يبدو أن حماسة ترقب الناس لشتاء هذا العام لم تكن بقدر فرحتهم بمقدمه مثل ما كانت عليه سابقاً، إذ أكد خبير طبي أن تعرض الإنسان للبرد القارس يكون سبباً مباشراً في إصابة القلب بأمراض خطرة، ويتعدى الأمر ذلك إلى الإصابة بالجلطة الدماغية. وقال استشاري أمراض القلب الدكتور عمر كظلي ل«الحياة»: «لا يعي كثير من الناس ما يمكن أن يسببه التعرض لتيار الهواء البارد، والخروج في الطقس البارد عقب مكوثه فترة طويلة في مكان دافئ من دون أخذ الاحتياطات الكافية، إذ إن هناك الكثير من المشكلات الصحية التي لا تصيب جهازاً معيناً من الجسم وإنما يتعدى خطرها إلى أجهزة عدة كالجهاز التنفسي وهو أكثر ما يصاب ولكن ليس هو وحده فهناك القلب والدورة الدموية والجهاز العصبي والكثير من أجهزة الجسم التي تتأثر بالبرد، ويمتد الأمر إلى حد الإصابة بالجلطة الدماغية». وأضاف: «أعني بذلك ما يسببه البرد للقلب والدورة الدموية من آثار، إذ إن التعرض للجو البارد يؤدي إلى تقلص الشرايين خصوصاً القريبة من سطح الجلد، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم الذي تتفاوت حدته من إنسان إلى آخر، يفضي في نهاية المطاف إلى حدوث نوبة قلبية»، معتبراً تفشي الإصابة بنزلات البرد أو الأنفلونزا في الشتاء طريقاً مبدئياً لإصابة القلب وحدوث الجلطات الدماغية إذ تجد بعض أنواع «الفايروسات» و«البكتيريا» فرصتها في النمو والتكاثر في هذا الجو، وبالتالي تجد طريقها إلى اختراق وسائل الجسم الدفاعية بإصابة أغشية القلب وجدرانه وصماماته ما ينتج منه ضعفاً في عضلة القلب وهبوطاً في عملها ومن ثم لا يستطيع القلب أداء عمله بالصورة المطلوبة وما يؤكد ذلك ظهور العناء والتعب على الشخص المصاب لبذله أقل مجهود، ويصاحب ذلك صعوبة في التنفس، إضافة إلى الإحساس بألم في الصدر الذي ربما يصيب القلب فيحدث تباطؤاً في نبضاته أو عدم انتظام في ضرباته. وحذّر الدكتور الكظلي المصابين بأمراض صمامات القلب سواء كانت ضيقاً أو ارتجاعاً (غالبا ما يكون منشأها بسبب حمى «روماتيزمية» سابقة) من التعرض لموجات البرد والهواء البارد مباشرة، مبيناً أن إصابة الصمام المصاب بأي التهاب آخر من شأنه العمل على زيادة خطر حال قلب المريض أساساً وبالتالي يؤدي ذلك إلى إحداث هبوط في عمل القلب تختلف حدته وشدته ومضاعفاته، مضيفاً أن التهابات الرئة ومناطق أخرى من الجهاز التنفسي خصوصاً المزمنة منها ربما تتطور مسببة ضعفاً لعمل عضلة القلب الذي ينتج منه ما يسمى ب«هبوط القلب»، إذ أدرك العلماء والباحثون العلاقة الوثيقة بين عمل القلب والجهاز التنفسي. وفيما لفت استشاري أمراض القلب إلى أن زيادة الوزن في فصل الشتاء نتيجة تناول الناس كميات أكثر من الطعام لتصبح عبئاً يواجهه المصاب عاجلاً أو آجلاً وبالتالي تتسبب له في مشكلات صحية كثيرة من إجهاد عضلة القلب بسبب ما تحتاجه تلك الزيادة من مجهود إضافي، نوه إلى أن بعض الأدوية والعقاقير التي تصرف لعلاج الرشح والأنفلونزا ثبت أنها تحدث تسارعاً في ضربات القلب وعدم انتظامها، ما ستساعد في ارتفاع ضغط الدم الذي تحدث نتيجة له مشكلات صحية يدركها الكثير من الناس، مشيراً إلى أن زيادة وزن الجسم في الشتاء وغيره يصاحبها ارتفاع في نسبة «الكوليسترول» في الدم الذي يعد أحد الأسباب المؤدية لحدوث النوبات القلبية. وفي هذا السياق، تابع: «المعروف طبياً أن زيادة وزن الفرد يعرضه لارتفاع ضغط الدم، لذا نحذر من الإفراط في تناول الطعام لاتقاء المشكلات الصحية المذكورة، بل إن لمرض القلب علاقة مباشرة وغير مباشرة بأجهزة الجسم الأخرى، إذ إن مرض أحد الأجهزة يؤثر على غيرها». وللوقاية من الإصابة بهذه الأمراض، لفت الدكتور الكظلي إلى ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة بعدم الخروج فجأة في الجو البارد، وارتداء الملابس الضرورية للمحافظة على دفء الجسم من دون المبالغة في ذلك، وتجنب مخالطة المصابين بنزلات البرد أو الالتهابات الصدرية لسهولة انتقالها من شخص إلى آخر، إضافة إلى مراقبة وزن الجسم لما تسببه السمنة من آثار سالبة، وعدم إهمال الفرد زيارة الطبيب عند الإحساس بأي عارض مرضي فعلاج المرض عند بدايته لأي مريض بالطريقة الصحيحة يكون أسهل من معالجته عند استفحاله وظهور مضاعفاته.