الذكاء الاصطناعي يخفض استهلاك أرامكو للطاقة 15%    10.86% نمو قروض الأمن الغذائي    الرئيس السوري يقدّم تعازيه لترامب بعد مقتل أميركيين بهجوم تدمر    الراجحي يدشن صالونه الأدبي الموسمي ويحتفي بضيوفه بمنتجعه بالرياض    رسالة سعودية: لا "لاحتكار الجنوب" ولا لفرض الأمر الواقع في "حضرموت والمهرة"    اجتماعات برلين تعيد التفاوض بين أوكرانيا وروسيا    جنوب السودان وكردفان تحت ضغوط المناخ والصراع    أخضر "تحت 23" يهزم الإمارات ويبلغ نهائي الخليج    ‫رينارد: علينا التركيز والحذر    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس جمهورية الصين الشعبية تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين    تعليم منطقة الباحة يعلن تعليق الدراسة يوم غدٍ الاثنين    شقيق الإعلامي علي العكاسي في ذمة الله    جناح إمارة منطقة تبوك يوثق تنوع الإرث الطبيعي والتاريخي في معرض وزارة الداخلية بمهرجان الإبل    الوسط الثقافي يفجع برحيل صاحب الحزام    فقدان السمع مبكرا لدى المراهقين    مدير شرطة منطقة جازان يقدم التعازي لشيخ قبيلة العكرة في وفاة شقيقته    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الصين    الأمير سعود بن نهار يطلق جائزة الطائف للعمل المجتمعي والتطوعي في دورتها الثالثة    الأخضر يختتم استعداده لمواجهة الأردن في نصف نهائي كأس العرب    الغامدي يزور جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات على نفقة سموه الخاصة    اختتام المؤتمر الدولي لخالد التخصصي للعيون ومركز الأبحاث    أمير جازان يستقبل رئيس النيابة العامة بالمنطقة    المملكة تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة سيدني الأسترالية    ديبورتيفو ألاهويلنسي الكوستاريكي يتوّج بلقب النسخة الثانية من بطولة مهد الدولية للقارات لكرة القدم    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على شخص لترويجه 11كيلو جرامًا من نبات القات    جدة والرياض.. بنية رياضية تعزز جاهزية كأس آسيا تحت 23 عامًا 2026    42 ميدالية سعودية في آسيوية الشباب البارالمبية    حضورٌ دوليٌّ رفيع في المنتدى العالمي الحادي عشر لتحالف الأمم المتحدة للحضارات بالرياض    استعدادت لانطلاق النسخة الأولى من المؤتمر الدولي للأوقاف    هيئة الربط الكهربائي وجمعية طاقة مستدامة توقعان اتفاقية نحو مستقبل طاقة مستدام    نمو أعداد الممارسين الصحيين إلى 800 ألف    مدينة الملك سعود الطبية تدشّن اليوم العلمي الأول لزراعة الأسنان لعام 2025    أمير منطقة جازان يستقبل سفير إثيوبيا لدى المملكة    حركة الوجود    الغرور العدو المتخفي    لا تكن ضعيفا    رئيس بلدية صبيا يواصل المتابعة الميدانية لسير العمل في مشروع الكوبري    السجل العقاري يدعو الملاك لاستكمال التسجيل قبل 19 مارس 2026    بدء المرحلة الثانية من مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات الفطرية بالمملكة    شراكة مجتمعية بين بلدية محافظة رياض الخبراء وجمعية ماء لخدمات المياه    أمير الرياض يستقبل رئيس المحكمة الجزائية المعين حديثًا بالمنطقة    محافظ الأحساء يكرّم عددًا من ضباط وأفراد الشرطة لإنجازاتهم الأمنية    تجمع القصيم الصحي يحصد ثلاث جوائز وطنية في الرعاية الصحية المنزلية لعام 2025    فهد الطبية الأولى عالميًا خارج الولايات المتحدة كمركز تميّز دولي لعلاج الجلطات الرئوية (PERT)    "البحري" شريك استراتيجي لمبادرة "ويف"    استمرار هطول الأمطار.. والدفاع المدني يحذر    كورال المركز الوطني للفنون المسرحية في الصين تقدم عروضا في مركز إثراء بالسعودية    مانشستر سيتي في اختبار صعب أمام كريستال بالاس    وسط حصيلة متزايدة لضحايا غزة.. استشهاد فلسطيني متأثرًا بجراحه في خان يونس    وسط انتقادات واشنطن لقرار أممي.. مؤتمر دولي لبحث إنشاء «قوة غزة»    تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية.. دورات متخصصة لتأهيل الدعاة والأئمة ب 3 دول    تعزيز الأمن الغذائي المستدام    ضبط 19.5 ألف مخالف    يسرا اللوزي تستعد بمسلسلين لرمضان    أمسية شعرية وطنية في «جدة للكتاب»    فسح وتصنيف 40 محتوى سينمائياً    العزاب يغالطون أنفسهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر اقتصادية - كيف نجحت ألمانيا في تجاوز الأزمة؟
نشر في الحياة يوم 15 - 12 - 2010

ينظر العالم، خصوصاً الأوروبيين والأميركيين، هذه الأيام إلى ألمانيا بعين الإعجاب والحسد، على ضوء نجاحها غير المتوقع في تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية أكثر من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى والولايات المتحدة. وانعكس الأمر نمواً في اقتصادها بنسبة أربعة في المئة هذه السنة، في مقابل أقل من اثنين في المئة على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل. وتراجعت نسبة البطالة فيها إلى أقل من سبعة في المئة للمرة الأولى منذ عام 1991. وعادت الشركات الألمانية إلى تحقيق أرباح عالية، ما رفع أصوات المطالبين بزيادة الأجور وخفض الضرائب. وعادت مصارف ألمانية كثيرة إلى التعافي بعدما تبين أنها متورطة أقل من المتوقع في المضاربات العقارية والمالية.
