نشرت صحيفة «الوطن» قصة تقول إن رجلاً سعودياً تزوج فتاة سعودية، لكن أخاها اعترض على هذه الزواج بسبب صغر سنها، وإن من قام بتزويجها هو خالها، لأن والدتها السورية تركت السعودية بعد موت زوجها وذهبت لسورية. القصة هنا عادية، حتى يتبيّن لنا أن القضاء السوري أبطل العقد ووصف عملية الزواج باللا إنسانية، فالطفلة عمرها 12 سنة، والزوج عمره 40 عاماً، أي بفارق 30 عاماً تقريباً. الزوج استطاع عبر تسهيلات، كونه زوجاً وذكراً، استخراج جواز سفر ووثائق بديلة من المؤسسات السعودية، ودخلت الزوجة السعودية مع زوجها. يقول الأخ الذي يحاول فسخ العقد: «للأسف أن التقاضي في المحاكم أضاع الوقت لغير صالح أختي القاصرة، وزاد في تعقيد الأمور، فقد استطاع زوجها أن يستحوذ على جميع إرثها وأملاكها بموجب وكالة عامة أعطته إياها أختي ليتصرف في جميع إرثها ومالها، وبناء عليه أجرى مبايعة لجميع أملاكها وإرثها من أبينا، كما أنجبت أختي منه طفلة عمرها الآن ثلاثة أشهر». ما لفت نظري هو أن الرجال الذين يتداولون أمر النزاع هم الخال، والزوج، والأخ غير الشقيق، ثم القاضي، والفتاة غائبة عن كل هذا، وأنا متأكدة أن معظمنا سيقول: لكنها طفلة، وجوابي هو ما دام أنها طفلة لا تملك من أمرها حكمة ولا قراراً فلماذا زُوِّجت؟ أليس هذا هو السبب الذي من أجله نطالب كل يوم بأن تُحفظ حقوق الأطفال ويتم تمكينهم من حقوقهم في هذه الحياة، حق الأمن بأشكاله كافة، وحق التعلّم والنمو حتى سن الرشد ليكونوا في أمر مثل هذا جديرين باتخاذ حق تقرير المصير، والسؤال الأهم: ترى لو أن الفتاة بلا إرث هل ستُحظى جريمة تزويجها بالأهمية نفسها لدى المتخاصمين؟ وما هو جوهر الخصومة: الاعتداء على طفولتها؟ أم سرقة أموالها؟ أم الاثنان معاً؟ المسؤولية في نظري تقع على القضاء الذي لا يوافق حتى اليوم على وضع عقوبات رادعة لمثل هذه الانتهاكات، لأن منع زواج القاصرات ليس من مبادئ العدل، وعلى رغم أن تنظيماً حديثاً يقيّد زواج السعوديين بغير السعوديات والسعوديات بغير السعوديين، وهو تقييد ومنع لما هو مباح، لكنه تنظيم تقتضيه رؤية الدولة لمصلحة المجتمع، إلا أن زواج القاصرات بقي مساساً بمباحات من الدين لا يجوز تقييدها، لأنها ستحرم الذكور من متعة التلذذ بأجساد الصغيرات للراغبين والطالبين، ولا أدري كيف لا ينتبه المجتمع إلى أنه بهذه الموافقة على هذا التنظيم الشاذ يدمر بنيته ومصلحته، فالأربعيني الذي يتزوج بطفلة في عمر الثانية عشرة يترك فتياتٍ في عمر الزواج للعنوسة، ومؤهلات للتوافق في نظام الزواج أكثر من الطفلات القاصرات. كما أن مشكلة القضاء أنه لا ينظر للمرأة على أنها راشدة، فكل النساء عنده تحت الوصاية وحق التصرف بهن للذكور، والخصومة التي تنشأ حول عقود زيجاتهن وأموالهن المسروقة والموروثة من حق الذكور، الذكور وحدهم في نظر القضاء راشدون، ومهما خرجت أفعالهم عن الرشد فهم لا يدفعون الثمن. [email protected]