اهتمام الفضائيات السودانيّة، أخيراً، بنجمة «ستار أكاديمي 7» زينة أفتيموس لا يدل إلا على «عصبية» تحكم توجهات إدارات هذه الفضائيات؛ فوجه المطربة السورية الشابة ما كان له أن يطل عبر الشاشات السودانية، رسمية وخاصة، إلا لأنها اختارت، في مسابقةٍ ما، أن تؤدي أعنية «أسمر جميل» للمطرب السوداني الراحل إبراهيم الكاشف! لو أن هذا الاهتمام انتهى عند بث الأغنية في برنامج للمنوعات، مثلاً، أو تتطور إلى حوار فني مع موسيقيين حولها، لكان مقبولاً ومفهوماً. فما هو معروف أن أهل المغنى في السودان يبحثون منذ وقت عن حلول أو طرق لنشر أغانيهم في الإعلام العربي، ومع أداء زينة السورية لهذه الأغنية المعقدة، شكلاً ومضموناً، بدا أن المشكلة ليست في الأغنية السودانية أو سلمها الخماسي أو كلماتها أو أسلوب تنفيذها، كما جرى الحديث دائماً، ولكن في الوسائل التي اعتمدت لنشرها عربياً. بيد أن ما حظيت به المطربة السورية الشابة فاق ذلك، وبكثير. فقناة «النيل الأزرق»، مثلاً، أرسلت فريقاً إلى دمشق وحاورتها حول علاقتها بالطرب السوداني، كما بثت الأغنية في أكثر من مناسبة. أما التلفزيون الرسمي فلم يكتف ببث الأغنية، باحتفاء شديد، خلال برمجته في العيد وفي الأيام القليلة الماضية، بل قدم الدعوة إليها لتشاركه احتفالاته بمرور خمسين سنة على تأسيسه والتي تشهدها الخرطوم هذه الأيام متزامنة مع فعاليات الجمعية العامة لاتحاد الإذاعات العربية. وستشارك زينة المطرب السوداني عاصم البنا أداء مجموعة مختارة من أغاني إبراهيم الكاشف في الأيام المقبلة، كما ستطل على المشاهد السوداني من شاشاته المختلفة «هارموني» و «قوون» و «النيل الأزرق» وسواها! نشير إلى أن الأغنية، موضوع كل هذا الاهتمام، كانت بثت منذ فترة على إحدى القنوات العربية ووصلت إلى المشاهد السوداني عبر اليوتيوب، ووُزع رابطها الإلكتروني على نطاق واسع في منتديات الحوار الإلكتروني. ثم انتقل أمرها إلى الصفحات الفنية. وهنا تبارى نقاد الموسيقى في مدح تجربة الأداء، وأسهبوا في الحديث عن قدرات المطربة الشابة في التعاطي مع الأغنية الموقعة على السلم الخماسي، بطريقة جميلة ومؤثرة. حتى كتّاب الرأي السياسي تركوا مشاغل الاستفتاء الشعبي لسكان جنوب السودان وتسريبات موقع ويكيليكس وسواها من أمور، ليتكلموا عن هذه الفتاة الشامية الجميلة التي غنّت لرائد الأغنية الحديثة في السودان. معدو البرامج التلفزيونية انتبهوا أخيراً، كما يبدو، أو هم تأثروا بما كُتب، وركبوا موجة زينة أفتيموس بصورة مبالغ فيها قد تكون المطربة الصغيرة استغربتها كثيراً. ولعل دهشتها ستكبر أكثر عندما تعلم أنها المطربة العربية الوحيدة، من جيل الشباب، التي أطلت عبر الشاشة السودانية الرسمية، طيلة العقدين الماضيين؛ لا لشيء إلا لأن هذه الفضائية لا تبث من الأغاني العربية إلا تلك المصورة في زمن «الأبيض والأسود»، مثل أغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وفيروز وعبد الحليم حافظ وسواهم... وهي أيضاً تبث أغاني الجلسات الخليجية التي تصل عبر «برامج التبادل العربي»، من دون أن تحفل بمطربي عصر الفيديو كليب ومطرباته.