واشنطن، روما - رويترز، أ ف ب - تسعى الولاياتالمتحدة إلى احتواء التبعات المحتملة لنشر ملايين الوثائق الديبلوماسية السرية من قبل موقع «ويكيليكس»، محذِّرة الحكومات في العالم من المعلومات المربكة التي قد تكشف. وتوجه الديبلوماسيون الأميركيون إلى وزارات الخارجية على أمل امتصاص الغضب الذي قد ينجم عن نشر هذه الوثائق، وهي مذكرات داخلية تفتقد إلى اللياقة التي يتسم بها الديبلوماسيون في العلن. ويمكن أن تؤثر الوثائق، التي تشكل ثالث دفعة يكشفها الموقع منذ نشره 77 ألف ملف أميركي سري حول النزاع في أفغانستان في تموز(يوليو) الماضي، على علاقات حساسة تقيمها الولاياتالمتحدة مع دول، من بينها روسيا وإسرائيل وتركيا. وقال رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأدميرال مايكل مولن في مقابلة تبثها شبكة «سي أن أن» اليوم إن تحركات موقع ويكيليكس «خطرة للغاية»، خصوصاً على أمن الجنود الأميركيين. ودعا مولن في المقابلة التي نشر نصها ليل الجمعة - السبت، المسؤولين عن الموقع إلى الامتناع عن النشر. من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية فيليب كراولي: «نستعد جميعاً لما يمكن ان يأتي، وندين ويكيليكس لكشفه مواد سرية». وزاد: «ستعرض هذه الخطوة حياة أشخاص ومصالح للخطر، وتشكل عملاً غير مسؤول»، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة «تستعد لأسوأ سيناريو». وأضاف: «يُجري كبار المسؤولين في وزارة الخارجية اتصالات بالدول لتحذيرها من احتمال نشر الوثائق». وكشف كراولي أن بين الدول التي اتصلت بها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في شأن هذه الوثائق، ألمانيا والسعودية والإمارات وبريطانيا وفرنسا وأفغانستان. وذكر مسؤولون وصحف الدنمارك وإسرائيل والنروج وتركيا أيضاً. وفي موسكو، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مكتبه لم يبلَّغ رسمياً من قبل واشنطن في شأن كشف هذه الملفات الذي رأى انه عمل يقوم به «لصوص صغار على الإنترنت». وقال لوكالة الأنباء الروسية «انترفاكس»: «انهم يسرقون وثائق هناك، لكن لا يحصل الامر نفسه هنا، أو على الأقل ليس بهذا الحجم». ولم يكشف الموقع الإلكتروني ما تتضمنه الوثائق، لكنه قال انها «أكبر بسبع مرات» من تلك التي كانت تتعلق بالحرب في العراق والتي بلغ عددها 400 ألف وثيقة. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ديبلوماسي تركي رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته، أن واشنطن اتصلت بسلطات أنقرة «لإعطائنا معلومات في هذا الشأن، كما ابلغت دولاً أخرى تماماً». وذكرت وسائل الإعلام التركية ان التسريبات الجديدة تشمل وثائق تقول إن تركيا قدمت مساعدة إلى مقاتلي «القاعدة» في العراق، وأن الولاياتالمتحدة ساعدت انفصاليين اكراداً متمركزين في العراق لمحاربة تركيا. وصرح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده لا تعرف ما نوع الوثائق التي يضمها الملف. وأضافت شبكة «سي أن أن» التركية: «إنها تكهنات، ولكن من حيث المبدأ، أي تجاهل، أو سماح بأي عمل إرهابي انطلاقاً من تركيا ضد دولة مجاورة وبالتحديد العراق، أمر غير وارد» لدى سلطات أنقرة. وفي روما، أبلغت الحكومة أن كشف الوثائق قد يؤدي إلى «انعكاسات سلبية ممكنة على ايطاليا». وقال وزير الخارجية فرانكو فراتيني للبرلمان: «أُبلغت بأن الشخص المسؤول عن تسريب الوثائق اعتقل». ورأى وزير الدفاع السابق أنطونيو مارتينو أن من بين ما سينشره موقع «ويكيليكس» حول إيطاليا وثائق تتعلق بالقلق الأميركي على استثماراتها فيها، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الإيطالية «آكي». وأوضح مارتينو أن القلق المذكور «ناجم عن فشل منح الاستثمار في مؤسسة تيليكوم الإيطالية لمستثمرين أميركيين»، خلال ولاية الحكومة السابقة برئاسة رومانو برودي «ما ولّد شعوراً لدى هؤلاء المستثمرين أن بلادنا غير جديرة بثقتهم». ولم تؤكد السلطات الأميركية مصدر تسريب الوثائق. لكن معلومات أشارت إلى برادلي مانينغ الذي كان يعمل في الاستخبارات العسكرية، الذي اعتقل في أيار (مايو) الماضي بعد نشره تسجيل فيديو لضربات جوية أدت الى مقتل مدنيين في بغداد. وأوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول كبير، أن تل أبيب أيضاً أُبلغت بأن الوثائق يمكن أن تشمل تقارير سرية صادرة عن السفارة الأميركية فيها. وقال مسؤولون في لندن وستوكهولم وكوبنهاغن، إن البعثات الديبلوماسية الأميركية لديها أبلغتها أو اتصلت بها في شأن هذه الوثائق. من جهتها، أعلنت كندا أن سفارتها في واشنطن «تعالج هذه المسألة مع وزارة الخارجية» الأميركية. وأكدت وزارة الخارجية الأسترالية أن كانبيرا دانت كشف الوثائق، موضحة أن الولاياتالمتحدة اتصلت بها في هذا الشأن. وأعلنت في بيان ان «التهور في نشر ويكيليكس لوثائق سرية بهذا الحجم يمكن أن يعرّض للخطر أشخاصاً واردة أسماؤهم في هذه الوثائق ويضر بالمصالح الأمنية للولايات المتحدة وشركائها». من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفنلندية ان السفارة الاميركية في هلسنكي تعتقد إن نشر هذه الملفات سيكون «أخطر» عملية كشف وثائق سرية. كما أكد مسؤولون في بريطانيا والنروج والدنمارك أن الولاياتالمتحدة أبلغت حكومات بلدانهم في شأن الوثائق.