اتهمت حكومة إقليمجنوب السودان الذي يتمتع بحكم ذاتي الجيش الشمالي بقصف مواقع في الجنوب لتعطيل إجراء الاستفتاء على تقرير مصير البلاد الذي تبقى له نحو شهر، وطالبت مجلس الأمن بالتحقيق في ذلك. وقال وزير السلام في حكومة الجنوب الأمين العام ل «الحركة الشعبية لتحرير السودان» باقان أموم في مؤتمر صحافي في الخرطوم ليل أمس، إن القوات المسلحة الشمالية قصفت لليوم الثاني على التوالي مناطق في ولايتي شمال وغرب بحر الغزال الجنوبيتين المتاخمتين لدارفور، واعتبر ذلك خرقاً لاتفاق السلام والترتيبات الأمنية، ومحاولة لتعطيل إجراء الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وأوضح باقان أن حكومة الجنوب ستطالب بلجنة تحقيق دولية في قصف جيش الشمال للجنوب واتهام الخرطوم حكومته بإيواء قيادات من متمردي دارفور ودعم حركاتهم. وأضاف أن حكومته قررت عدم استضافة منافسات المدارس الثانوية التي تشارك فيها الولايات الشمالية العشر، والتي كان مقرراً تدشينها الجمعة المقبل احتجاجاً على قصف الجيش مناطق في الجنوب. وكان حزب المؤتمر الوطني اتهم حكومة الجنوب بإيواء قيادات حركات متمردة في دارفور وفتح قواعد لتدريب المتمردين ودعمهم بالأسلحة، واعتبر ذلك «لعباً بالنار». في غضون ذلك، رفض مساعد الرئيس السوداني نائبه في حزب المؤتمر الوطني نافع علي نافع تحميل حزبه مسؤولية انفصال الجنوب في حال حدوثه عبر الاستفتاء المقرر بعد شهر، واتهم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بتنفيذ أجندة أميركية في استضافة ودعم حركات دارفورية متمردة. وأكد نافع، الذي كان يتحدث في برنامج تلفزيوني ليل الإثنين -الثلثاء، أنه لا توجد تيارات في حزب المؤتمر الوطني، ووصف حزبه بأنه مؤسسة حرة ديموقراطية تحتمل آراء ورؤى مختلفة، ولكن لا يوجد أشخاص أو مجموعة تستأثر باتخاذ القرار. كما رفض تصنيف قيادات الحزب بين صقور وحمائم. وقال نافع إن اتفاق السلام الموقّع في العام 2005 لم يكن صنيعة تيار أو مجموعة في حزبه، وانما قرار الأجهزة القيادية في الحزب، وذلك في رد مبطن على وزير الدولة للإعلام السابق الطيب مصطفى، وخال الرئيس عمر البشير، الذي قاد حملة ضد المجموعة التي تفاوضت مع المتمردين السابقين فُسّرت بأنها محاولة لتحميل مسؤولية الانفصال إلى المجموعة التي اتفقت مع «الحركة الشعبية» بقيادة نائب الرئيس علي عثمان طه وعزلها عقب الانفصال وجعْلها «كبش فداء». ودعا نافع «الحركة الشعبية» إلى عدم الرضوخ إلى مجموعة محدودة من أبناء أبيي بقيادة وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب دينق ألور، تفرض «فيتو» على أي حل لقضية أبيي، موضحاً أن حزبه سيطرح في اجتماع مؤسسة الرئاسة مقترحات في شأن أبيي ستكون مقبولة للحركة ولقبيلة دينكا نقوك الافريقية التي تقطن المنطقة. واعتبر نافع إيواء «الحركة الشعبية» قيادات وحركات دارفور «لعباً بالنار»، وقال إنها تفعل ذلك تنفيذاً لأجندة دول غربية، خاصة الولاياتالمتحدة، ورأى أن أميركا الرسمية مع السلام والاستقرار في الجنوب، ولكن هناك مجموعات ضغط ومصالح لديها أجندة مختلفة. وأفاد أن المبعوثين الأميركيين إلى السودان سكوت غرايشن وقبله جون دانفورث ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس جون كيري زاروا السودان تحت ضغوط وتأثير من مجموعات الضغط، ولكنهم ضاقوا ذرعاً ب «الحركة الشعبية» واقتنعوا بأنها لا يمكن أن