بدأ الرئيس السوري بشار الأسد مساء امس زيارة رسمية الى كييف تتضمن اجراء محادثات مع نظيره الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش تبحث في تطوير العلاقات الاقتصادية وآخر مستجدات الساحتين الإقليمية والدولية، باعتبار ان كل دولة هي الشريك الاقتصادي الأكبر للدولة الأخرى في منطقتها، اضافة الى كون اوكرانيا شريكاً في فضاءات اقليمية اقتصادية تنسجها سورية. وعلم ان مسؤولين في البلدين سيوقعون، بعد جلسة المحادثات بين الأسد ويانوكوفيتش اليوم (الجمعة)، ستة اتفاقات ومذكرات تفاهم تتعلق بالتعاون الزراعي والقنصلي والاستثماري والإعلامي والنقل بين موانئ البلدين. كما تجرى اتصالات بين الجانبين لتوقيع اتفاق التجارة الحرة بين البلدين في المستقبل في ضوء نتائج اجتماعات اللجنة المشتركة الأخيرة. ويضم الوفد الرسمي المرافق للأسد، وزيري المال محمد الحسين والخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. والتقى الرئيس الأسد بعد وصوله مساء امس (الخميس) وفداً من الجالية السورية في اوكرانيا التي تضم نحو خمسة آلاف شخص، علماً أن سورية تضم نحو ثلاثة آلاف اوكراني. ومن المقرر ان يبدأ البرنامج الرسمي، في اول زيارة للأسد الى كييف، بمراسم استقبال تعقبها جلسة محادثات مع يانوكوفيتش ومراسم توقيع الاتفاقات ومؤتمر صحافي، اضافة الى لقاء الرئيس السوري مع رئيسي البرلمان والوزراء في اوكرانيا. ويتوقع ان تركز المحادثات على تطوير العلاقات الاقتصادية في ضوء تبادل الزيارات بين المسؤولين في الفترة السابقة وإرسال الأسد للرئيس يانوكوفيتش رسالة في آب (اغسطس) الماضي، وتأكيد الرئيس الأوكراني أن «استئناف الحوار على المستوى السياسي سيمكن الجانبين من دفع العلاقات قدماً». وكانت سورية أول دولة في الشرق الأوسط تعترف بأوكرانيا دولة مستقلة عام 1992 وتم افتتاح سفارة لأوكرانيا في دمشق في عام 2000 وقنصلية فخرية في حلب 2002 وتم افتتاح سفارة سورية في كييف عام 2004. كما زار الرئيس ليونيد كوتشما سورية في 2002 تم خلالها تحديد التوجهات الرئيسية لتطور العلاقات الثنائية ووضع الأطر التشريعية للتعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي بين البلدين، بحسب بيان ل «الوكالة السورية للأنباء» (سانا). وتتجاوز قيمة التبادل التجاري 1.5 بليون دولار اميركي سنوياً، ما يجعل كل منهما الشريك الأكبر للآخر في منطقته. وما ساهم في تسريع تطوير العلاقات بين البلدين ان الرئيس الأوكراني اخذ ينتهج سياسة متوازنة في علاقته بين الغرب والشرق والبحث عن طرق لإحياء العلاقات التاريخية مع شركاء تقليديين لبلاده. وعقدت اللجنة الحكومية المشتركة اجتماعات دورتها السابعة في كييف في نهاية تشرين الأول (اكتوبر) الماضي لبحث سبل تطوير التعاون التجاري ومسودة اتفاقية منطقة التجارة الحرة المزمع توقيعها بين الجانبين، والبناء على اجتماع الدورة السابعة في دمشق حيث تم خلالها توقيع 8 اتفاقات ومذكرات تفاهم وبروتوكول تعاون في مجال الصناعة والنقل والإسكان والجمارك والعدل والتجارة. وأفادت «سانا» امس ان زيارة الأسد «تعكس الأهمية التي توليها سورية لأوكرانيا ليس باعتبارها الشريك التجاري الأكبر في شرق أوروبا فحسب بل من كونها شريكاً أساسياً في فضاء التعاون الإقليمي الذي تعمل دمشق على نسجه وانطلاقاً من الدور الذي تضطلع به أوكرانيا كممر من ممرات الطاقة الكبرى التي تنقل الغاز والنفط من آسيا الوسطى والشرق الأوسط إلى أسواق الاستهلاك الأوروبية حيث تشكل المعبر الأساسي لأنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا، كما تمتلك شبكة سكك حديدية تصل شمال أوروبا بالبحر الأسود»، اضافة الى تزامنها مع «بدء رؤية سورية الاستراتيجية لربط البحار الخمسة: المتوسط والأحمر والخليج والأسود وقزوين بشبكة تعاون إقليمية، تأخذ منحى عملانياً إما من حيث إقامة شبكات ربط للنقل البحري بين المرافئ السورية ونظيراتها في كل من رومانيا وأوكرانيا أو من حيث ربط شبكات إمداد الطاقة الكهربائية أو الغاز العربية مع منظومة الطاقة الأوروبية عبر تركيا كخط الغاز العربي الذي يتم العمل على ربطه بمنظومة الغاز التركية عبر سورية وبالتالي بمنظومة الغاز الأوروبية». وفي هذا السياق، علم ان احد الاتفاقات المتوقع توقيعها اليوم (الجمعة) يتناول التعاون بين ميناءي طرطوس على البحر المتوسط واليتشوفيك على البحر الأسود، ذلك ان اوكرانيا منفذ بحري لعدد من الدول بينها بيلاروسيا التي زارها الأسد في تموز (يوليو) الماضي. وزادت «سانا» امس ان رؤية البحور الخمسة « تلقى دعماً من قادة الدول الإقليمية التي تشكل عناصر أساسية في هذا الفضاء الاقتصادي»، في اشارة الى سلسلة الزيارات التي قام بها الرئيس السوري في السنتين الأخيرتين وشملت اذربيجان وأرمينيا وسلوفاكيا والنمسا وقبرص ورومانيا وبلغاريا، اضافة الى زيارات عدة الى تركيا وتعزيز التعاون مع دول الجوار والتعاون الاستراتيجي مع تركيا ولبنان والأردن مع توقع انضمام العراق اليه مستقبلاً بالتزامن مع تعزيز العلاقات مع ايران وتوقيع اتفاق تجارة حرة خلال زيارة الأسد الى طهران في بداية تشرين الأول الماضي. ويتزامن كل ذلك مع توسيع العلاقات مع قوى صاعدة مثل الهند والبرازيل والصين بعد جولة في اربع دول في اميركا الجنوبية.