مر قطاعا العمل والشؤون الاجتماعية منذ تأسيسهما قبل 58 عاماً بمراحل عدة، بين الفصل إلى وزارتين مستقلتين قبل 13 عاماً، ثم دمجهما باسم «العمل والتنمية الاجتماعية» العام الماضي، ثم أخيراً مطالبة أعضاء من مجلس الشورى بفصلها عبر تعيين سيدة نائبة للوزير للتنمية الاجتماعية، لمواجهة شبح البطالة المتنامي، واحتياجات التنمية الاجتماعية الكبيرة. وأنشئت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بموجب مرسوم ملكي في العام 1380ه، ولعبت منذ ذلك الحين لعبت دوراً في تنمية المجتمعات المحلية، واهتمت بلجان المجتمع ومجالس المحافظات والمراكز والهجر ورعاية الشباب والأسرة والجمعيات التعاونية. وحددت الوزارة أهدافها بثلاث نقاط رئيسة، هي: «رسم السياسة العامة للشؤون الاجتماعية والعمالية في المملكة ضمن إطار مستوحى من القيم والمبادئ والنظم المرعية في السعودية، وتخطيط وتنفيذ المشاريع، والإسهام في توجيه التطوير الاجتماعي في المملكة توجيهاً متزناً، يهدف إلى رفع وعي المواطنين، وتحسين مستوى معيشتهم وتهيئة مقومات الحياة الكريمة لهم في إطار المحافظة على القيم الروحية والخلقية وتدعيمها لبناء مجتمع ناهض متكامل»، وفقاً لما جاء في موقع الوزارة. وفي العام 1425ه صدر قرار مجلس الوزراء بشطر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارتين مستقلتين، الأولى «العمل» والثانية «الشؤون الاجتماعية»، بحيث تتولى الأخيرة النشاطات المتعلقة بالشأن الاجتماعي من خلال وكالتيها الضمان الاجتماعي والشؤون الاجتماعية، التي اعتمد لها في ما بعد اسم جديد هو «وكالة الوزارة للرعاية الاجتماعية والأسرة»، وانفصلت عنها رعاية التنمية الاجتماعية، على أن تركز وزارة العمل على إيجاد فرص عمل للسعوديين. وقبل عام، وتحديداً في 30-7-1437ه، صدر أمر ملكي بدمج الوزارتين في وزارة واحدة تحت مسمى «العمل والتنمية الاجتماعية»، بهدف «التحول الفعلي لتطبيق التنمية للمواطنين الذين يعانون من بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية بدلاً من الخدمات الرعوية السابقة التي كانت تقدم لهم من دون مستوى الطموح ولم تنتج منها فوائد واضحة»، وفقاً لتصريح عضو مجلس الشورى الدكتور محمد القحطاني في حديث سابق ل«الحياة»، أشار فيه إلى أن القرار ألزم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإيجاد «برامج تدريب وتأهيل لأبناء الأسر المحتاجة، وكذلك برامج توظيف لإخراجهم من دائرة الفقر والعوز إلى دائرة العمل والإنتاج ووجود مصدر دخل مستمر». ويرى أعضاء في مجلس الشورى أن التحديات الملحة التي تواجه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية حالياً في مجال العمل، تقتطع جزءاً كبيراً من مجهوداتها في مجال التنمية الاجتماعية، ومنها مشكلات سوق العمل وسعيها لرفع معدلات فرص عمل السعوديين والسعوديات وتقليص سيطرة العمال الوافدين على «المهن الحرجة»، التي تعمل الوزارة على معالجتها من خلال برامج عدة، منها «التوطين والتنمية الاجتماعية الموجه»، وخفض مستوى البطالة، التي بلغت نسبته في العام الماضي 11.6 في المئة بارتفاع بسيط عن العام 2015 البالغ 11.5 في المئة، فيما يتجاوز عدد الوافدين 11 مليوناً. وفي الشق الآخر تتنامى المخاوف من يؤدي الدمج الحالي إلى التأثير سلباً على اهتمام الوزارة في شطرها الثاني «التنمية الاجتماعية»، بمجالاته المتنوعة، ومنها الجمعيات الخيرية التي يتجاوز عددها ال800، وكذلك المستفيدين من الضمان الاجتماعي