تشابكت عناوين المشهد السياسي اللبناني أمس مع «العيد التاسع للتحرير والمقاومة» والتحضيرات التعبوية للانتخابات النيابية، والتعليقات على خبر مجلة «دير شبيغل» الألمانية الذي تحدث عن ضلوع عناصر من «حزب الله» في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي أجمعت على عدم الأخذ بما جاء فيه في انتظار ما سيصدر عن المحكمة. وفرضت هذه المواضيع صدور تعليقات عليها أيضاً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على رغم أن زيارته لبيروت لبضع ساعات قادماً من دمشق كانت تهدف الى دعوة لبنان الى المؤتمر الدولي للسلام الذي تزمع موسكو عقده مطلع الصيف المقبل، استكمالاً لمسار مؤتمر أنابوليس حول السلام الشامل في المنطقة. واعلن الامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله انه يعتبر ما جاء في تقرير «دير شبيغل» اتهاماً اسرائيليا، مشيداً بشجاعة النائب وليد جنبلاط، وواصفاً العماد ميشال عون صادق. وإذ اجتمع لافروف مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة والتقى زعيم تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري في زيارة لضريح الرئيس الحريري، معلناً أن «قضيته يجب ألا تذهب سدى»، فإن الرئيس سليمان أكد له أن لبنان مستعد للمشاركة في أي مؤتمر دولي للسلام الشامل يعطي الحقوق لأصحابها. وبينما يُعقد مجلس الوزراء عصر اليوم في محاولة لإخراج التعيينات الإدارية والاتفاق على الموازنة التي هي مواضيع خلاف منذ أكثر من 3 أشهر، وسط عدم التفاؤل بالتوصل الى تسوية في هذا الشأن، ينتظر أن يسبق الجلسة، اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع برئاسة سليمان للبحث «في المواضيع المتعلقة بالمناورات الإسرائيلية (التي ستجرى بين آخر الجاري و4 حزيران/ يونيو المقبل) وشبكات التجسس والجاهزية لإجراء الانتخابات النيابية، في حضور قادة الأجهزة العسكرية والأمنية». واعتبر لافروف أن أي حل نهائي لكل المسائل العالقة في العلاقات اللبنانية – الإسرائيلية يكون فقط في سياق تسوية شاملة في الشرق الأوسط مشدداً على طريق المفاوضات. وقال أن ما نشر في «دير شبيغل» «محاولة لتسييس الأمور وشيئاً استفزازياً ومماثلاً لبعض الألاعيب السياسية». وأكد أن «من غير المقبول القيام بأي محاولة للتأثير على المحكمة»، مبدياً ثقته بأن «قيادة المحكمة لن تخضع لمثل هذه المحاولات». وعن الانتخابات النيابية قال لافروف: «إنها انتخاباتكم وليست انتخاباتنا وأياً كان اختياركم سندعمكم ولا تحاولوا أن ترتكزوا على محور خارجي بل على حكمتكم». وتمنى على المجتمع الدولي الاعتراف بنتائج هذه الانتخابات. وعلّق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مؤتمر صحافي أمس بالقول إن اغتيال الحريري هدفه الفتنة للإيقاع بين الشعب اللبناني. ورداً على سؤال عن الموقف في حال فازت المعارضة في الانتخابات قال نجاد أن لا تغيير في سياستنا تجاه لبنان ودعم المقاومة. وأضاف: «إذا فازت المعارضة في الانتخابات اللبنانية، ستتغير الأوضاع في المنطقة، ومن الواضح جداً أنه ستتشكل من ذلك جبهات جديدة تقوم على تقوية المقاومة فيها». وزاد: «أكدنا ضرورة أن يكون لبنان مستقلاً ومتحداً وحراً وسنوسع علاقاتنا معه». وكان الرئيس سليمان رأى في لقائه مع لافروف أن ما نشر عن اغتيال الحريري «مشبوه يسيء الى عمل المحكمة الدولية»، مبدياً ثقته ببعد المحكمة من التسييس. وعلّق الحريري، وبجانبه لافروف على خبر «دير شبيغل»، بالقول إن «كل ما يحكى في الصحف ويصدر عنها نعتبره كلاماً صحافياً وليس لنا أي تعليق عليه وأننا لا نحتكم إلا لقرار المحكمة التي ناضلنا من أجلها ودفعنا دماء وسقط شهداء في سبيلها». وخطا نصر الله في في احتفال أقيم في العيد التاسع للتحرير في ضاحية بيروت الجنوبية، خطوة انفتاح على رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي وتبنى عبارة جنبلاط عن أن الاتهام الموجه للحزب في جريمة الحريري أخطر من بوسطة عين الرمانة وامتدح شجاعته. وسعى نصر الله في خطابه الى إزالة الانطباع السلبي الذي نجم عن وصفه 7 أيار عام 2008 بأنه كان يوماً مجيداً