«بأعلى صوت بدي قول، بالغنية كل شي معقول، حدا يسمع حدا يشوف، طفولتنا بدنا ياها». هو مقطع من أغنية مصوّرة تصدح بها حناجر أطفال سوريين نازحين، يتسربون من بين الأبنية المدمرة الرمادية الفارغة من الحياة في سورية، أطلقتها منظمة «يونيسيف» لمناسبة مرور 6 سنوات على الحرب في هذا البلد. تحمل الأغنية عنوان «دقة قلب»، وتردد المقاطع الأساسية الطفلة السورية الضريرة «أنسام» (10 سنوات) التي تظهر في الشريط تحمل وردة وترتدي فستاناً مرفقاً بتاج على رأسها لتشبه بطلات القصص الخيالية، فيما يقف الأطفال من خلفها بثيابهم الرثة الملونة على سطوح بيوت سويت بالأرض ويشبعون جدران منازل مزقتها القذائف بألوان زاهية يرمونها كالطحين ويطلون بالريشة سيارات محطمة. صحيح أن الأغنية لا تأتي على ذكر سورية بالاسم وأن اللهجة التي يغني بها الأطفال أقرب إلى اللهجة البيضاء، وصحيح أيضاً أن واضع كلماتها هو عازف البيانو الأردني زيد ديراني وملحنها اللبناني جاد الرحباني، إلا أن ما يجمع هؤلاء جميعاً إيصال رسالة واحدة إلى العالم كله من أطفال سورية بأن «أوقفوا الحرب». ويمكن أن يرددها، وفق ديراني، «أطفال في دول عربية أخرى يعيشون مآسي مشابهة (29 مليون طفل عربي يعانون من الحروب حالياً)». المدير الإقليمي ل «يونيسيف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خيرت كابالاري، العائد لتوه من سورية بعدما أمضى ثلاثة أيام ضمن قافلة زارت دمشق وحمص وحلب، كان حريصاً خلال إطلاق «دقة قلب» في مؤتمر صحافي عُقد في بيروت أمس، على تأكيد «أهمية إبقاء صوت أطفال سورية عالياً». لم يتمكن المسؤول الدولي من وصف مشاهداته، ترك لكاميرا رافقته تأطير المشاهد المحزنة حتى العظم عن دمار هائل و «الأسوأ الذي شاهدته في حياتي المهنية». قال ل «الحياة» إن «الحرب لم تنته بعد، حين كنت في دمشق سمعت إطلاق الرصاص طوال الصباح، وعندما نمت في حمص كنت أسمع القصف المدفعي، وحين انتقلت إلى حلب ظّلت مدافع الهاون تقصف لساعات. إنها حرب مستمرة وتلقي بتداعياتها الفظيعة على أطفال سورية». يُجمع العاملون على الملف السوري في «يونيسيف»، على أن عام 2016 هو الأسوأ لأطفال سورية، وتفيد الإحصاءات المرفقة في تقريرها بأن كل 6 ساعات يُقتل أو يُجرح طفل داخل سورية (لا يشمل الموت نتيجة الأمراض أو عدم القدرة على الوصول إلى العيادات)، يضاف إليها أن 7 آلاف مدرسة لم تعد صالحة للتعليم، إما لأنها دمرت أو لأنها تحولت مواقع عسكرية أو ملاجئ للنازحين، وهناك 2.5 مليون طفل تركوا منازلهم وبلدهم وأكثر من 3 ملايين طفل صاروا نازحين ضمن بلدهم و5.8 مليون طفل سوري يعيشون على المساعدات الإنسانية. لم تحصل «يونيسيف» خلال عملها مع الأطفال في سورية على أدلة باستخدام الأسلحة الكيماوية ضدهم، كما أكد كابالاري، لكنه يعتبر أن «كل الأطراف المشاركين في الصراع في سورية مسؤولون، لا يُستثنى منهم أحد، عن الفظائع التي تحصل بحق الأطفال، وعليهم التحرك بسرعة لوقف الكارثة الحاصلة بحق جيل لم يفقد الأمل».