انتقلت مقولة «الطلب أكثر من العرض» التي تلوكها الألسنة كلما طرأ ارتفاع على سعر أي سلعة إلى سوق الفحم والحطب في السعودية الذي يسجل ارتفاعات كبيرة منذ شهر رمضان، خصوصاً على المنتج المحلي الذي يصنع في المدينةالمنورة وفي المنطقة الجنوبية بنسبة 50 في المئة، فيما ظلت أسعار الفحم المستورد من اندونيسيا وماليزيا والسودان ثابتة ولم تسجل أي ارتفاعات تذكر، وعلى رغم تلك الارتفاعات إلا أن بائعين أكدوا أن السوق لم تشهد أي عزوف من المستهلكين، خصوصاً من أصحاب المقاهي والمطاعم. وخلال جولة ل «الحياة» على سوق الفحم والحطب في جدة اتضح سيطرة العمالة الأجنبية على السوق وسط غياب تام من وزارة التجارة والأمانات، ما أسهم في كثرة البيع العشوائي والغش التجاري داخل السوق. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن حجم سوق الفحم والحطب في السعودية يتجاوز 25 مليون ريال خلال العام الواحد. وأوضح البائع طالب أحمد، أن «أسواق الفحم سجلت ارتفاعات كبيرة على الفحم المحلي خلال الفترة من شهر رمضان الماضي بنسبة 50 في المئة»، مشيراً إلى أن أسعار الفحم ظلت ثابتة لسنوات عدة، ولم تشهد أي ارتفاعات تذكر، غير أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعات في الأسعار، وكان سعر كيس الفحم المحلي الكبير (40 كيلو) لا يتجاوز 60 ريالاً، بينما وصل قيمته الإجمالية في الوقت الحالي إلى 110 ريالات. ولم يعط طالب أي أسباب حقيقية وراء تلك الارتفاعات، إلا انه أكد أن جميع مصانع الفحم سجلت الزيادة نفسها، معتبراً أن سوق الفحم أكثر الأسواق رواجاً خلال مواسم العام، ما جعل تجارة الفحم تتغير عن السابق، لافتاً إلى أن هناك توجهاً لدى أصحاب محال الفحم في ظل الارتفاعات المستمرة وبقاء البضائع داخل مستودعاتها إلى اللجوء إلى بيع الفحم على بعض «الميني ماركت»، إذ تتم تعبئة الأكياس بأوزان وأسعار مختلفة. وحول تأثر الطلب على المنتج المحلي مع ارتفاع الأسعار، قال: «لم يتم تسجيل أي انخفاض على الطلب، بينما بدأت أسهم المنتج المستورد في الانخفاض على رغم ثبات قيمته المالية»، وعزا ذلك إلى أن المنتج المحلي أكثر جودة والطلب عليه في زيادة، خصوصاً من المقاهي والمطاعم». ووصف البائع الآخر مصطفى أمين ارتفاعات أسعار الفحم والحطب خلال الفترة الماضية بأنها طبيعية، خصوصاً مع الطلب المتزايد في ظل انخفاض العرض، وقال: «بدأ تواجد بعض أنواع الفحم المحلي الرئيسية في الأسواق بالانخفاض، الأمر الذي أحدث نوعاً من تغير التوجه والطلب لأنواع أخرى بديلة، وهو ما أسهم في ارتفاعات أسعارها عن المستوى الاعتيادي»، لافتاً إلى أن سوق صناعة الفحم وجلب الحطب مكلف جداً ويستنزف الكثير من الوقت والجهد». وأضاف: «ارتفعت نسبة الإقبال على سوق الفحم والحطب مع دخول فصل الشتاء بنسبة تتجاوز 20 في المئة عن بقية المواسم على رغم أن سوق الفحم لم يشهد خلال مواسم السنة أي انخفاضات كبيرة تذكر على الطلب». من جانبه، كشف صاحب محال فحم بجدة موسى الردادي، أن حجم الاستيراد خلال العام الحالي 2010 ارتفع مقارنة بالأعوام الأخرى، خصوصاً من دول السودان والصومال، موضحاً أن نسبة الإقبال على المنتج المستورد ارتفعت كذلك بنسبة 10 في المئة، إلا أنه أكد أن الإقبال على المنتج المحلي أكثر من المستورد على رغم ارتفاع أسعار المنتج المحلي في الفترة الأخيرة. وتابع: «سجلت أسعار الفحم المحلي من مصانع المدينةالمنورة والجنوب ارتفاعات خلال الفترة من شهر رمضان بنسبة تجاوزت 50 في المئة، موضحاً أن دخول موسم الشتاء أسهم في ارتفاع الطلب على الفحم والحطب بنسبة قدرها ب20 في المئة. وعلى جانب آخر، رأى الخبير الاقتصادي الدكتور شكيل حبيب ضرورة تنظيم حركة البيع داخل محال الفحم والحطب، ووجود تنظيم لتجنب عملية بيع أي منتج مغشوش أو غير صالح للاستخدام، مشيراً إلى أن السعودية وعلى اعتبار أنها دولة منتجة للفحم تحتاج محال بيعها إلى ضوابط معينة تمنع وجود أي مواد ضارة بالبيئة. وتساءل حبيب هل بالفعل أصبحنا بحاجة إلى الفحم كمصدر مولد للطاقة في ظل وجود بدائل أخرى صديقة للبيئة كالغاز السائل المستخدم في المنازل، إذ إن المواد المستخدمة في صناعة الفحم تحوي على مواد ضارة على الأطفال وغيرهم كغاز أول أكسيد الكربون. وطالب وزارة التجارة بالتدخل بشكل سريع في تنظيم ورقابة سوق الفحم، مشيراً إلى أن وزارة التجارة جهة مسؤولة لحماية المستهلك من أي عمليات غش.