تبنّت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليمالجنوب الذي يتمتع بحكم ذاتي، أمس، رسمياً وللمرة الأولى خيار انفصال الإقليم عبر استفتاء تقرير المصير المقرر في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل، وأعلنت أن محادثاتها مع شريكها في الحكم حزب المؤتمر الوطني لتسوية النزاع على منطقة أبيي وصلت إلى طريق مسدود، وقالت إنها تتجه إلى دعم اجراء استفتاء من جانب واحد لتحديد مستقبل هذه المنطقة، ما يفتح الباب أمام خطر اندلاع حرب جديدة. وقالت نائب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» المسؤولة عن قطاع الجنوب آن ايتو في مؤتمر صحافي في جوبا عاصمة الإقليم أمس «إن خيار وحدة البلاد لم يعد جذّاباً، ولذا فإننا ندعم خيار الشعب لأننا نتبع إرادة الشعب»، مؤكدة أن أفضل الخيارات بالنسبة إلى شعب جنوب السودان هو «الانفصال». وأضافت: «إن كانت لديكم آذان تصغي فإنكم تعرفون أن أكثر من 90 في المئة من الأهالي في الجنوب أعلنوا خيارهم» أي تأييد الانفصال). ورأت ايتو أن الوحدة ليست قابلة للتحقيق خصوصاً مع إدراك «الحركة الشعبية» أنه لم يتم العمل على جعلها جذابة من قبل الحكومة السودانية، لافتة إلى أنها تتحدث باسم القطاع الجنوبي في «الحركة الشعبية». وفي السياق ذاته، أعلن وزير التعاون الإقليمي القيادي في «الحركة الشعبية» دينق ألور فشل المجتمع الدولي وشريكي الحكم - حزب «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» - في حسم قضية أبيي والوصول إلى طريق مسدود، مبيّناً أن الاجتماع الأخير لمؤسسة الرئاسة التي تضم الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه شكّل صدمة للمجتمع الدولي الذي كان يأمل في خروجه بنتائج ايجابية، محذّراً من أن «المؤتمر الوطني» سيكون الخاسر في حال اندلاع الحرب، مشيراً إلى أن حركته لم تعد كما كانت في السابق. وأضاف الور أن شريكي الحكم ليس لهما مقدرة على حل قضية أبيي، مشيراً إلى أن قبيلة الدينكا نقوك الافريقية التي تقيم في المنطقة ستتحرك للحصول على حقوقها في ظل استمرار الجمود في جهود التسوية مع قبيلة الميسيرية العربية التي ترعى في المنطقة أيضاً. وكان من المقرر إجراء استفتاء متزامن في أبيي مع استفتاء الجنوب لتحديد مصير هذه المنطقة الغنية بالنفط، لكن لم يمكن حل المشاكل المتعلقة خصوصاً بمن يحق له المشاركة في الاستفتاء. وقال إن عملية حسم من يحق له التصويت يمكن ان تتم بحسب «تعريف القانون الدولي» الذي قال إنه يستثني الرعاة من التصويت، في إشارة إلى قبيلة المسيرية العربية. ورأى الور أنه ليس شرطاً أن يعترف الكل بالاستفتاء الآحادي لمنطقة أبيي، محذّراً من أن «المؤتمر الوطني» يرتكب خطأ استراتيجياً في حق قبيلة المسيرية العربية، واتهمه باستغلالها لاغراضه الخاصة. وذكر أن «المؤتمر الوطني» يجعل أبناء منطقة أبيي يعيدون النظر في علاقاتهم التاريخية مع قبيلة المسيرية، مشيراً إلى أن ذلك سيثير مخاوف في ولايات الوحدة واراب واويل الجنوبية لأن لها صلات بقبيلة المسيرية. وحذّر من اتخاذ تلك المناطق قرارات موحدة بمنع قبيلة المسيرية من الرعي، مبيناً أن مستقبل الرعاة من المسيرية مرتبط بالجنوب، وطالبهم بالتعامل «بعقلانية» مع مشكلة أبيي. واتهم «المؤتمر الوطني» بأنه يطمع في الأرض لأن لديه معلومات عن مخزون نفطي في منطقة الرقبة الزرقاء شمال أبيي. إلى ذلك، أعلن «المؤتمر الوطني» عزمه منح الجنسية لأعضاء حزبه الجنوبيين في حَال الانفصال، وقال: «هؤلاء الذين ظلوا معنا ويقاتلون معنا سيتمتّعون بشرف الجنسية السودانية لأنّهم ظلوا مؤمنين بقضية وحدة السودان والمصير الموحّد بين الشمال والجنوب، وإن الشمال سيكون كريمَاً جداً معهم». وقال نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم مندور المهدي إن الجنوبيون في الشمال «سيتمتّعون بحقوقهم (ولكن) ليس كمواطنين» في حال قرر الجنوب الانفصال وتكوين دولة مستقلة. وزاد: «للدولة الحق في منح شرف الجنسية لمن تريد». وأكد أن المواطن الجنوبي إذا علم بفقده الجنسية في حال التصويت للانفصال سيضع بطاقته الانتخابية في صندوق الوحدة. لكن وزير شؤون مجلس الوزراء القيادي في «الحركة الشعبية» لوكا بيونق انتقد حديث «المؤتمر الوطني» عن منح الجنسية لأعضائه الجنوبيين في حال انفصال الجنوب، وقال إن السودان ليس ملْكَاً للحزب الحاكم حتى يمنح الجنسية لمن يريد ويحرمها عمن يريد. وفي السياق ذاته، قال رئيس المفوضية الوطنية للاستفتاء محمد إبراهيم خليل إن معارضين للاستفتاء المقرر بعد 28 يوماً يهددون برفع دعاوى قضائية ويثيرون التوتر في محاولة لاعاقة التصويت. وقال خليل للصحافيين إن المفوضية تلقت شكاوى من جهات عدة إلا أن مصدرها يبدو واحداً، موضحاً أن لا أساس لها من الصحة بل ترمي إلى إثارة التوتر واظهار أن هناك أمراً خطيراً يجري.