أحرج القضاء المصري أمس الحكومة بتشكيكه في شرعية مجلس الشعب الجديد، عشية الجولة الثانية من الانتخابات التي تجرى اليوم وينتظر أن تؤكد السيطرة الكاملة للحزب الوطني الديموقراطي الحاكم على البرلمان، بعد فوزه بأكثر من 95 في المئة من المقاعد التي حسمت في الجولة الأولى. ويتنافس مرشحو «الوطني» في مواجهة بعضهم بعضاً على 70 في المئة من المقاعد التي تجرى الانتخابات عليها اليوم وتمثل أكثر من نصف مقاعد البرلمان، ما يعني أن هذه المقاعد محسومة سلفاً للحزب. لكن يُخشى من أن تشهد هذه الجولة عنفاً أكثر من سابقتها، خصوصاً بعد سقوط قتلى في اشتباكات بين أنصار مرشحي الحزب الأسبوع الماضي وإحراق آخرين مقرات ل «الوطني» في الصعيد. وهدد رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات المستشار السيد عبدالعزيز عمر باتخاذ «الإجراءات القانونية اللازمة في مواجهة أي خروج على القانون أو استخدام للعنف». وتغيب جماعة «الإخوان المسلمين» وحزب «الوفد»، أكبر قوتي معارضة في البلاد، من جولة اليوم التي قاطعاها بسبب «التزوير» الذي أقصاهما في الجولة الأولى، رغم بقاء أسماء مرشحيهما في أوراق الاقتراع بسبب رفض اللجنة العليا قبول الانسحاب، وان قرر خمسة من مرشحي «الوفد» خوض الإعادة مستقلين. وحذرت المحكمة الإدارية العليا خلال جلسة عقدتها أمس من بطلان البرلمان المقبل إذا لم يتم تنفيذ أحكام القضاء الإداري ببطلان الانتخابات في عشرات الدوائر وإلغاء إعلان نتائج الجولة الأولى التي جرت الأحد الماضي في هذه الدوائر، «استناداً إلى مخالفة اللجنة العليا للانتخابات الأحكام الصادرة عن قضاء مجلس الدولة». وكانت اللجنة امتنعت عن تنفيذ عشرات الأحكام القضائية التي تقضي بوقف الانتخابات في عدد من الدوائر، وقررت بغالبية أصوات أعضائها من القضاة تجاهل هذه الأحكام. وشددت المحكمة أمس على أن «عدم تنفيذ الأحكام رغم صدورها قبل التاريخ المحدد للانتخابات، ينعدم معه كل مركز قانوني نشأ بعد ذلك، ويكون تشكيل مجلس الشعب عندئذ مشوباً بشبهة البطلان». ولا يُتوقع أن يؤثر موقف المحكمة الإدارية العليا في سير العملية الانتخابية، لكنه يمثل إحراجاً للحكومة التي اعتبرت الانتخابات «نموذجية». وقبل ساعات من صدور الحكم، رفض الأمين العام ل «الوطني» صفوت الشريف في تصريحات صحافية التشكيك في شرعية البرلمان، معتبراً أنه «اكتسب شرعيته بإرادة الناخبين وبنظام انتخابي حدده القانون، وليس ما يريده أو يحدده أفراد أو أحزاب». والتف الحزب الحاكم على غالبية أحكام القضاء الإداري بالطعن فيها أمام محاكم غير مختصة وتقديم استشكالات، مستفيداً من بطء إجراءات التقاضي الذي يمكنه من إرجاء المشكلة حتى بدء الدورة البرلمانية الجديدة ليستخدم قاعدة أن «البرلمان سيد قراره» في مواجهة الأحكام القضائية. لكن المحكمة شددت على أن «مجلس الدولة يظل، دون مجلس الشعب، هو المختص بالنظر في الطعون المقامة في شأن قرارات إعلان النتيجة، باعتبار أن اختصاص البرلمان يقتصر على الطعون المتعلقة بنتائج الانتخابات التي تجرى وفق صحيح حكم القانون والتي تعلقت إرادة الناخبين بها».