تنظر محكمة جنوبالقاهرة في جلستها في 18 كانون الثاني (يناير) المقبل في الدعوى القضائية التي أقامها إدوار إمبان، حفيد البارون صاحب أشهر قصر في العالم لا تغيب عنه الشمس طوال النهار. وطالب إدوار باسترداد ممتلكات والده وجده بصفته الوريث الشرعي الوحيد لهما. وكان حفيد البارون حضر إلى القاهرة بعدما علم أن الحكومة المصرية استولت على القصر في ضاحية مصر الجديدة، وتحفظ «بنك ناصر الاجتماعي» عليه بحجة عدم وجود مالك له بعد وفاة البارون. وقرر حفيد البارون المطالبة بحقه في عقارات جده، وقدم ما يؤكد أحقيته في الميراث إضافة إلى جواز سفره منسوباً إلى جده. يقع القصر في منطقة مصر الجديدة على مقربة من مقر رئاسة الجمهورية وعلى الطريق المؤدي إلى مطار القاهرة الدولي. ويعتبر تحفة معمارية فريدة. شيده المليونير البلجيكي البارون إدوارد إمبان الذي جاء من الهند إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر وقرر بناء قصر له في صحراء مصر الجديدة فاختار هذا الموقع وأعجب بتصميم مهندس فرنسي يدعى إلكسندر مارسيل فأشتراه منه ليبني أول البنايات الشاهقة المميزة التي زينت صحراء مصر الجديدة عام 1911. شيّدت القاعدة الخرسانية للقصر على «رولمان بيلي» تدور على عجلات بحيث يلف القصر بمن فيه كل ساعة، ليرى الزائر كل ما يدور حوله ويتابع الشمس في دورانها على مدار النهار. يشغل القصر وحديقته مساحة 12500 متر مربع، واستلهمت تصاميمه من معبد انكور الكمبودي ومعابد هندروسية حيث شرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية. عند افتتاح القصر قبل نحو مئة سنة، دعا البارون السلطان حسين كامل الذي انبهر عندما صعد إلى البرج، ولم يصدق عينيه. فالقاهرة كلها أمامه. وتملكت الغيرة من قلبه فرفض أن يكون في عاصمة ملكه ما هو أعلى وأجمل من قصره. فأوصى أن يهدى القصر إليه، ولكن البارون اعتذر في أدب جم، فخرج السلطان غاضباً، ولم يجد البارون حلاً سوى بناء قصر آخر مجاور لقصره. وأهداه لسلطان البلاد ونفذ الفكرة في زمن قياسي، لكن السلطان رفض الهدية وأصر على القصر الأصلي. وحزم البارون حقائبه، وغادر مصر. وبعد فترة عاد وأنشأ شركة «واحة هليوبوليس» التي أسس من خلالها «ضاحية مصر الجديدة»، وفيها المساكن للطبقة الأرستقراطية والجاليات الأجنبية، واختار لها اسم «هليوبوليس» (أي مدينة الشمس) واشترى الفدان آنذاك بجنيه واحد من الحكومة، وأوصل المرافق وأنشأ فيها مترو مصر الجديدة. عادت حكاية البارون إلى الأضواء اليوم إثر عودة حفيده للمطالبة بممتلكات جده وعلى رأسها هذا القصر الشهير. فهل سيحصل عليها؟ هذا ما تتداوله جلسات المحكمة في الأشهر المقبلة!