فيما عزز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو شعبيته في أوساط الإسرائيليين على خلفية إدارته خلال أربعة أيام متواصلة «معركة إخماد الحريق في جبل الكرمل»، يجد وزير الداخلية زعيم حركة «شاس» الدينية ايلي يشاي نفسه في قلب هجوم عنيف، شعبياً وإعلامياً، على إهماله هيئة مكافحة الحرائق بداعي تفضيله مصالح أنصار حركته من الطلاب المتزمتين في المعاهد الدينية على شؤون وزارته. وكانت قيادة «الجبهة الداخلية» طمأنت الإسرائيليين رسمياً صباح أمس إلى السيطرة التامة على الحريق الهائل في جبل الكرمل، علماً أن الأمطار التي هطلت ليل الأحد - الاثنين ساهمت في إخماد بؤر نار صغيرة. وارتفع عدد ضحايا الحريق إلى 42 مع وفاة قائدة شرطة حيفا أهوفا تمير التي أصيبت بحروق بالغة عندما كانت ترافق بسيارتها باص السجانين الذي كان متجهاً إلى سجن قرب موقع الحريق والتهمته النار وقتلت 37 من ركابه. وأشار استطلاع جديد للرأي نشره موقع «ولاّ» الإخباري على شبكة الانترنت أمس إلى أن شعبية رئيس الحكومة وحزبه «ليكود» تعززت في أعقاب الحريق بفضل إدارة نتانياهو شخصياً المعركة لإطفاء ألسنة اللهب التي هددت بالتهام أكثر من 15 بلدة يهودية وعربية في منطقة حيفا. ومنح الإسرائيليون العلامة التقديرية 78 من مجموع مئة لنتانياهو، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بتلك التي يمنحونها عادة لقادتهم. ورأى معد الاستطلاع أن الرضى ناجم عن «رد الفعل السريع» الذي ميّز نتانياهو وتجنيده دول العالم لإرسال طائرات لإخماد الحرائق، «فضلاً عن حملة العلاقات العامة والمكثفة» التي قام بها مستشارو نتانياهو للترويج لكل خطوة قام بها وظهور الأخير بوتيرة عالية غير مسبوقة في قنوات التلفزة مع المصابين ورجال الإطفاء وفي مواقع الاشتعال. وأفاد الاستطلاع أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لحاز «ليكود» على 32 مقعداً برلمانياً في مقابل 27 مقعداً في الكنيست الحالية. كما تعززت شعبية حزب «إسرائيل بيتنا» المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وأفاد الاستطلاع أنه يحصل على 18 مقعداً (في مقابل 15 في الكنيست الحالية). في المقابل، رأت غالبية من 39 في المئة في وزير الداخلية اي المسؤول الأول عن «التقصير» وعدم جاهزية هيئة مكافحة النيران الخاضعة لإمرته، تلاه وزير المال يوفال شتاينتس (19 في المئة) بداعي أنه لم يوفر الأموال للهيئة المذكورة للتزود عتاداً عصرياً. وحمّل 11 في المئة فقط المسؤولية لرئيس الحكومة. ورد قادة حركة «شاس» على الاتهامات لزعيمهم يشاي بالقول إن مردها «كون الوزير (يهودياً) متزمتاً (من الحرديم) وشرقياً ويميناً»، وهو ما أكده يشاي نفسه أمس خلال زيارته قرية عسفيا العربية التي تضررت من الحريق. ودافع يشاي عن موقفه من خلال نشر وثائق تؤكد أنه أولى اهتماماً خاصاً بالوضع المزري لأجهزة الإطفاء، لكن وزارة المال لم تصرف الموازنات اللازمة لتزويد الهيئة أجهزة عصرية. ورداً على سؤال عن إمكان تقديمه الاستقالة من منصبه، قال يشاي إن الجمهور لا يطالبه بذلك «إنما الإعلام الذي ينفذ عملية تشويه ضدي»، واتهم وزارة المال بحجب الموازنة المقررة لهيئة مكافحة النيران. إلى ذلك، قال 35 في المئة إن الجبهة الداخلية في إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة هجوم صاروخي، فيما رأى 34 في المئة عكس ذلك. وقال 43 في المئة إن مخاوفهم من (نتائج) هجوم إسرائيلي على ايران تعاظمت بعد الفشل في مواجهة الحريق في الكرمل. واتفق 39 في المئة مع نتانياهو في قوله اول من امس إنه «ليس عيباً لجوء إسرائيل إلى دول العالم» لطلب المساعدة، فيما اعتبر 21 في المئة هذا الطلب «تحقيراً لإسرائيل». وطالب 57 في المئة من المستطلعين بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الفشل الذريع في إطفاء الحريق الذي أخمدت نيرانه أمس بعد 80 ساعة من اندلاعها وبعد مساعدة هائلة تلقتها إسرائيل من نحو 30 دولة، في الوقت الذي يحاول رئيس الحكومة التهرب من لجنة كهذه لها الصلاحية في التحقيق مع أركان المستوى السياسي، فضلاً عن صلاحية التقدم بتوصيات ضد من تجده مسؤولاً عن التقصير. اجتماع تركي - اسرائيلي على صلة، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن ممثل إسرائيل في اللجنة الأممية الخاصة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للتحقيق في الهجوم الاسرائيلي الدامي على أسطول «قافلة الحرية» المتضامن مع قطاع غزة في أيار (مايو) الماضي يعقوب تشحنوفر التقى أول من أمس في جنيف وكيل وزارة الخارجية التركية فريدون سينيرلولو في محاولة لصوغ مسودة اتفاق تنهي الخلاف بين البلدين الذي تأجج منذ الحادث الدموي. وتوقعت مصادر إسرائيلية أن يتضمن الاتفاق اعتذاراً إسرائيلياً عما حصل واستعداداً لدفع تعويضات لعائلات الضحايا الأتراك العشرة الذين قتلوا على متن سفينة «مافي مرمرة»، في مقابل إعادة تركيا سفيرها إلى تل أبيب وموافقة أنقرة على تعيين سفير إسرائيلي جديد لديها خلفاً للحالي الذي ينهي مهماته بعد اشهر قليلة. وجاء الاجتماع بطلب من نتانياهو في أعقاب قيام تركيا بإرسال طائرتين للمشاركة في إخماد حريق جبل الكرمل، وهو ما اعتبرته إسرائيل لفتة طيبة دفعت بنتانياهو إلى إجراء اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، هو الأول بينهما منذ تسلم نتانياهو مهماته قبل عام ونصف العام، ليشكره على المساعدة. وقالت الصحيفة إن إسرائيل معنية بعودة العلاقات مع أنقرة إلى سابق عهدها، لكن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان يرفض أن تقدم إسرائيل الاعتذار لتركيا. وتابعت أن أنقرة معنية أيضاً بإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، خصوصاً في ضوء الغضب الأميركي عليها حيال تصعيدها الكلامي ضد إسرائيل. وتابعت أن وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو لمس هذا الموقف الأميركي خلال لقائه الأسبوع الماضي أعضاء لجنة الخارجية التابعة للكونغرس.