مع أول أسبوع دراسي أبدى عدد من أولياء أمور الطلاب بمنطقة الحدود الشمالية ومنطقة حائل مخاوفهم مع تزايد التدني في درجة الحرارة التي يتوقع أن تصل إلى دون الصفر، مما يهدد صحة الطلاب والطالبات في مدارس المنطقة التي تعاني من قلة وسائل التدفئة وعدم جودة المكيفات وضعف الصيانة المقدمة من إدارة التربية والتعليم. وطالب أولياء الأمور بتوفير وسائل التدفئة الجيدة لتخفيف وطأة البرد، إلا أن كثيراً من المدارس لم تستفد من تلك الوسائل بسبب عوائق فنية. واستغرب خالد العنزي من موقف المسؤولين في الجهات التعليمية في المنطقة وعدم استخدام الصلاحيات الممنوحة لهم في إلغاء الطابور الصباحي، وتأخير بدء الحصة بما يناسب الظروف المناخية الصعبة التي تشهدها المنطقة. ولم يخف العنزي مخاوفه على صحة الطلاب والطالبات التي تتأثر بشكل سلبي من نزلات البرد الحادة، إضافة إلى زيادة نسبة غياب الطلاب التي ترتفع في فصل الشتاء، على اعتبار أن المدرسة «تمثل بيئة خصبة لانتقال أمراض البرد بين الطلاب». ويقول: «يتوقع عدد من المتخصصين أن تصل درجة الحرارة إلى حدودها الطبيعية والمتوقعة... لكن بعض المدارس تعاني من تكسر الشبابيك والنوافذ وهذا ما يزيد معاناة أبنائنا وجعلنا حائرين، فبعد المسافة عند إيصالهم للمدارس صباحاً مشكلة تؤرقنا كثيراً». ويقول مساعد علي إن المدارس تبعد كثيراً عن منزلهم وهو يعمل خارج المنطقة مما يجعل الأطفال يعبرون مسافات كبيرة للوصول إلى المدارس، لافتاً إلى أنه سبق أن تقدم هو ومجموعة من أهالي الحي بالمطالبة بإيجاد مدارس «لكن لا حياة لمن تنادي، الإدارة تغلق المدارس ولا تفتحها... والعدد في الفصول كبير جداً مما يجعلها بيئة خصبة لانتشار الأمراض، إضافة إلى أن مدارس المنطقة غير مهيأة لمواجهة البرد، خصوصاً المستأجرة منها، مطالباً بإيجاد حلول ناجعة في المدارس المستأجرة لمواجهة التغيرات المناخية الطارئة». ويؤيد سعد الرويلي ما يراه العنزي من أنه لابد من تقليل عدد الطلاب والطالبات في الفصول مما يجعلها بيئة خصبة للأمراض مثل الأنفلونزا وأمراض الزكام والبرد. وطالب الإدارة العامة للتربية والتعليم بتقليل أعداد الطلاب في الفصول، وتفويض المدارس بصلاحية إلغاء طابور الصبح «فالساحات المدرسية هي أشبه بالثلاجة، خصوصاً في الصباح وعند الطابور والصف الصباحي... كما يجب على الإدارة مراعاة مصلحة الطلاب في تعليق الصف الصباحي لا سيما مع موجة البرد التي تهاجم المنطقة، خصوصاً خلال الأيام المقبلة التي تهبط فيها درجة الحرارة إلى أقصى درجاتها انخفاضاً». وأضاف أنه أمضى وقتاً طويلاً مساء أمس في المستوصف وشاهد أعداداً كبيرة من الأطفال في عيادة الأطفال بصفة خاصة والمستوصف بصفة عامة بسبب البرد، «يجعلني فصل الشتاء في حال توتر متصلة بسبب خوفي على أطفالي من الإصابة بأمراض البرد، خصوصاً أثناء وجودهم في مدارسهم، لا سيما أنها تمثل بيئة خصبة لانتقال أمراض البرد بين الطلاب». ووصفت أم نواف بعض المدارس خصوصاً المستأجرة منها ب «البيئة الخصبة للإصابة بأمراض البرد والعدوى بها»، وذلك بسبب صغر حجم الفصول وانعدام التهوية الجيدة بها، إضافة إلى عدم توافر وسائل التدفئة بداخلها، وهو ما يدفع بعض مديرات المدارس لتكليف الطالبات بدفع مبالغ مالية لتوفير مدافئ داخل فصولهن». وأكد مدير مدرسة ابن ماجة الابتدائية في حائل عيسى التميمي أنه بدأ بحث الطلاب على التدفئة، ولبس