تكمن أبرز الأخطار الاقتصادية التي تواجه السعودية خلال العام الجديد 2011، في استمرار الضعف في نشاط سوق الإقراض المحلية كواحد من الآثار التي خلفتها أزمة المال العالمية، لكن الاقتصاد السعودي سيحتفظ بوتيرة انتعاش «معتدلة» بدأها خلال العام الجاري، وفق فريق اقتصادي في مصرف «مورغان ستانلي». ولفت محللون متخصصون في الشؤون المصرفية، إلى أن «حركة الائتمان المصرفي في السعودية لم تستعد بعد قوة الزخم التي اعتادتها قبل الأزمة العالمية»، مشيرين إلى أن «نسبة النمو السنوية التي سجلها الاقراض المصرفي للقطاع الخاص في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي لم تتعد 3 في المئة، مقارنة بنسبة نمو قياسية بلغت 33 في المئة في 2008». وأكدوا أن «ضعف حركة الائتمان لا يرجع إلى نقص في السيولة، إذ إن المصارف السعودية تملك من الاحتياط فائضاً ضخماً يزيد على ستة أضعاف مستواه في منتصف 2008، بل يعود إلى تشدد مفرط من جانب المصارف في شروط الائتمان وضعف ظاهري في إقبال المستثمر المحلي على الاقتراض». لكنهم رجحوا، في تحليل استشرافي مصرفي اقتصادي مشترك عن السعودية صدر قبل أمس، احتمال زوال معوقات الائتمان في المدى القصير، متوقعين أن «ينمو الاقتصاد السعودي غير النفطي في 2011 بنسبة 4.6 في المئة مدعوماً بارتفاع تدريجي في الانفاق الخاص الاستهلاكي والاستثماري نتيجة تحسن مرتقب في ثقة المستهلكين والأعمال والشركات». وأوضح فريق المصرف الأميركي أن «مساهمة قطاع النفط في نمو الاقتصاد السعودي في العام الجديد ستكون محدودة»، لافتين إلى أن «الانتاج النفطي لا يتوقع أن ينمو بنسبة تزيد على 1.1 في المئة». ولاحظوا أن «الانفاق الحكومي سيستمر في أداء دور المحرك الأساس في نمو القطاع غير النفطي، لكن مقارنة بالأسعار، سيؤدي الانتاج النفطي أيضاً دوراً متواضعاً في ايرادات السعودية». وطبقاً لتقديرات ادارة معلومات الطاقة، الذراع الاحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، فإن ايرادات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) التي انهارت بنسبة 41 في المئة في 2009، يتوقع أن ترتفع بنسبة 31 في المئة في العام الجاري و13 في المئة في 2011 لتبلغ 850 بليون دولار. وتشكل نسبتا زيادة الايرادات المتوقعتان تعويضاً مؤكداً بالنسبة الى أكبر منتجي «أوبك» لا سيما أنهما تأتيان بعدما انهارت الايرادات النفطية السعودية من 288 بليون دولار في 2008 إلى 153 بليوناً في 2009، منخفضة بنسبة 47 في المئة. وبحسب تقديرات ادارة معلومات الطاقة، يتوقع أن ترتفع ايراداتها إلى نحو 200 بليون دولار هذا العام وإلى نحو 230 بليوناً في 2011. وظهرت أولى مؤشرات انتعاش الايرادات في الميزان التجاري السعودي - الأميركي، ففي 2008 بلغت مساهمة السوق الأميركية في ايرادات النفط السعودية العالمية نحو 20 في المئة (55 بليون دولار) ثم انخفضت بفعل تراجع الواردات النفطية الأميركية وانهيار أسعار النفط إلى 14 في المئة (22 بليون دولار) في 2009، لكن يتوقع الآن أن تعكس مسارها مرتفعة في خطوتها الانتعاشية الأولى إلى 15 في المئة (31 بليون دولار). وأشار فريق «مورغان ستانلي» إلى أن «انتعاش الايرادات النفطية، لا سيما بعد ارتفاع متوسط أسعار النفط العالمية بنسبة 8 في المئة عام 2011 بحسب الاتجاه الحالي لمؤشر سوق الصفقات الآجلة في نيويورك، من شأنه أن يحقق للسعودية فائضين في الموازنة المالية وميزان المدفوعات الخارجية بنسبتي 3 و11 في المئة من الناتج المحلي على التوالي، إلا أن الزيادة المتوقعة في الإنفاق الحكومي وما يترتب عليها من زيادة غير مباشرة في الواردات، سيعملان على بقاء الفائضين المالي والتجاري في حدود المستويين المسجلين في 2010». وفي حين توقع صندوق النقد الدولي في أحدث تعديل لتوقعاته في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أن يعزز الاقتصاد السعودي وتيرة نموه من 3.4 في المئة في 2010 إلى 4.5 في المئة في 2011 بعدما كانت أقل من واحد في المئة في 2009، رجح فريق المصرف أن «تأتي نسبة النمو في العام الجديد أقرب إلى 3.7 في المئة». وعزوا السبب إلى أن «الزيادة في الايرادات النفطية ستكون أقل مما كانت عليه في 2010». إلا أن فريق «مورغان ستانلي» التقى مع صندوق النقد، في توقع استقرار مؤشر التضخم في حدود 5 في المئة عام 2011 مع انحسار الضغوط التضخمية في قطاع السكن في المدى القصير، لكن حذر من أن «استمرار ارتفاع أسعار الغذاء العالمية ستؤدي إلى إضعاف الاستقرار المتوقع في مؤشر التضخم السعودي الذي يشكل الغذاء 26 في المئة من بنوده».