من أيام المقاومة في لبنان فأقر بأنه يوم «أليم وحزين»، نظراً الى الانتقاد الذي تعرض له حتى من بعض حلفائه في المعارضة من الطائفة السنّية، لكنه عاد فبرر القتال في 7 أيار بوجود مشروع انخرط فيه تيار «المستقبل» ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ضد المقاومة و «حزب الله». وعرض بعض التفاصيل عن تلك المرحلة. وتحدث نصر الله عن الجبل والعلاقة مع الدروز وقال: «منذ تأسيس الحزب أقمنا علاقات طيبة مع كل الدروز وكل قياداتهم السياسية والمشايخ الأجلاّء وبعض النخب وأقمنا علاقات شعبية في مناطق عيش واحدة ولم نشعر في يوم من الأيام ان هناك مشكلة بين الشيعة والدروز... وبقيت كذلك حتى بعد الانقسام اللبناني في 2005 وانقسامنا الى فريقي 8 و14 آذار... وهنا لعب المير طلال أرسلان دوراً في استيعاب الأمور وكان الذهاب الى الدوحة ويجب ان نقر للأستاذ وليد جنبلاط باتجاه إيجابي واضح للتهدئة في الدوحة وبعدها،» واضاف: «أحذر أهلنا وإخواننا الدروز من كل من يريد ان يقدم لكم الشيعة في لبنان و حزب الله في الخصوص كعدو وأحذر الشيعية من كل من يريد أن يقدم لهم الدروز خصوصاً الحزب التقدمي كعدو»، وانتقل نصر الله الى الحديث عن التحالف مع «التيار الوطني الحر»، مشيراً الى أن حتى «في أصعب الظروف التي كان يعيشها التيار في لبنان وكان على صدام مع السلطة ومع القوات السورية بقينا على تواصل». واعتبر نصر الله أن «تجربتنا تقول إن العماد عون قائد لديه رؤية وبرنامج ومستقل بكل ما للكلمة من معنى فلا تأثير للسفارات عليه ولا يستطيع ان يملي عليه أحد شيئاً على خلاف قناعته ورؤيته وهو عنيد أيضاً وهذا الرجل شفاف وصادق في العلاقة لا يظهر شيئاً ويضمر لك شيئاً آخر، ليس لديه شيء تحت الطاولة ولا شي مخبأ في بطنه. يحب ان يحترم ويُحترم الآخرين. وهو من أشد المخلصين للمسيحيين في لبنان ودورهم وكرامتهم ومستقبلهم. والاهم في هذا الرجل من زاوية معاييرنا في تقويم الرجل، انه وفيّ وشهدنا هذا الوفاء في موقفه في حرب تموز ... بكل صدق وجرأة ان وجود هذا القائد وهذا التيار هو ضمانة حقيقية للبنان الواحد الموحد وقيام الدولة القوية القادرة المسؤولة». ونفى اللجوء الى «أي خطاب طائفي لأنه حرام ونعتبره يرقى الى مستوى الخيانة... نحن ذهبنا الى العصيان المدني وليس الى القتال. قطعنا الطرق والمطار والمرفأ وأخذنا قراراً بأنه إذا أطلق علينا النار فلن نسكت ليكون الرد حاسماً ومحدوداً وقاطعاً وهذا ما حصل في 7 ايار. انا قلت ما حصل في 7 أيار قطع الطريق على فتنة مذهبية بين السنة والشيعة وعلى فتنة مذهبية في بيروت كان يخطط لها. كان يمكن ان تمتد الى كل الطوائف، يعني راح البلد. قلت إن 7 أيار منع الفتنة وتحويل بيروت الى ارض محروقة واقتتال الاخوة وضرب المقاومة واقتتال المقاومة والجيش، وأسست لخروج لبنان من المأزق وبناء على هذه الأخطار التي تجاوزناها والأهداف التي تحققت سميته يوماً مجيداً. واقبل أيضاً انه يوم أليم وحزين... نعم كان يوماً حزيناً لأن هناك ضحايا في كل المناطق وخسائر مادية هنا وهناك وكان حزيناً لأنه ترك مشاعر قاسية بين اللبنانيين وكان حزيناً لان المقاومة التي صنعت الحرية والعز لكل لبنان تركت وحدها في 7 ايار تدافع عن وجودها وسلاحها. كان يوماً حزيناً واليماً لكن اقول أياً تكن الآثار والأخطار التي ترتبت تبقى اقل كثيراً من المخطط والمشروع الذي كان يراد اخذ بيروت ولبنان اليه من خلال قرارات 5 ايار». وتناول نصر الله ما نشرته مجلة «دير شبيغل» الألمانية عن احتمال ضلوع عناصر من «حزب الله» في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بقوله: «ما ذكرته دير شبيغل لنا تفسير له. ما حصل خطير جداً جداً جداً... عندما نرى ما قاله الإسرائيلي وكيف تعاطى لا يبقى الموضوع مقالاً صحافياً. في توقيت انتخابات في لبنان والإسرائيلي والأميركي يتحدثان عن خوفهما من فوز المعارضة؟ كيف نخربها ونؤثر عليها. دير شبيغل جاهزة... ما قالته دير شبيغل وعقب عليه القادة الصهاينة نعتبره اتهاماً اسرائيلياً للحزب باغتيال الرئيس الحريري وسنتعاطى مع هذا الاتهام على انه اتهام إسرائيلي».