في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2010، أتمت معاهدة لشبونة عامها الأول. أحداث الأشهر الاثني عشر الماضية تلقي بظلال قاتمة على الذكرى هذه. وتزامن دخول الدستور الأوروبي الجديد حيز التنفيذ مع وقوع أزمة الديون في اليونان التي لم تتأخر في التحول كارثة على منطقة اليورو. وكشفت الأزمة تلك ان المعاهدة منتهية الصلاحية من قبل أن تُقر. فبعد عقد من النجاح الظاهر، اكتشفنا مذعورين ان أوروبا غير مسلحة للدفاع عن عملتها. ولحسن الحظ انطوت المعاهدة على آليات تتيح إدخال التعديلات الضرورية، على رغم أن أحداً لم يشعر بالإهانة بسبب التعديل المبكر. أصغت أوروبا الى كثر من محبيها. وبدأنا أخيراً نسمع صوت جاك دولور الرئيس الأسبق للمفوضية الأوروبية الذي أعلن «أن الاتحاد الاقتصادي والنقدي وقع ضحية للرأسمالية المالية والفشل الذي تسبب به انعدام الشعور بالمسؤولية عند قادتنا، أي الرغبة في إقامة اتحاد نقدي من دون اتحاد اقتصادي». وسخر دولور من عبثية العالم الذي نحيا فيه قائلاً «تنبهنا الأسواق اليوم من أننا ما لم نخفض عجزنا، فسنتعرض للهجوم. لكن بما أن سياسات تخفيض العجز تؤدي إلى تراجع في النمو، يقولون لنا، سنهاجمكم لأن نموكم غير كافٍ». ويقدّر الباحث في «مركز دراسات السياسة الأوروبية» («سنتر اوف يوروبيان بوليسي ستاديز») ان «الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر لأننا تجردنا من الأدوات اللازمة لتنظيم بعض المسائل الضاغطة»، خصوصاً في المجال المالي. ويقول انه «من غير المنطقي انتظار أن يقرر ستة عشر شخصاً (اعضاء منطقة اليورو) أن يجتمعوا لاتخاذ قرار». واحد من الأهداف الرئيسة للمعاهدة كان منح الاتحاد الأوروبي صوتاً موحداً لتمثيلها في الخارج. من هنا جاء إنشاء منصب الرئيس الدائم للمجلس الأوروبي. وبعد عام، ما زال من المبكر تقويم النتيجة. لكن العمل الجدي الذي قام به هرمان فان رومبوي كان حاسماً في سبيل الحصول على توافق في اللحظات الحساسة والتي وصل فيها الاتحاد الأوروبي «إلى حافة الكارثة»، على ما قال. وسيكون من الإجحاف في حق الممثلة السامية للشؤون الخارجية كاثرين آشتون تفحص سجلها منذ الآن. فقد كرست كل طاقتها لجعل العمل الخارجي الأوروبي «أداة تحمل إمكانات كبيرة» على ما قال المحلل في مركز دراسات السياسة الأوروبية. وعلى رغم ذلك، لم تنجح معاهدة لشبونة في تعزيز الحضور الأوروبي في الخارج. ويقول النائب عن الحزب الشعبي (اليميني) الى البرلمان الأوروبي آنيغو منديز دو فيغو وهو واحد من القانونيين الذين شاركوا مشاركة فاعلة في صوغ الدستور، ان «ما يقلقني هو عدم تحقيقنا الأهداف الكبرى للمعاهدة، ومعرفة أن الاتحاد الأوروبي يعبر عن نفسه بصوت واحد في العلاقات مع العالم. يتحدث كثر باسم أوروبا، كفان رومبوي و (رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل) باروسو ورؤساء الدول (الرئاسية نصف السنوية) وأضيف اليهم الآن (رئيس المصرف المركزي الاوروبي) جان – كلود تريشيه». ويعتقد الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي انريكيه بارون ان «المجلس الأوروبي يصبح شيئاً فشيئاً حكومة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية، ويتجه البرلمان الأوروبي لنيل المزيد من السلطات». ومنذ ان دخلت المعاهدة حيز التنفيذ قبل عام، أسمع الأوروبيون العالم صوتهم لإصلاح الاتفاق السابق المبرم بين الدول الأعضاء وبين الولاياتالمتحدة في شأن نقل المعطيات المصرفية، وكذلك من اجل توسيع دور البرلمان في مناقشات المتعلقة بموازنة الاتحاد الأوروبي. * صحافي، عن «إلبايس» الاسبانية، 2/12/2010، إعداد حسام عيتاني