الملابس الشتوية الكافية لوقايتهم من البرد وتنمية وعيهم الصحي بأضرار التعرض للأجواء الباردة وآثارها السلبية على صحتهم. وفي السياق ذاته، قال مدير مدرسة ابتدائية في عرعر (تحتفظ «الحياة» باسمه) إن الإدارة أرسلت خطابات تأخير الدوام الرسمي للمدارس حتى الثامنة صباحاً، كما فوضت مديري المدارس بإلغاء الطابور وقت ما دعت الحاجة، «إلا أن الكثير من مديري المدارس لا يتقيدون بهذا الأمر». إلى ذلك، حذرت المديرية العامة للدفاع المدني على لسان مديرها اللواء عبدالله عسيري من زيادة الأحمال في الكهرباء بصفة عامة، ودعت إلى ضرورة مراعاة توفير التهوية المناسبة عند استخدام بعض وسائل التدفئة، مع تجنيب الأطفال أخطار الكهرباء والمواقد. وكان المدير العام للتربية والتعليم في منطقة حائل (بنين) حمد بن منصور العمران، وجه مدارس المنطقة كافة بحصر الطلاب المحتاجين مادياً، «ممن لا توجد لديهم ملابس كافية تقيهم من البرد». وطالب العمران بالإسراع برفع قائمة تضم أسماء الطلاب أصحاب الظروف المادية الصعبة، «حرصاً منا على سلامة أبنائنا الطلاب من أضرار البرد فنحن نسعى لتوفير كسوة الشتاء لهم بسرية تامة وبأسلوب تربوي يراعي مشاعرهم ويحفظ كرامتهم وذلك بالتنسيق مع أولياء أمورهم». من جانبه، كشف المساعد للشؤون المدرسية بإدارة التربية والتعليم في منطقة حائل خالد الطريقي ل «الحياة»: أن الإدارة وجهت جميع المدارس باتخاذ اللازم لتهيئة الفصول الدراسية بما يوفر التدفئة الكافية للطلاب خلال فصل الشتاء، والاستمرار في توفير البيئة المناسبة في الفصول الدراسية والمدرسة على مدار العام الدراسي، موضحاَ أن تعليم حائل بدأت بتوفير «دفايات» زيتية في مدارس المنطقة كافة منذ اعتماد نظام الدوام الشتوي في المدارس الذي بدأ السبت الماضي. وكان المدير العام للتربية والتعليم في منطقة حائل حمد العمران منح مديري ومديرات المدارس صلاحية إلغاء الطابور الصباحي في حال اشتداد برودة الجو. يذكر أن منطقة حائل شهدت قبل عامين شتاءً قاسياً، إذ هبطت درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، ما أدى إلى وفاة الطالب باسم العنزي في مدينة الشملي أثناء الطابور الصباحي، وهو ما جعل عدداً كبيراً من العائلات في حائل تمنع أبناءها من الذهاب إلى المدارس حينها، مما دفع الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة حائل وقتها لإصدار تعميم عاجل بإلغاء الطابور الصباحي في جميع مدارس المنطقة وإدخال الطلاب مباشرة للفصول في حال كان الجو بارداً. «اختصاصي»: احتساء الحليب الساخن يقاوم أمراض البرد نصح اختصاصي التغذية الدكتور أيمن الجندي باحتساء المشروبات الساخنة وخصوصاً الحليب، مشدداً على أهمية تغيير الأنماط الغذائية مع دخول فصل الشتاء والتركيز على تناول الوجبات الدسمة التي تمد الجسم بالطاقة وترفع حرارته لمقاومة برودة الجو. وقال الجندي: «احتساء الحليب الساخن يقاوم أمراض البرد و يؤمن الدفء، خصوصاً للطلاب صغار السن قبل ذهابهم إلى المدارس»، مضيفاً أن جسم الإنسان في فصل الشتاء يحتاج إلى السوائل الدافئة التي تمده بالدفء، "ونظراً لما تحتويه المشروبات المنبهة مثل الشاي والقهوة والنسكافيه من أضرار، لذا فإنه من المفيد استبدال هذه المشروبات الضارة بأخرى مفيدة والتي أثبت الأبحاث فوائدها الصحية العديدة، ومنها الحليب الساخن خصوصاً عندما يكون محلى بقدر قليل من العسل».