كل الحساب لنفاد صبره فما عليه إلا أن يقوي نفسه ويعتمد على الله ثم على قوته الداخلية وقدراته الذاتية وليس على قوى خارجية.
بين غصن الزيتون والعصا، تتأرجح الخيارات في المنطقة... أي خيار منهما هو الأقرب لنا؟
- غصن الزيتون في يد الضعيف ليس خيار سلام بل استسلام، المطلوب أن يرفع غصن الزيتون كأحد الخيارات وليس الخيار الوحيد، الذي يرفع غصن الزيتون كخيار وحيد أو أوحد سيسقط ذلك الغصن سريعاً أمام عصا الخصم التي يعرفها أبناء المنطقة جيداً، لأن تلك العصا أدمت جلودهم وأجرت أنهاراً من دمائهم، الكل يعرف أن الأمة العربية تأبى أن تفعل قوتها، ارتاحت للذل وتأقلمت مع الضعف.
وليس هناك حتى الآن دلائل على أن صناع القرار العربي يفكّرون جدياً في تفعيل عناصر القوة التي يمتلكونها، لذلك ما دامت عصانا غائبة في مواجهة عصا العدو التي يشهرها في وجوهنا تحت شعار أننا إرهابيون يجب تأديبهم، فليس هناك خيار إلا الخيار الذي يراه الخصم وهو خيار العصا الغليظة، مع أن عدونا يعرف أكثر منا أننا لسنا إرهابيين، ولكنه يعرف أكثر أننا ضعفاء، قاتل الله الضعف والمتسببين فيه.
لماذا ديموقراطية الدول الإسلامية مجرد وهم وحلم لم يكتمل؟
- الذي تحتاجه الأمة هو إسلامها المستنير الذي يجعل قاعدة الدولة العدل، ومبدأها الشورى، الإسلام الذي حرر الجميع وجعلهم متساوين في الحقوق والواجبات، ودافع عن كل مستضعف، وحرّر القلوب من عقدة الخوف، وبسط عدله على الجميع بمن فيهم أتباع الديانات غير السماوية، عندما نلتصق بإسلامنا ومبادئه سننتقل من حياة الأوهام إلى حياة الواقع السعيد، أنا لا أقول إن الديموقراطية سيئة، بل فيها ومضات رائعة نحتاجها والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، الذي أؤكد عليه أن الدول الإسلامية لم تتحول إلى وهم بابتعادها عن الديموقراطية بل تحولت إلى وهم وغثاء بابتعادها عن الإسلام، فالمطلوب ليس الديموقراطية بل الإسلام.
الفتاوى المسيّسة
الفتاوى المسيّسة... هل هي محرقة للحوار؟ أم مطفئة للصراع؟
- ما دخلت السياسة جانباً من جوانب الحياة إلا أفسدته، فما بالك بالفتاوى التي يجب أن تكون السياج للأمة، فلا يجب أن تنزلق في مزالق السياسة، كما يجب أن تبتعد عن طريق «التسييس»، فالكل يعرف أن للفتاوى قدسية واحتراماً وطاعة، فتسعد السياسة إذا قادتها الفتوى التي تنير الطريق أمام الجميع فلا يجب أن تلجأ الفتوى إلى لي أعناق الحقائق إرضاء لأحد، وتشقى الفتوى إذا قادتها السياسة، فالفتاوى المسيّسة هي عادة حل غير طبيعي لمشكلة وقتية، يفضي ذلك الحل إلى إفراز مشكلات على المدى المتوسط والبعيد تدفع الأمة ثمنه.
الفكر هل يصنع السياسة، أم أن السياسة تنتج الفكر؟
- الفكر الحر يصنع السياسة والعكس ليس صحيحاً إلا في حالة أن يكون الفكر موجهاً والمفكر مُشترى، المفكر هو عقل الأمة وهو لسانها وفي الأخير هو ضميرها، فليس على المفكر أن يعرض نفسه كبضاعة تباع وتشترى، المفكر الحر هو الذي لا تستطيع أية سلطة شراءه أو أية قوة المتاجرة به لأنه ضمير الأمة، وإذا كان لا يجب على السياسي أن يؤثر في المفكر الحر، فالواجب على المفكر الحر والنزيه أن يؤثر في السياسي، كما يجب أن يترك بصماته الواضحة على السياسة وعلى اتجاهاتها وتوجهاتها، والأجمل من ذلك أن يتكامل المفكر مع السياسي والفكر مع السياسة، أقولها صراحة ما أجمل الحياة عندما تتعانق السياسة مع الفكر، وما أتعس المجتمع عندما يتحول المفكر من ضمير للأمة إلى نعجة، وإلى بوق يعزف على أوتار بؤس المجتمع وشقائه.