تكون «ابن أميركا المدلل»، وتغيّرت قناعاتهم تجاه الأوضاع في البلاد. وأكد نافع أن الحكومة لن ترضخ لأي ضغوط وستتصدى للمؤامرات التي تستهدف خنق الشمال وإضعافه عقب الاستفتاء، وستخرج أكثر قوة وصموداً بعدما خبرت ذلك خلال 20 عاماً، مشيراً إلى أن التجارب الأميركية «الفاشلة» في العراق وأفغانستان و «تجارب حلفائها في جنوب لبنان وغزة» سيمنع الدول الغربية من تكرار تلك التجارب مع السودان. واتهم نافع أحزاب المعارضة بالاستعانة ب «الحركة الشعبية» لإطاحة حكم البشير، بسبب ضعف المعارضين و «هوانهم»، وقلل من الحوار مع المعارضة قائلاً إنها تريد إزاحة حزبه عبر تشكيل حكومة قومية، مؤكداً أنه لن تكون هناك انتخابات جديدة في حال انفصال الجنوب، وستستمر المؤسسات التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة حتى نهاية أجلها، لكنه لم يستبعد تغييرات في الجهاز التنفيذي. كما قلل نافع من جدوى أي حوار بين حزبه وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي، وقال إنه لا يوجد مبرر لأي حوار لأن الحزب الأخير ليس مؤسسة ويقع تحت تأثير الترابي الذي يتبنى برنامجاً لتغيير نظام الحكم، مؤكداً أن غالبية الإسلاميين مع حزبه وسيستمر الحوار مع من تبقى منهم خارج حزب المؤتمر الوطني. وأكد نافع أنه لن تكون هناك تسويه في دارفور بقيام إقليم واحد منفصل عن الحكومة الاتحادية، كما حدث في جنوب البلاد. وقال إن الباب ما زال مفتوحاً أمام عودة مساعد الرئيس السابق زعيم «حركة تحرير السودان» مني أركو مناوي، وإذا لم يرجع «سيفقد فرصته». إلى ذلك، قال مبعوث الرئيس الروسي لشؤون السودان ميخائيل مارغيلوف امس إنه لا يستبعد ان تفتتح سفارة بموسكولجنوب السودان في حال نيله الاستقلال عبر الاستفتاء المقرر في 9 كانون الثاني (يناير) المقبل. وأفاد مارغيلوف الذي يزور جوبا عاصمة جنوب السودان أنه ناقش مع رئيس رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت احتمال افتتاح سفارة لجنوب السودان في موسكو وسفارة لروسيا الاتحادية في جنوب السودان إذا ما تبين من خلال اعلان النتائج الرسمية للاستفتاء أن الجنوبيين صوّتوا لمصلحة الاستقلال، مشيراً إلى أن سلفا كير لا يعرف بعد كيف سيُسمى الجنوب في حال نيله الاستقلال. وركز مارغيلوف على أن سلفا كير مقتنع بأنه لا مصلحة للجنوب أو للشمال في استئناف الحرب الأهلية، مؤكداً أن الحرب مستحيلة حالياً، لأن طرفي النزاع يدركان وجود مصالح اقتصادية مشتركة في تصدير الوقود، لافتاً إلى أن سلفا كير أكد له أن الجنوب سيمتثل لأي نتيجة للاستفتاء. وفي سياق متصل، وقّعت القوات المسلحة السودانية «جيش الشمال» والجيش الجنوبي اتفاقاً لضمان استمرار تدفق النفط، بصرف النظر عن نتيجة استفتاء تقرير مصير الجنوب. ونص الاتفاق على الاستمرار في قيام الوحدات المشتركة بين الجانبين بتأمين مناطق البترول في الجنوب حتى 9 تموز (يوليو) 2011 نهاية الفترة الانتقالية وفقاً للتوجيهات السياسية التي يتفق عليها طرفا اتفاق السلام الشامل عقب إعلان نتيجة الاستفتاء. ويهدف الاتفاق إلى بعث رسالة تطمينية من قبل القيادة السياسية والأمنية في السودان إلى الشركات النفطية والعاملين في الحقول النفطية. ووقّع على الاتفاق وزير الدفاع الفريق عبدالرحيم محمد حسين ووزير شؤون الجيش الجنوبي نيال دينق نيال، في حضور نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار.