قضت محكمة جنايات المنيا في وسط مصر أمس بإعدام 37 من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي والسجن المؤبد ل492 آخرين دينوا بالقتل والشروع في القتل، كما قررت الهيئة ذاتها في قضية أخرى إحالة أوراق 683 متهماً، بينهم مرشد «الإخوان المسلمين» محمد بديع، على مفتي البلاد لاستطلاع رأيه في إعدامهم لإدانتهم باتهامات مماثلة على خلفية اشتباكات وقعت عقب فض اعتصامي أنصار مرسي في آب (أغسطس) الماضي. وكانت المحكمة برئاسة القاضي سعيد يوسف صبري أحالت في آذار (مارس) الماضي أوراق 529 متهماً على المفتي لاستطلاع رأيه في إعدامهم على خلفية اتهامهم في أحداث عنف أعقبت فض اعتصامي أنصار مرسي. وخففت أمس عقوبة 492 إلى السجن 25 عاماً والغرامة، وثبتت إعدام 37 متهماً، وهو عدد كبير بالنظر إلى السوابق القضائية المماثلة في مصر. وقوبل الحكم الذي صدر بإجماع آراء هيئة المحكمة بانتقادات، خصوصاً أن أحد المحكومين بالإعدام توفي خلال الاشتباكات التي حوكم بموجبها، كما أن عائلتي محكومين آخرين قالت إنهما غادرا البلاد للعمل في السعودية قبل وقوع المواجهات التي حوكما على خلفيتها. كما أن محامي المتهمين قالوا إن المحكمة لم تمنحهم فرصة للدفاع أو لقاء بعض موكليهم. ودانت تركيا ومفوضية الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان الأحكام أمس. ومن أبرز المحكومين بالإعدام القيادي في جماعة «الإخوان» نقيب المعلمين في المنيا إسماعيل ثروت، وهو في حال فرار كغالبية المحكومين، إذ أحيل على المحكمة 120 متهماً موقوفاً فقط، والباقون فارون. ووجهت المحكمة إلى المحكومين تهم قتل نائب مأمور مركز شرطة مطاي العقيد مصطفى رجب والشروع في قتل ضابط وشرطي آخرين واقتحام مركز الشرطة. وقال نقيب محامي المنيا طارق فودة ل «الحياة»، إن غالبية المحكومين بالإعدام فارون، والمقبوض عليهم إما 3 أو 4 متهمين، لافتاً إلى أن هيئة الدفاع عن المتهمين ستطعن على الحكم. واعتبر أن «الحكم غير متوقع... لأول مرة في مصر وربما في العالم يحكم بإعدام هذا العدد، لكنني كرجل قانون احترم القضاء، والسبيل الوحيد لإلغاء الحكم هو الطعن عليه لأسباب قانونية». وأعرب عن اعتقاده بأن «محكمة النقض سيكون لها رأي آخر، لأن هناك غياباً للعدالة الإجرائية». وأوضح أن إحالة أوراق المتهمين على المفتي تمت بعد جلسة واحدة استغرقت أقل من ساعة. وقال: «نحترم الحكم لكن قطعاً سنطعن عليه». ووفقاً للقانون، فإن الحكم يُلغى بالنسبة إلى الفارين فور القبض عليهم وتعاد محاكمتهم. أما الموقوفون، فيجوز لهم نقض الحكم أمام محكمة النقض التي يجوز لها إما تأييده ليصبح باتاً ونهائياً وغير قابل للطعن، أو نقضه وتحديد دائرة مغايرة لإعادة المحكمة، وبعد نطق تلك الدائرة بحكمها يجوز لهم الطعن عليه ثانية، وفي هذه الحال إما أن تؤيد محكمة النقض الحكم أو تتصدى بنفسها للمحاكمة. وفي قضية أخرى، قررت المحكمة نفسها برئاسة القاضي صبري إحالة أوراق 683 من أنصار مرسي، بينهم مرشد «الإخوان» محمد بديع، على المفتي تمهيداً لإعدامهم، على خلفية أحداث العنف التي شهدها مركز شرطة العدوة وقُتل فيها 16 شرطياً، عقب فض اعتصامي «رابعة العدوية» و «النهضة» في 14 آب الماضي. وحددت للنطق بالحكم جلسة 21 حزيران (يونيو) المقبل، إلى حين ورود رأي المفتي، علماً بأنه غير ملزم لهيئة المحكمة. وقررت المحكمة أيضاً تغريم عدد من المحامين بينهم نقيب محامي المنيا طارق فودة و3 من وكلائه وعضوان في مجلسها، 50 جنيهاً، وإحالتهم على المحكمة التأديبية «لامتناعهم عن الدفاع عن موكليهم» في قضية العدوة. وأوضح فودة أن عدم حضور جلسة محاكمة العدوة في 25 آذار (مارس) الماضي سببه «القرار الذي كان صدر قبلها بيوم في قضية مطاي بإحالة أوراق المئات على المفتي، ورأينا فيها غياباً للعدالة الإجرائية، فامتنعنا من حضور جلسة العدوة». وتعتبر إحالة أوراق بديع على المفتي أول حكم ضده، وأشد عقوبة على قيادي في جماعة «الإخوان» منذ أحيل قادتها على محاكمات في قضايا عدة، لكن يمكن تخفيف العقوبات على عدد من المحالين كما حدث في قضية مطاي. ويُحاكم بديع في عشرات القضايا، وظهر أمس في قفص الاتهام في أكاديمية الشرطة حيث يمثل أمام المحكمة في قضية اتهامه ومرسي وقيادات في الجماعة بتهمة التخابر. وأبدى عدم اكتراث بالحكم بإعدامه، وابتسم مرات عدة. ونطق القاضي بالحكم وسط غياب كل المتهمين بسبب الإجراءات الأمنية، كما لم يُسمح لا لذويهم ولا لوسائل الإعلام بحضور الجلسة التي شهدها محامون فقط. وشهدت المحافظة استنفاراً أمنياً خشية حدوث أعمال عنف بعد النطق بالأحكام. وانتشرت الشرطة وقوات وآليات من الجيش في ميادين المحافظة بكثافة، وأمام قرى عدة تقطنها عائلات عشرات من المحكومين. وتعالت صرخات أهالي المحكومين فور إبلاغهم بالحكم عبر المحامين، لكن قوات الشرطة منعتهم من التقدم صوب مجمع المحاكم الذي فُرض حوله طوق أمني مشدد. وهتف الأهالي: «باطل» و «يسقط حكم العسكر». كما شهدت منطقة تجمعهم حالات إغماء عدة. ووقعت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة وطلاب مؤيدين لجماعة «الإخوان» في جامعة المنيا التي أحرق طلاب فيها أشجاراً وواجهات بنايات، فاقتحمتها قوات الشرطة ودارت مواجهات عنيفة استخدمت فيها الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، وردّ الطلاب برشق القوات بالحجارة والزجاجات الحارقة. وألقت الشرطة القبض على عدد من الطلاب. وتكرر المشهد ذاته في جامعات أسيوط والإسكندرية والفيوم التي اقتحمتها قوات الشرطة. وشهدت جامعة الأزهر ومدينتها الجامعية أعنف الاشتباكات، وأخلت الشرطة كلية الزراعة في الجامعة، ودخلت في مواجهات عنيفة مع متظاهرين من طلابها حطموا مدرجات ومعامل في الكلية لمنع زملائهم من تأدية الامتحانات العملية. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة في الكلية والمدينة الجامعية، وسُمع دوي إطلاق نار لم يتسن تحديد جهته، وأصيب أكثر من طالب وعامل واحد بطلقات خرطوش في أنحاء متفرقة من أجسادهم.