سياسياً متى يكون الخطاب الديني مجرد تعبئة؟
- يكون الخطاب الديني مجرد تعبئة إذا سخّرته السياسة لتبرير فعل سياسي يحتاجه صناع القرار السياسي، وليس بالضرورة أن يكون ذلك الفعل لصالح الأمة.
كيف ترى خطورة استخدام مصطلح «الإسلام السياسي»؟
- الإسلام السياسي هو أحد أسوأ الإشاعات التي راجت في العالم ضمن مصطلحات أخرى وأصبحنا نرددها ببلاهة بينما أعداء الإسلام يستخدمون هذا المصطلح بخبث ودهاء، الذي أعرفه ويعرفه الجميع أن الإسلام واحد ليس فيه سياسي وغير سياسي، ومتى ما قبلنا بمصطلح الإسلام السياسي، لا بد أن نقبل بمصطلح الإسلام غير السياسي، الذي أعرفه أن هناك سياسة إسلامية ولكن ليس هناك إسلام سياسي، وهناك اقتصاد إسلامي ولكن ليس هناك إسلام اقتصادي، هناك هجمة على الإسلام في الدراسات الغربية والشرقية من خلال استخدام مصطلحات مضللة تهدف للإساءة إلى الإسلام وتنفير أتباعه منه.
الإسلام السياسي ليس هو المصطلح المضلل الوحيد، بل هناك عشرات المصطلحات التي لم ننتبه إليها منها مثلاً:
الإسلام التقليدي: Traditional Islam، الإسلام الشعبي: Popular Islam، الإسلام الجماهيري: Islam of masses، الإسلام الثوري: Revolutionary Islam، الإسلام التقدمي: Progressive Islam، الإسلام الراديكالي: Radical Islam، الإسلام المتشدد: Rigidified Islam، الإسلام المسلح: Militant Islam، التطرف الديني الإسلامي: Islamic Religious Extremism، الأصولية الإسلامية: Islam Fundamentalism، إسلام الشرق الأوسط: Middle Eastern Islam، الإسلام من أعلى: Islam From Up (ويقصد به الإسلام الذي تستخدمه النظم لتوظيف الإسلام كمصدر لشرعيتها)، الإسلام من أسفل: Islam From Bellow (ويقصد به التصوّر لدى العامة عن الإسلام)، الإسلام التحديثي: Modern Islam (ويقصد به الإسلام المرتبط بالحداثة بمفهومها الغربي). الإسلام أركان وأهداف ومقاصد واحدة، إنه نظام متكامل يتناول كل جوانب الحياة، أي الدين والدنيا معاً، إنها منظومة عظيمة من القيم والمبادئ تشمل السياسة وتشمل الاقتصاد، والتربية وغيرهما، لا نقبل من أحد أن ينقل لنا النموذج الغربي إلى مجتمعاتنا، فالعبادات والمعاملات أي الدين والدنيا مرتبطان برباط وثيق، وأي محاولة لعزلهما عن بعضها لن تجد لها في مجتمعاتنا إلا المواجهة، أما متى بدأ فلا يهمني، الذي يهمني أنه انتهى.
التجربة السعودية تظل ناقصة في غياب الحزبية وضياع صناديق الاقتراع كيف يستطيع المحلل السياسي السعودي سد الفجوة وإسقاط الفكرة؟
- القراءة المتأنية والمتابعة الدقيقة للأحزاب في وطننا العربي منذ نشوئها توصلنا لنتيجة واحدة هي: أن تلك الأحزاب كارثة حلّت بالأمة، إن معظم تلك الأحزاب رفعت شعارات لا علاقة لها بالإسلام، لأنها تبنت أفكار لينين، وكارل ماركس، وميشيل عفلق، وماو تسي تونغ، لم يكفها أن تتبنى أفكار أولئك القوم، بل فرضوا تلك الأفكار بالحديد والنار، لقد كمموا الأفواه، أسكتوا كل معارضة، قمعوا كل احتجاج ملأوا سجونهم بأشراف المجتمع وسادة الأمة وعلية القوم، ليتهم سخّروا تلك الأحزاب لصالح أوطانهم ومواطنيهم، لكن العكس هو الصحيح.
