كيف تقدر امرأة أن تُوفّ ق بين كرهها لزوجها والمحافظة على مؤسسة الزواج؟! هل هي «المصلحة»؟! تُسميها صديقتي: «مصلحة عامة». تقول إن هذه المؤسسة إذا افترق الشريكان فيها، فتبعات فض هذه الشراكة تطاول أطرافاً أخرى كثيرة (الأمين، الأبوين، الإخوة، الأخوات وقبلهما الأبناء). «الطلاق» ممحاةٌ تمحو «الضغائن». تتراكم الضغائن، ضغينة فوق ضغينة، في بعض المؤسسات الزوجية. تجرها الزوجة وراءها مع مرور السنوات. يجرها الزوج وراءه مبرراً خيانته أحياناً. هذه الضغائن قد تبرر للزوجة الخيانة أيضاً، فلا فضل لأحد على أحد. تراكم «الضغائن» لا ينتهي، بل قد يتحول الشريكان أحياناً إلى «مفتعلي ضغائن»، لا يرون سوى العيوب. أحياناً يفعل الزوج «خير»، وتراه الزوجة «شر»، بل وتبحث عن أسباب تُقنعها بذلك. أحياناً يتحول الزوج إلى سلطةٌ لا ترى إلا من يُعارضها. لبعض الأزواج أو الزوجات قدرة في أنه لا يرى نفسه إلا كاملاً، والآخر مخطئ لسبب يدركه «الكامل». كم مرة تسمعون من شريك «الزوجية»: «تدري ايش مشكلتك»؟! لنشوء بعض الأعراف أسرارٌ يتعذر فهمها، وإن كانت مفهومة. لماذا الطلاق، مثلاً، «خراب بيوت»؟ سواءُ وقع بسبب، أو من دون سبب. ربما يكون الجواب: «المصلحة العامة». فالمتضررون من فض الشراكة، غير أن الشريكين، لا يلبثون إلا أن يرددوا عبارات متعارف عليها، متناسين ومتجاهلين، أحياناً عن قصد، أن استمرار الزواج قد يكون في حالات كثيرة «خراب بيوت». إلى أي مدى تتفهم الأطراف الأخرى، الطلاق، وتتقبله، بل وتسعى إليه، وإلى دعم طالبه، سواء كان امرأة أو رجل؟! ألا تتفق معي، إن انتفاء إمكان الطلاق بين شريكين، في حال وجود الكره، قد يدفع بأحدهما إلى التبجح في إذلال الآخر؟! – حسناً... أحياناً، حتى لا أتهم بالتعميم، أو التضخيم. أما أسباب انتفاء إمكان الطلاق، في مجتمعنا، فكثيرة: ربما لأن بينهما قرابة، أو لأن المرأة لن تجد من يُعيلها، أو تخشى من كلام أفراد «مجتمع مصغر» تندر فيه حالات الطلاق... وربما كان السبب الأوسع انتشاراً أو المبرر هو «الخوف على الأولاد». كم مرة تسمع: «والله لو مو الأولاد، كان ما تحملتك دقيقة»؟! «الطلاق، ضياع للأولاد»، أو «اصبر(ي)، عشان أولادك» عبارات تتعفنُ، وتذوب، في غرفة اسمها «المنطق». ومصدر تلك العبارات، صوت يبحث عن تحقيق «المصلحة العامة» الوهمية. إن أصحاب نظرية «الطلاق، ضياع للأولاد»، يعتمدون لبناء تلك النظرية على ما يسمى في الفقه: «القياس». يقيسون على حالات لا تتجاوز أنوفهم. ينظرون حولهم وينبشون في تراكماتهم الحياتية، ويجدون أن الأبناء يتعرضون للظلم في معظم حالات الطلاق في مجتمعهم. وهم يتجاهلون بقياسهم إن استخدام ابن جارهم لجوال الكاميرا في تصوير ابنتهم، لا يعني ضرورة فرض حظر على دخول جوالات الكاميرا إلى البلاد. كما يتجاهل أصحاب نظرية «الطلاق، ضياع للأولاد»، بقياسهم إن رواج العلاقات العاطفية في مجتمعنا عبر الإنترنت، لا تعني أبداً أن كل من أدخل النت إلى بيته، بناته يعيشون علاقات عاطفية. إن تهمة جريمة «تضييع الأولاد»، لُصقت زوراً وبهتاناً بالطلاق، لكن المتهم الحقيقي هو «غياب الوعي» عند المطلقين، الذين لا يدركون مسؤوليتهم تجاه الأطفال، والتي تطلب جهداً، تماماً كما تتطلب تربية الأولاد جهداً للمتزوجين. إننا «حقودون»، يتحول الشريك، بعد الطلاق، إلى عدو – في الغالب. هذه العداوة، تنتقل من دون انتباه ربما أو عن قصد أحياناً إلى الأطفال. ماذا تنتظر من طفلة عمرها أربع سنوات تسمع أمها تشتم والدها ليل نهار، وتلعن «اليوم اللي تزوجته فيه». الزواج، في بعض الأعراف أو معظمها، «بحث عن استقرار وأمان». زواج من دون «استقرار وأمان» قد يكون كحياة من دون خبز وماء. وكيف يمكن للاستقرار والأمان أن يتحققا من دون احترام مثلاً؟! وعصير الكلام: إذا كان هناك من سيعيشني في رواية مسلسلة، خانقة، ومذلة. كلَّ ليلة، يترك لي، عند وسادتي، قبل أن ينام، طبقاً من العلقم والمرارة، ويفرش تحت ظهري أشواك لا ترى بالعين المجردة تتعطش للألم، فسأقول له: طلقني ولنسترح! وسأسأل نفسي: كيف انطلت علي حيلة «المصلحة العامة»؟! [email protected]