الذين يربو عددهم على 852 ألف أسرة، ورعاية حوالى مليون من ذوي الإعاقة، إضافة إلى الأيتام والمسنين وذوي الظروف الخاصة وتنمية المرأة والأسرة والطفولة والشباب، خصوصاً مع تنامي حدة استقطاب هؤلاء من تيارات متطرفة. لكل ذلك برزت دعوات تؤكد فصل قطاعي العمل عن التنمية الاجتماعية، وفي الوقت ذاته إبقاءهما في وزارة واحدة، وذلك من خلال تعيين سيدة نائباً للوزير للتنمية الاجتماعية بصلاحيات واسعة. ويتوقع أن يناقش أعضاء مجلس الشورى الدكتورة لطيفة الشعلان والدكتورة موضي الخلف وعساف أبو اثنين، خلال الأسابيع المقبلة، توصيتهم التي تنص على «السعي إلى الفصل الإداري بين قطاعي العمل والتنمية الاجتماعية، من خلال تعيين سيدة نائباً للوزير للتنمية الاجتماعية بصلاحيات واسعة». .. وتطور مهارات مليون مستفيد عبر «دروب» تسعى منظومة العمل والتنمية الاجتماعية إلى رفع عدد السعوديين المستفيدين من برنامج منصة «دروب» الإلكترونية إلى مليون مستفيد بحلول العام 2020، ضمن خططها لتحقيق مستهدفات برنامج «التحول الوطني 2020»، وفقاً ل«رؤية المملكة 2030». وتوفر المنصة، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أمس (الخميس)، التي تم تدشينها في كانون الأول (ديسمبر) 2014، ويرعاها صندوق تنمية الموارد البشرية هدف)، دورات إلكترونية للمواطنين الباحثين عن عمل، وكذلك للموظفين الراغبين في تطوير مهاراتهم الوظيفية، كما أنها تعنى بتطوير المحتوى الإلكتروني عن طريق فريق سعودي متخصص في تطوير المحتوى بالتعاون مع الشركات المحلية والعالمية الكبرى. وتتضمن منصة دروب أكثر من 100 دورة إلكترونية تغطي المهارات الوظيفية العامة، وعدداً من المهارات المتخصصة المتوائمة مع حاجات سوق العمل السعودية، وتقدم الشهادات المعتمدة بالتعاون مع الجامعات والجهات المانحة للشهادات محلياً أو عالمياً. من جهة أخرى، تُعنى «دروب» بتدريب الموظفين على رأس العمل من خلال برنامج «تمهير»، الذي يستهدف الخريجين السعوديين ممن يحملون درجة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه، لإلحاقهم ببرامج تدريب وتأهيل لدى المؤسسات الحكومية، والمنظمات الدولية، والمنشآت المميزة، لكي يتمكنوا من اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة، لإعدادهم للعمل بدوام كامل مع تقديم مكافأة مالية للمتدرب طوال فترة التدريب، التي تتراوح مدته بين ثلاثة إلى ستة أشهر. وتوفر المنصة أيضاً الدعم والمساعدة للشركات في تقديم التدريب الإلكتروني لموظفيهم، والتأكد من أنهم يحصلون على مختلف الدورات التي تلبي حاجات المسار الوظيفي لكل منهم. وبلغ زوّارها أكثر من 2.6 مليون زائر، وتسجيل نحو 393 ألف مستفيد ومستفيدة فيها، كما تم التسجيل في 866 ألف دورة إلكترونية، واعتماد أكثر من 36 ألف شهادة. وحققت «دروب» التي تسعى لرفع عدد تطوير المهارات إلى مليون مستفيد ومستفيدة بحلول 2020، وتطوير 218 ألفاً منها في العام 2016. وتأتي مبادرات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية الجديدة في سياق المرحلة الأولى من برنامج التحول الوطني 2020 التي يجري تنفيذها حالياً بالشراكة بين مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية و18 جهة حكومية، وتتضمن 755 مبادرة في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، التي ينتظر أن تسهم في تحول المملكة نحو العصر الرقمي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتوليد الوظائف، وتعظيم المحتوى المحلي.