لقد سخّروا أوطانهم ومواطنيهم ومقدرات أمتهم لصالح تلك الأحزاب وتلك الأفكار، لقد زيفوا وعي الجماهير عندما كذبوا عليهم وأوهموهم بأنهم المنقذون للأمة والحقيقة أنهم داؤها وبلاؤها، وكل حزب عندما يقفز للسلطة يلعن ما قبله ثم يفعل أسوأ مما فعله، لقد نهبوا مقدرات أمتهم ثم أحالوها جثة هامدة، أما صناديق الاقتراع فالتجارب التي أمامنا تقول إن تلك الصناديق مارست التزييف وخداع الأمة بأن المرشح خصوصاً إذا كان يحتل هرم الأمة تصل نسبة الترشيح إلى 99.99 في المئة، والله الذي لا إله إلا هو لو أنها أجريت لأنبياء الله في أزمانهم ما حصلوا على تلك النسب، ليس في تلك التجارب ما يغري للاقتراب منها، بل أرى أن الخير كل الخير في الابتعاد عن تلك الأحزاب وتلك الصناديق الكاذبة.
المستقبل السياسي هل نجيد قراءته كما يجب؟
- المستقبل السياسي للوطن العربي يلفه الغموض، لا يتناوله إلا السذج من أدعياء أصحاب المهنة ممن لا يمتلكون مؤهلات التحليل السياسي ويفتقرون لآليات استشراف المستقبل.
تطرقتم إلى أن أجدادنا وآباءنا - الذين لم ينالوا نصيباً كبيراً من التعليم - كانوا أكثر وعياً وأصدق عملاً في تجسيد التسامح والتقارب بين أفراد المجتمع بمختلف أطيافهم ومذاهبهم، نحن المتعلمين والمثقفين لم نستطع أن نفعل مثلهم ونحذو حذوهم، في رأيك لماذا لم نستطع تحويل ثقافتنا ومعرفتنا إلى سلوك؟
- صحيح أن أجدادنا وآباءنا لم ينالوا نصيباً كبيراً من التعليم، ولكنهم كانوا أكثر وعياً، وأصدق عملاً في تجسيد التسامح والتقارب بين أفراد المجتمع، وذلك لأنهم تعلموا في مدرسة الحياة ونجحوا في بناء مجتمع التعايش، لقد لمست في جيل الآباء والأجداد حرصهم على بث ثقافة الأخلاق كأساس للتعايش والتقارب، إن مجرد تعليم الفرد العلوم من دون تربية أخلاقية قد يعطينا إنساناً متعلماً ولكن ليس بالضرورة خيراً ومتسامحاً، لقد عرفوا بسليقتهم أن المجتمع يحتاج للإنسان الخير أكثر من الإنسان المتعلم.
إنني مؤمن بأن نجاح المجتمعات يتوقف على أخلاقيات أفراده وتربيتهم، أما الإسلام فحدّث ولا حرج عن أهمية التربية الأخلاقية في حياة المسلم، لقد أدرك الآباء والأجداد هذه الحقيقة فحرصوا عليها وعلى تجسيدها وتطبيقها، لذا ساد الوئام والمحبة مجتمع الأحساء في السابق وأتمنى من الله أن نسير على نهجهم، فكثرة المدارس ودور العلم يجب أن تكون سنداً أكيداً لجمع الفرقة وترسيخ التجانس والوئام، وليست سبباً في «التعنصر» والكراهية والتباعد، لقد كان الآباء والأجداد يرددون بوعي عندما يرفع أحد ما شعار المذهبية: «ما تعصب إلا مذهبي أو غبي».
لماذا الدعوة إلى التسامح بين أطياف المجتمع لا تجد تفعيلاً في الميدان بعيداً عن الورق؟
- التسامح بين الكبار من الجيل الماضي وما قبله خريجي مدرسة الحياة قائم ولا يحتاج لدليل أو برهان، أما بين الشباب خريجي المدارس والجامعات فأنا أعتقد أن هذا الجيل مختلف نوعاً ما ولكن فيه خير كثير، ولكني مؤمن بأن طريقة التعامل مع الأجيال الشابة يجب أن تكون مختلفة لأنه جيل فُطر على القراءة والنقاش فلن يؤثر فيه الإقناع كثيراً، ولن تنجح معه المواجهة أبداً، هذا الجيل بحاجة للمعرفة، إن معرفة كل شخص معرفة تامة بما يؤمن به الطرف الآخر هو السبيل للتقارب، ويجب أن يعرف الجميع أن التقارب لا يجب أن يأتي على حساب تنازل أحد عما يعتقده، ولكن التقارب يمكن أن يفعّل من خلال التركيز على العوامل المشتركة والابتعاد عن عوامل الاختلاف أو الخلاف للانطلاق نحو مجتمع متكاتف ومتجانس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.