تعمل الدول العربية على تنشيط قطاع السياحة البحرية في إطار تنويع اقتصاداتها، خصوصاً بوجود أجمل المواقع البحرية فيها، التي تعتبر مصدر جذب للسياح. وأشار تقرير أصدرته مؤسسة «بوز آند كومباني» امس، الى أن الحكومات النشيطة ومستثمري القطاع الخاص، ومطوري المراسي البحرية في المنطقة، سيجنون فوائد كبيرة إذا كانوا قادرين على الاستفادة من هذه الفورة السياحية. وقدّر أن المنطقة تحتاج الى إنفاق 200 بليون دولار إلى 300 بليون، خلال السنوات العشر المقبلة لتطوير هذا القطاع، وتلبية الطلب التزايد على هذا النوع من الأنشطة. وأشار الشريك في «بوز أند كومباني» فادي مجدلاني، الى «ان السياحة البحرية تعزز الاقتصادات الإقليمية، من خلال تشجيع إنفاق الأجانب على السلع والخدمات المنتجة محلياً، وزيادة الإيرادات الحكومية من خلال الضرائب، وخلق فرص عمل. وحض حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقطاعها الخاص، على «دعم هذا القطاع، وخلق بيئة مواتية لتطويره، لتحقيق الاستفادة القصوى من مواردها البحرية». ولاحظ المدير الأول في «بوز أند كومباني» أليساندرو بورغونيا، ان حكومات بدأت إلى حد ما، بذل جهود للاستجابة للطلب المتزايد على الأنشطة الترفيهية البحرية، حيث شهدت المنطقة طفرة في بناء المراسي خلال السنوات السبع إلى العشر الماضية. وأنفقت الإمارات ومصر والبحرين وقطر بلايين الدولارات للتنافس على لقب «عاصمة اليخوت» في المنطقة. ولجأ بعض الدول الى بناء مراسٍ جديدة، مع مزالق لقوارب متوسطة الحجم، لتطوير مراكز ترفيه متكاملة، وقادرة على منافسة الوجهات السياحية الرائجة في المرافق الأخرى التي بنيت لتلبية الطلب المتزايد. وبنيت هذه المرافق البحرية لتنافس مرافق مماثلة موجودة على امتداد خطوط الرحلات البحرية في البحر المتوسط، التي تشمل كان وانتيب ونيس في فرنسا اضافة الى موناكو والساحل الإيطالي، وجزيرة سردينيا وجزر الباليار، فضلاً عن مرافئ في كرواتيا واليونان وتركيا أنشئت استجابة لزيادة الطلب. وتوقع مجدلاني ارتفاع الطلب على الرسو البحري أكثر من الضعفين بحلول عام 2015، لتتسع موانئ الترفيه ل82000 مركب، مع توقع أن تمثل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر الجزء الأكبر من الطلب. وفي حال اتخذت حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الخطوات الصحيحة لتطوير هذا القطاع، يمكن هذا العدد أن يتضاعف 4 مرات بحلول عام 2025، من أجل تلبية النمو المحموم في الطلب على المراسي البحرية. وشدد مجدلاني «على ضرورة ان يواكب تطوير المراسي الترفيهية الطلب المتزايد، إذا كان للمنطقة أن تحقق فوائد اقتصادية من السياحة البحرية، مع العلم أن إنشاء مزيد من الموارد وتحسينها يولّدان حلقة إيجابية من الطلب المتنامي». ولا شك في أن للقطاع الخاص دوراً في إنجاح ذلك. يقول بورغونيا: «على الحكومات استخدام الشراكات بين القطاعين العام والخاص لمنح تحالفهما امتيازات طويلة الأجل لتطوير البنية التحتية والخدمات الخاصة بالمراسي البحرية، على أن تتألف هذه التحالفات من مطوّري مراسٍ بحرية ومشغلين لها من ذوي السمعة الحسنة. وأضاف: «يمكن الحكومات جذب شركاء كهؤلاء من طريق التفاوض على ضمانات عامة ووسائل الدعم الحكومي الأخرى، على أساس كل حالة على حدة. ولكن يقع على الحكومة أولاً تهيئة الظروف التي تساعد على تطوير القطاع». ويتطلب تحقيق ذلك التركيز على 5 مجالات أساسية، أهمها تطوير البيئة التنظيمية، ونشر الثقافة البحرية، اضافة الى حملات ترويجية، وحماية البيئة البحرية.