في ضوء التطوّر العلمي المتسارع عالمياً، واستجابة لمتطلّبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، أضحت التكنولوجيا الرقمية الأداة الرئيسية للإنسان في الصراع من أجل البقاء والتقدّم. وتالياً، باتت الثقافة المتصلة بهذه التكنولوجيا التي تتضمن التعامل مع الوسائل والآلات المتطوّرة وإدارتها وتسخيرها والاستفادة من قدراتها، أمراً ملحاً وضرورياً في التقدّم اجتماعياً. وكذلك غزت التكنولوجيا الرقمية البرامج التربوية، ما جعل من مهمة تثقيف الجيل الصاعد بالتكنولوجيا الرقمية أمراً لازماً وضرورياً. وفي هذا السياق، نظّمت «الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا» في بيروت، مؤتمر «التكنولوجيا في خدمة التربية والتعليم» بالتعاون مع «مؤسسة المؤتمر العالمي للتكنولوجيا». وشارك فيه 25 محاضراً من دول عربية وأوروبية وآسيوية. وشدّد المؤتمر على دور المناهج التربوية في تعميم استخدام التكنولوجيا الرقمية وتعميق ثقافتها، عِبر تحويلها مادة أساسية في التعليم المدرسي والأكاديمي، إضافة إلى إدراجها في مسارات البحوث علمياً. وأشار إلى أن هذه الأمور تضمن أن تصبح التقنية الرقمية أداة أساسية في نمو المجتمعات وتطوّرها، وتحديد أساليبها في الاستثمارات واختيار أفضل السُبُل في التعاطي معها. وسعى القيّمون على المؤتمر إلى تقديم مجموعة من البحوث الحديثة عن هذا الموضوع، عِبر مشاركة محاضرين من دول غربية متقدّمة. وعرض هؤلاء المحاضرون أفكارهم حول إدخال معلومات عن التكنولوجيا الرقمية في المدرسة والجامعة، باعتبارها وسيلة لدفع مسار التطوّر علمياً، وإيجاد مناخ علمي يساعد على تبادل المعارف والمعلومات بين الاختصاصيين في تعليم العلوم، وللربط بين التعليم العالي والبحوث العلمية، إضافة إلى محاولة الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالتعليم وطرائقه المعاصرة. وبيّن هؤلاء المحاضرون أيضاً أن هذه الأمور تمثّل محاولة للاستجابة للتغيّرات الكبيرة في طرق التعليم، في عالم يشهد قفزات كبرى في التقنية والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية. وشدّد أحد المحاضرين على أهمية التكنولوجيا الرقمية كأداة لصعود الأمم، قائلاً: «بفضل هذه التكنولوجيا، لم تتحوّل الكرة الأرضية إلى قرية كونية صغيرة وحسب، بل باتت تشكّل نظاماً متكاملاً يساهم في حفظ الأمن وملاحقة المجرمين ومعرفة حقيقة الأمور... من لا يملك القدرة على التأقلم مع العلم والتكنولوجيا يصبح خارج منظومات التحاور علمياً». وأشار غير محاضر إلى أن لبنان لا يريد أن يكون خارج العصر، خصوصاً أنه يمتلك مقوّمات مميّزة تسمح له بأن يكون من الطليعيين في التكنولوجيا الرقمية، إذا استطاع النظام التربوي فيه أن يرتقي إلى المستويات العالمية علمياً وتقنياً. وأوضح هؤلاء أيضاً أن التعليم هو الأداة الأفضل لمنح الشباب وطناً قادراً على احتضان طموحاتهم وأحلامهم، مبدين الثقة في قدرة لبنان على استخدام ما يمتلكه أبناؤه من كفاءات ومقوّمات، تتيح لهم التألّق في دنيا العلم والمعرفة والتكنولوجيا.