يعود نجاح الاقتصاد الألماني في تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية إلى أسباب كثيرة أبرزها حفاظه على بنية صناعية رائدة على رغم رياح العولمة التي عصفت بصناعات تقليدية عديدة كصناعات الألبسة والأحذية. وتتميز هذه البنية بتخصصها في منتجات نوعية أو دقيقة لا تستطيع البلدان الأخرى منافستها فيها، خصوصاً لجهة الجودة. ويُنتَج بعض هذه المنتجات في ألمانيا فقط، كتلك المتخصصة في التنقيب عن النفط والثروات الطبيعية عند أعماق سحيقة وفي مناطق صخرية ووعرة. وهناك معدات وتجهيزات وآلات ألمانية أخرى خاصة بالاتصالات وتوليد الطاقة وتحديث البنية التحتية والطب والأدوية والأسلحة تعتمد عليها دول العالم كلها تقريباً.
تُضاف إلى ذلك صناعة السيارات التي استطاعت تصحيح أوضاعها والعودة إلى المنافسة والحفاظ على معظم أسواقها العالمية. ولعل ما يميز الصناعات الألمانية هو تطويرها المستمر في شكل يرفع من قدراتها التنافسية حتى في مقابل السلع الصينية والآسيوية، وهو ما يفسر زيادة الصادرات الألمانية خلال الشهور الستة الماضية إلى دول شرق آسيا التي كان لها فضل كبير في تحقيق معدلات النمو العالية للاقتصاد الألماني هذه السنة.
مما لا شك فيه أن الحفاظ على البنية الصناعية للاقتصاد الألماني في وقت اتجهت فيه دول أوروبية صناعية أخرى مثل بريطانيا وأسبانيا إلى القطاعات الخدمية، ما كان لينجح لولا التعاون الوثيق بين الدولة واتحادات أصحاب العمل والنقابات. هذا التعاون الذي يقوم على تقديم التضحيات المتبادلة بغية التوصل إلى حلول تراعي مصالح مختلف الأطراف مقدار الإمكان، أثمر خلال السنوات العشرين الأخيرة اتفاقات لتجميد الأجور وخفض تكاليف الإنتاج الأخرى والضمانات الاجتماعية. في هذه الأثناء استمرت الدولة الألمانية في تقديم قروض وضمانات حكومية ميسرة للشركات المتعثرة، ما ساهم في شكل كبير في رفع قدرتها التنافسية على الصعيدين الأوروبي والعالمي.
وفي وقت كانت ألمانيا مشغولة بخفض تكاليف الإنتاج على رغم احتجاجات عمالية غاضبة في أكثر من قطاع، كانت دول أوروبية مثل اليونان وأسبانيا تشهد زيادة فيها من خلال رفع الرواتب والأجور. وفي دول مثل بريطانيا كانت إعادة هيكلة الاقتصاد تتم لمصلحة القطاع المالي بما فيه الافتراضي، في مقابل إضعاف دور الدولة والصناعات الرائدة، ما جعل من لندن مركز المال والمضاربات الأهم بعد نيويورك على الصعيد العالمي. ومن هنا تأتي المعاناة القاسية لبريطانيا من الأزمة المالية العالمية التي بدأت في الولايات المتحدة.
يمثل التعاون الوثيق بين الدولة وأصحاب العمل والنقابات في ألمانيا أحد أبرز ميزات النموذج الاقتصادي الرأسمالي الألماني منذ خمسينات القرن الماضي. وأثمر هذا النموذج عن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي بلور مفهومه وزير الاقتصاد الألماني لودفيغ إرهارد نهاية أربعينات القرن الماضي. ويقوم هذا المفهوم على الربط بين تحسّن الأداء الاقتصادي وتحقيق التقدم الاجتماعي. وساد هذا الاقتصاد في شكل خاص في ألمانيا والبلدان الإسكندينافية وأطلق عليه عالم الاقتصاد الفرنسي ميشائيل ألبرت مصطلح «رأسمالية الرين» أوائل تسعينات القرن الماضي.
وخلال سنوات ما قبل الأزمة المالية العالمية، تعرض نموذج «رأسمالية الراين» لهجوم حاد من الليبيراليين الجدد الذين ارتفعت أصواتهم في الغرب مع وصول رونالد ريغان ومارغريت ثاتشر إلى الحكم. غير أن الأزمة الحالية أعادت الاعتبار إلى هذا النموذج على حساب رأسمالية السوق أو النموذج الرأسمالي الأنكلوسكسوني الذي يراهن على الفرد والمبادرات الفردية من دون دور تنظيمي وفاعل للدولة في الحياة الاقتصادية.
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - برلين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.