صحح اختصاصيون طبيون الاعتقاد السائد بأن الجاثوم (الكابوس) مرض نفسي، مشيرين إلى أن ما يسمى عند العامة «أمراض النوم» مصطلحها العلمي الصحيح هو «اضطرابات النوم»، وهي عموماً ذات ارتباط بالجهاز التنفسي، مرجعين أسباب انتشارها بين قطاع كبير في السعودية إلى عوامل عدة منها الضغوط الحياتية. وقال استشاري الطب النفسي واضطرابات النوم في جامعة كندا وفي مستشفى الملك فهد للحرس الوطني الدكتور جمال الطويرقي ل «الحياة»: «من أكثر أمراض النوم شيوعاً هو الجاثوم أو ما نسميه بالعامية «الكابوس»، إذ هناك الكثير من الناس يصابون بهذا المرض ومثل هؤلاء يكونون في حاجة إلى صرف دواء في حال كانت الاضطرابات بصفة يومية». وتابع «يبدأ الكابوس من المرحلة العمرية الأولى، إذ أكثر ما يصيب الأطفال، لكنهم لا يستطيعون التعبير عنه، فإذا شاهدت الأم طفلها يحرك عينيه بسرعة أو يبكي أثناء النوم في أشهره الأولى يلزمها تعديل وضع مرقده إذ يكون ما حدث نتيجة النوم غير المريح الذي يغرق أكثره في الأحلام المزعجة التي تسمى الجاثوم أو الكابوس، ما يلبث أن يتطور بعد ذلك إلى أخطر من ذلك إلى ما يسمى ب «الهلع النومي» وهو أن يبدأ الطفل يمشي أو يتكلم أو يصرخ أثناء النوم إذ تبدأ المرحلة في حال وصول الطفل إليها في بداية منامه، بينما الجاثومة أو الكابوس الذئبي عادة ما يشعر به الطفل النائم في الثلث الآخر من نومه مثله مثل المصابين به من عامة الناس». وأرجع الطويرقي غالبية أسباب الإصابة بالأمراض إلى ضغوط نفسية أو مشكلات اجتماعية أو أسرية، لا فتاً إلى أن من تكرر لديهم هذه الأعراض مقابلة الطبيب لصرف العلاج اللازم. واتفق أستاذ الصحة النفسية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حالياً واستشاري الطب النفسي في مستشفى الملك خالد الجامعي الدكتور سعد بن عبدالله المشوح مع ما ذهب إليه الاختصاصي الطويرقي، مرجعاً سبب انتشارها في السعودية في الفترة الأخيرة إلى سببين رئيسين الأول نتيجة اضطرابات في الجهاز التنفسي عند قطاع كبير من المجتمع السعودي مثل حالات الربو وصعوبة التنفس، إذ إن هناك ارتباطاً كبيراً بين صعوبات التنفس وتلك الاضطرابات، فكثير من اضطرابات النوم مرتبط بكمية الهواء التي تدخل إلى القفص الصدري، كما هناك مصطلح يسمى الشلل النومي المعروف في المجتمع السعودي بمسمى «الجاثوم» سببه الرئيس وجود مشكلة في كمية الهواء الداخل إلى القفص الصدري أو مشكلات في الجهاز التنفسي، ويصاب به الطفل الذي توجد لديه مشكلات في الصدر. أما السبب الثاني فهو عدم الدقة في التشخيص، ويتمثل ذلك في اتجاه كثير من المصابين إلى أشخاص يستفتونهم ليس لهم خبرة في التشخيص الدقيق للمشكلة، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة لديهم بسبب عدم الدقة في وضع إستراتيجيات جيدة لعلاجهم. وأضاف: «بدأت تنتشر الآن في المستشفيات الكبرى في السعودية مراكز خاصة باضطرابات النوم، تحاول تشخيص هذه الحالات والعمل على معالجتها ما يؤكد ارتباط هذه الاضطرابات بالأسباب العضوية». ولم يغفل الدكتور المشوح في حديثه إلى «الحياة» العامل النفسي في الإصابة بهذه الأمراض، وقال: «إن ما يواجهه الإنسان من صعوبات حياتية يومية تشكل ضغوطاً نفسية نتيجة عدم التكيف مع القدرة على اتخاذ القرارات وبالتالي عدم التعامل مع المشكلات الاجتماعية يساعد بشكل مباشر إلى ظهور هذه الاضطرابات النومية، خصوصاً أن غالبية سكان السعودية الآن هم من الشبان الذين لم يتجاوزوا ال35 عاماً ولذا فإن المشكلات المستقبلية لديهم أكثر بكثير من غيرهم وبالتالي تنعكس على نومهم وتتسبب لهم في اضطرابات نتيجة هذه المشكلات التي تواجهها هذه الشريحة العمرية ما يعني أن غالبية السعوديين مصابون أو سيصابون بهذه الحالات عكس الذين ليست لديهم مشكلات في هذا الجانب. أما عن العلاج، فنصح المشوح جميع المرضى بإجراء كشوفات على الجهاز التنفسي حتى يتأكدوا أن الوضع لديهم جيد لا بأس به، أما في حال وجد أنه لا توجد هناك مشكلة في الجهاز التنفسي فيجب أن يكون هناك علاج طبي نفسي بالدرجة الأولى، ونوه الاختصاصيون النفسيون إلى أنه يجب تقديم إستراتيجيات مثل إستراتيجيات خفض القلق، والتعامل مع مشكلات النوم، خصوصاً إذا كانت لدى أعمار متقدمة، أما إذا للأطفال أو المراهقين فيستوجب عليهم تعليمهم أموراً عدة مثل كيف يكون تناول الوجبات قبل فترات متباعدة من النوم كي تساعدهم في التغلب على هذه المشكلات.