نوّه الرئيس بشار الاسد بعد محادثاته مع رئيسة الهند براتيبها ديفيسينغ باتيل، بمواقف الهند «حكومة وشعباً على المواقف الداعمة للحق العربي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضية الجولان»، لافتاً الى ان غياب السلام في منطقة الشرق الاوسط «بسبب السياسات الإسرائيلية على رغم جهود سورية الحثيثة لتحقيقه، يزيد من حال التوتر». وجددت الرئيسة الهندية دعم بلادها «القوي لحق سورية الشرعي باستعادة الجولان المحتل كاملاً في أقرب وقت». وكان الاسد وباتيل اجريا امس جلسة محادثات بعد مراسم الاستقبال، وذلك في الزيارة الاولى لرئيس هندي لسورية، علماً ان الرئيس السوري زار نيودلهي منتصف عام 2008. وحضر المحادثات من الجانب السوري نائب الرئيس فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثنية شعبان. وقال الاسد في بيان صحافي ان زيارة باتيل «ستعزز العلاقات التاريخية التي نسجت بين سورية والهند عبر آلاف السنين بدءاً من طريق الحرير، وترجمت على مدى العقود الماضية إلى علاقات رسمية وشعبية شملت معظم المجالات وعززت الثقة والتعاون بين البلدين»، لافتاً الى ان محادثات امس تركزت على «الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات التاريخية والسياسية، خصوصاً أن حجم التبادل التجاري على رغم التزايد الذي يشهده، ما زال متواضعاً بالنظر الى إمكانات البلدين والمكانة التي يحظيان بها، سواء من ناحية الموقع الجغرافي أو التكتلات الإقليمية التي يرتبطان بها والتي تتيح أسواقاً واسعة وواعدة لحركة التجارة وتدفقاتها». وتحدث الاسد عن ميزات البلدين، وقال ان سورية «تشهد حراكاً اقتصادياً ديناميكياً لبناء جسور التعاون مع العالم الصديق وترتبط باتفاقات تجارة حرة مع مجموعة من الدول العربية ضمن إطار اتفاق التجارة الحرة العربية الكبرى واتفاقات تجارة حرة مع عدد من الدول الإقليمية، إضافة إلى عملية ربط تشمل دولاً مجاورة وأخرى أبعد جغرافياً من خلال شبكات بنى تحتية في مجالات الطاقة والنفط والغاز بهدف ايجاد فضاء اقتصادي لهذه الدول مجتمعة يوسع قاعدة المصالح المشتركة بينها». كما اشار الى ما تحظى به الهند من موارد طبيعية و «كونها جزءاً من منطقة أسواق ضخمة في آسيا، وريادتها في المجال الاقتصادي والتطور العلمي والتقني الذي حققت الهند تميزاً في شأنه على المستوى العالمي، وكذلك ارتباطها بتكتلات ومنظمات اقتصادية عالمية تضم دولاً مهمة وفاعلة على الساحة التجارية الدولية أو لجهة غناها بالموارد البشرية المتميزة». وشدد على أهمية «مضاعفة الجهود لإرساء المزيد من الأطر القانونية الناظمة للعلاقات المشتركة، خصوصاً في قطاع النقل كونه شريان التجارة، وعن الدور المتنامي لمجتمع الأعمال وضرورة انخراط رجال الاعمال من البلدين في شكل فاعل في رفع سوية العلاقات الثنائية والمساهمة كشريك حيوي في المشاريع الاستثمارية والشراكات المستقبلية بين البلدين». وبعدما شكر الاسد باتيل و «من خلالها الهند حكومة وشعباً على مواقفهم الداعمة للحق العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية وقضية الجولان»، قال انه شرح للرئيسة الهندية «كيف أن غياب السلام في منطقتنا بسبب السياسات الإسرائيلية على رغم جهود سورية الحثيثة لتحقيقه، يزيد من حال التوتر ويقوّض مساعي سورية في التنمية والازدهار الاقتصادي»، مؤكداً أن «السلام المبني على أسس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض في مقابل السلام والذي يعيد الحقوق الى أصحابها الشرعيين، وحده يضمن الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم». وأعرب عن الأمل في أن «تساعد العلاقة السورية - الهندية مع الجهود الدولية لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني المحاصر بجدار فصل عنصري». وجدد إدانة الإرهاب ووقوف سورية إلى «جانب الهند في محاربة الإرهاب من أجل الوصول إلى عالم آمن ومستقر». كما اشار الرئيس السوري الى تأكيده لباتيل دعم دمشق «ما ورد في البيان المشترك لوزراء خارجية الهند والصين وروسيا اخيراً في خصوص حق إيران وجميع الدول بامتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، مع التشديد على ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل»، والى اتفاق دمشق مع نيودلهي على «ضرورة إصلاح الأممالمتحدة لتصبح أكثر ديموقراطية وتمثيلاً وكفاية، وترحب بانتخاب الهند في مجلس الأمن عامي 2011 و2012 وتتطلع إلى تعاون كبير معها داخل المجلس». وأشار في هذا الاطار إلى «دعم سورية لحصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن». وجددت الرئيسة الهندية دعم بلادها «القوي لحق سورية الشرعي باستعادة الجولان المحتل كاملاً في أقرب وقت»، مؤكدة أن الهند «دعمت بثبات القضايا العربية العادلة كافة، وتجدد اليوم التأكيد على دعم بلادها المستمر لحل سلمي شامل ودائم في الشرق الأوسط استناداً إلى قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة». وأشارت باتيل في بيان صحافي الى ان المحادثات تناولت العلاقات الثنائية وضرورة مضاعفة مستويات التجارة البينية في السنوات الثلاث المقبلة، ذلك ان مجلس رجال الاعمال المشترك سيعقد اليوم قبل زيارتها لشمال سورية ولقاءاتها مع رئيسي مجلس الوزراء محمد ناجي عطري ومجلس الشعب (البرلمان) محمود الأبرش. وشددت على «تقوية العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، خصوصاً في المجالات التي تقدم إمكانية كبيرة للتعاون المشترك كالفوسفات والسياحة»، معتبرة أن احد الأسباب الرئيسة ل «عدم وصول الارتباط الاقتصادي إلى إمكاناته المتاحة، هو قلة معرفة كل طرف بمتطلبات الطرف الآخر ومقدراته». وأشارت الى ان حكومتها قررت تقديم خط ائتماني بقيمة مئة مليون دولار ليستعمل في قطاعات سورية يتفق عليها في شكل ثنائي، مع الأخذ في الاعتبار الأولويات السورية لتشجيع الشركات الهندية لمزيد من العمل في مشاريع التنمية في سورية. كما لفتت الى ان مشروع «مركز التميز المعلوماتي» الذي اتفق عليه خلال زيارة الأسد للهند سيبدأ العمل قريباً، وأن الهند تتطلع إلى تعاون أكبر مع سورية في مجالات أخرى مثل تقنية المعلومات والتدريب في مجالات عالية التخصص وبناء القدرة في الكثير من المجالات. وزادت نيودلهي عدد المنح المقدمة لسورية في اطار برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي من 45 منحة إلى 90 منحة. وجرى امس في مبنى هيئة تخطيط الدولة توقيع ثلاثة اتفاقات للتعاون الاعلامي والثقافي بين البلدين.