ينظر الأب صدفة إلى علبة الدواء التي تشرب منها ابنته الصغيرة منذ أربعة أيام، تصيبه دهشة عارمة فور ملاحظته أن تاريخ صلاحية الدواء منتهٍ، والأنكى مضي أربعة أشهر على انتهائه! دوافع دهشته لا تتوقف عند انتهاء التاريخ لمنتج طبي يفترض ان يحمي صحة البشر لا أن يضرهم، فهو يستغرب كيف تمارس صيدلية تقع داخل سوق تجاري كبير على مرأى من الجهات المسؤولة، هذا الانتهاك، خصوصاً أنها تشرف على شارع رئيسي (الدائري الشرقي) في العاصمة السعودية الرياض. هذه قصة يرويها أب كان يتسوق وانتبه أن السوق تحوي صيدلية على طريقة ما بات يعرف بصيدليات «الهايبر». ربما لأن الصيدلية في سوق تعج بالناس والمتسوقين. لم يكلف الأب نفسه النظر إلى تاريخ صلاحية المضاد الحيوي لابنته المصابة بنزلة برد. كم عدد المستهلكين الذين يشترون البضاعة دون أن ينظروا إلى تاريخ الانتهاء، خصوصاً إذا كان المنتج دواء؟ لعل من الأسهل أن يعد المستهلكون الذين ينظرون إلى العلاج، فهم أقلية دون شك. لم يعرف الأب المصدوم إلى أين يتجه حينما اكتشف انتهاء تاريخ علاج ابنته. ومثله غالبية المستهلكين الذين لا يعرفون من الجهة المسؤولة عن ذلك، أو كيف يمكن التصرف في موقف مشابه. يمكن الاعتقاد بسهولة أن وزارة الصحة تراقب الأدوية والصيدليات في كل دول العالم. لكن الأكيد أن الرقابة على الصيدليات «الهايبر» وتقديم شكوى ضدها سيكون مهمة أصعب، فهي تحوي منتجات تدخل تحت رقابة وزارة الصحة أو هيئة الدواء والغذاء وأخرى استهلاكية غذائية، الرقابة عليها تقع على عاتق وزارة التجارة التي يواظب مسؤولوها على التصريح في مناسبات عدة بأن وزارتهم تعاني نقصاً حاداً في عدد المراقبين حول السعودية المترامية الأطراف. من جهته، أوضح مصدر في المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة الرياض أن إدارة الرخص الطبية والصيدلة هي الجهة الرقابية المسؤولة عما يخص الأدوية في الصيدليات «الهايبر»، لافتاً إلى أن الإدارة «تقوم بمهمة متابعة الصيدلايات ومراقبة تاريخ الانتهاء وكذلك الأسعار او بيع ادوية محظورة دون وصفات طبية». وأضاف أن المديرية تنفذ جولات ميدانية يومية مجدولة لتشمل جميع الصيدليات الموجودة في الرياض. وأوضح المصدر (فضل عدم ذكر اسمه) أن المديرية تسجل أكثر من حالة مشابهة بشكل شهري، مشيراً إلى أن العقوبات تتفاوت من التغريم وتصل أحياناً إلى حد إقفال الصيدلية. وطالب المصدر أي مواطن يسجل أي حالة من هذا النوع، بالحضور إلى المديرية في قسم ادارة الرخص الطبية والصيدليات وعلى الفور يقوم فريق من الإدارة بالذهاب إلى الصيدلية والتأكد من البلاغ وتطبيق النظام في هذا الشأن. ويتضح من حديث الصيدلي سمير النابلسي أن الأمر متعلق فقط بمدى اجتهاد الصيدلي وتنظيمه وأمانته، «حالات انتهاء تاريخ الدواء أو المنتج الغذائي في صيدليات «الهايبر» أمر وارد كما هي الحال مع أي متجر في أي مكان، إلا أن الصيدلاني الجيد يأخذ في الاعتبار عمل بعض الإجراءات للتأكد من سلامة تاريخ الدواء». ويضيف: «نفحص الدواء ونسجل تاريخ قدومه وانتهائه في دفتر خاص قبل عرضه للبيع، بعدها نراجع الدفتر ونتأكد من عدم انتهاء صلاحية أي من الأدوية الموجودة».